الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مُسْتَقبل شِبْه الجَزِيرة الكُوريّة فِي حِسَابَات -ترَامبّ-

خالد التاج
(Khalid Ettaj)

2017 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو أن مسألة احتواء المارد الكوري الشمالي ومخاطر برنامجه النووي على أمن وسلامة الولايات المتحدة وحلفاءها في منطقة شرق آسيا و المحيط الهادئ لاسيما كوريا الجنوبية و اليابان ،لم تكن على الأرجح بتلك السهولة التي لازمت تدبير قضايا مماثلة أو بالأحرى أقل خطورة على الأمن و السلم الدوليين كقضية المزاعم التي أثارتها إدارة بوش وبلقنة المشهد حول حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل، حيث شكلت بذلك ذريعة لشن حرب شاملة عليه سنة 2003 أدت في نهاية المطاف إلى تفكيك نظام صدام حسين و ما لا يقل عن مليون قتيل فضلا عن دخول البلاد في دوامة من العنف الطائفي وزرع بذور التقسيم على أساس طائفي و عرقي.
ولعل ما أصبح باديا للعيان بشكل واضح هو أن قضية برنامج كوريا الشمالية النووي والذي ما فتأت سلطات بيونغ يونغ تعترف بامتلاكه ولم تتردد ولو للحظة في إعلانها عن القيام بسلسلة تجارب صاروخية باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية بإمكانها الوصول لأهداف داخل الأراضي الأمريكية ، الشيء الذي أضحى في نظر الكثير من المتتبعين يزيد من تعقيد الموقف ويجعله أكثر خطورة، حيث لم تتثني تهديدات ترامب القاضية بتدمير كوريا الشمالية تدميرا كليا و ذلك على هامش افتتاح أشغال القمة ال72 للجمعية العامة للأمم المتحدة ، وهو ما اعتبرته الخارجية الكورية الشمالية يرقى إلى "نباح كلب" ولا يخيفها.

- فشل نظرية الصبر الإستراتيجي

أمام هذا التحدي المتنامي، تبدو خيارات الولايات المتحدة في التعاطي مع هذا الملف صعبة للغاية بل ويزداد الأمر صعوبة منذ صعود الرئيس ترامب، حيث استفادت قيادة بيونغ يونغ على ما يبدو بانغماس واشنطن و لوقت طويل بقضايا ومشاكل الشرق الأوسط وذلك على حساب هذا الملف ، و حيث لم تسفر العقوبات الاقتصادية المفروضة على بيونغ يونغ عن نتائج ملموسة في ما يخص الحد من قدراتها العسكرية و برنامجها النووي ، بل يمكن القول أن الأمر قد أتى بنتائج عكسية تماما لاسيما في ظل تلويح نظام "كيم جونغ أون" بتجربة قنبلة هيدروجينية في المحيط الهادئ في رد هو الأعنف من نوعه على سلسلة المناورات العسكرية الأمريكية ، وهي كلها مؤشرات أصبحت تدلل و بما لا يدع مجالا للشك على أن الوضع في شبه الجزيرة الكورية قد بات أقرب إلى التصعيد منه إلى التهدئة كما أن نظرية الصبر الإستراتيجي المعلنة لوقت طويل في تدبير الملف قد باتت من الماضي.
- خيار توسيع دائرة العقوبات الاقتصادية
جاء الإعلان عن توقيع الرئيس ترامب لأمر تنفيذي يقضي بفرض عقوبات أمريكية جديدة على شخصيات و شركات تتعامل مع كوريا الشمالية مع كل ما يحمله القرار من قيود مصرفية وحق اعتراض شبكات الشحنات التجارية التابعة لكوريا الشمالية بهدف تجفيف مصادر تمويل برنامجها النووي ليزيد من تعقيد و ضبابية المشهد، وذلك أخذا بالاعتبار حجم التبادل التجاري الذي يبلغ نحو600 مليار دولار بين الولايات المتحدة و الصين التي تعتبر الحليف الأقوى لبيونغ يونغ ، أو باقي شركاءها عبر العالم.
يأتي كل ذلك في سياق وجود تضارب في المصالح وانقسامات حادة في مجلس الأمن الدولي وفي ظل التلويح باستخدام حق النقض "الفيتو" ضد أي قرار قد يعتبر مشددا ضد بيونغ يونغ على الرغم من طابع الإجماع الذي بدت عليه جلساته الأخيرة، وفي ظل وجود تباينات حادة في المواقف حتى داخل حلفاء واشنطن سيما بعد تصريحات ترامب النارية حيث جاءت أبرز الانتقادات هذه المرة من ألمانيا وسيول وطوكيو بل و حتى من داخل الولايات المتحدة نفسها .

- الخيار العسكري كابوس يؤرق الجميع

في الوقت الذي يصرح فيه الرئيس ترامب بأن الخيار العسكري قد أصبح جاهزا للتنفيذ في حالة ما لم تتحلى قيادة بيونغ يونغ بالحكمة، و في خضم ارتفاع حدة التوتر الناجم عن الوثيرة المتصاعدة للمناورات العسكرية و التجارب الصاروخية، ووسط سيل من الحرب الكلامية غير المسبوقة و الاتهامات المتبادلة بين الطرفين الأمريكي و الكوري الشمالي اللتين تعتبران بحكم الأمر الواقع بمثابة قوتين نوويتين، يبدو أن سيناريو الحرب الشاملة قد أضحى كابوسا حقيقيا يؤرق دول جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ و باقي دول العالم، الشيء الذي حدا بجيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي وبخلاف ترامب بأن يؤكد بأن نتائج أي حرب محتملة ستكون "كارثية".

- بين اعتماد الخيار الدبلوماسي و إرساء توازنات جديدة

مما لا شك فيه أن سلطات طوكيو حليفة واشنطن لن تشعر بأي ارتياح حينما ترى صاروخا كوريا شماليا يعبر مجالها الجوي، كما أن سيول لن تكون كذلك عندما ترصد مدفعية جارتها الشمالية ترابض على مقربة من حدودها، وفي الوقت ذاته فإن بيونغ يونغ و بيجين لن تشعرا بالارتياح أيضا عندما يتم نشر منظومة الصواريخ الأمريكية "ثاد " على الأراضي الكورية الجنوبية أو تحليق مقاتلات أمريكية فوق أجواءها على مقربة من الحدود المتاخمة لجارتها الشمالية، الشيء الذي يزيد من حدة التوتر بالمنطقة .. لكن السؤال الذي سيبقى مفتوحا هو إلى أي مدى يمكن التعويل على الحليف الأمريكي في الدفاع عن الأراضي اليابانية والكورية الجنوبية؟
هذا السؤال يجد حجيته على سبيل المثال لا الحصر في التباينات الحادة وحالة عدم الانسجام بين بعض الحلفاء داخل حلف شمال الأطلسي كتركيا التي تعد ثاني أكبر قوة عسكرية ضمن الحلف وباقي الحلفاء وعلى رأسهم واشنطن على خلفية ملف دعم حزب الإتحاد الديمقراطي الذي تصفه تركيا "بالإرهابي" وهي خطوة تراها أنقرة تهدف إلى تقويض أمنها القومي و مصالحها الحيوية، وفي المقابل نزوع سلطات أنقرة إلى اقتناء منظومة S - 400 الروسية المتطورة في خطوة هي الأولى من نوعها يخطوها عضو داخل حلف الناتو و ينْظر إليها باقي الحلفاء بكثير من التوجس، ينضاف إلى ذلك رؤية الرئيس دونالد ترامب المتعلقة بمبدأ سحب الجنود الأمريكيين المنتشرين خارج الأراضي الأمريكية و مبدأ الدفع ومساهمة الشركاء الأوروبيين مقابل الحماية الأمريكية و هي رؤية لاقت انتقادات حادة من باقي الحلفاء الأوروبيين.
فهل تدفع أجواء كهذه كوريا الجنوبية إلى المزيد من التسلح و من خلفها اليابان إلى التفكير في إرساء توازنات جديدة و تغيير قواعد اللعبة عبر الانسياق وراء مزيد من التسلح و الاعتماد على النفس في مواجهة أي تهديد كوري شمالي و بالتالي التحرر من بعض قيود معاهدة سان فرانسيسكو أم أن المظلة الأمريكية و الخيار الدبلوماسي سيظل مفتوحا في أفق تحقيق تسوية سياسية للنزاع و تخفيف حدة التوتر في خطوة قد تكون مشابهة للاتفاق النووي الإيراني؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قضية احتجاز مغاربة في تايلاندا وتشغيلهم من دون مقابل تصل إلى


.. معاناة نازحة مع عائلتها في مخيمات رفح




.. هل يستطيع نتنياهو تجاهل الضغوط الداخلية الداعية لإتمام صفقة


.. بعد 7 أشهر من الحرب.. تساؤلات إسرائيلية عن جدوى القتال في غز




.. لحظة استهداف الطائرات الإسرائيلية منزل صحفي بخان يونس جنوبي