الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الغزو المسلّح، والتّعفيش
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
2017 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية
كانت قبائل العرب تغزو بعضها البعض ، يتقاسم الزّعماء الغنائم الكبيرة، والسبايا، وما يتبقى على أرض المكان يأخذه المحاربون الصغار من الغازين، فالغزو كان في أغلب حالاته سطواً مسلّحاً، ولا زالت ثقافة الغزو في ثقافة جميع الشعوب التي تسكن المنطقة العربية، والتي وحدها في يوم من الأيّام الغزو تحت راية الإسلام.
لا أود أن أقدّم فكرة عن تاريخ العرب. أكتب عن ثقافة الغزو السّورية والتي تسمى بالعاميّة التّعفيش"، والتي تمارس من قبل أنصار كلّ من يملك السّلاح.
في تاريخ سوريّة ليس البعيد كان هناك قطّاع طرق يشلّحون من يعتقدون أنّ لديه مالاً، أو حتى حصان، حسب رواية أبي، وكانت أسماؤهم معروفة سواء في السّاحل، أو في الرّيف السّوري الآخر.
لم تغب صورة التّشليح عن المجتمع، تحت اسم قوانين، أو عدالة ، فقد تم تشليح الأرض تحت اسم " الإصلاح الزراعي" وتوزيعها على المشلّحين باسم أقاربهم، وأولادهم، حيث أفقر البعض، واغتنى البعض على حسابهم. كنّا أمام تعفيش قانوني، فالعائلات في دمشق أُخذت أملاكها تحت اسم أملاك دولة ثم استثمرت من قبل المعفّشين، ولن تستغرب إن عرفت أنّه في دمشق" الياسمين" قد لا تجد أهل الشّام الذين زرعوا الياسمين.
أول مرّة سمعت بالسرّقة عن طريق التّعفيش كان في الثمانينيات من القرن الماضي حيث عفشت حماه من قبل الموظفين، والجنود الغرباء عن المدينة، ومن المفارقة أنّه كان لدينا-في مكتبنا- دعوى طلاق ومطالبة بمهر من قبل زوجة، فأتى الزوج بعد قدومه من حماه، وكان مجنّداً إجبارياً، ودفع المبلغ عداً، ونقداً. سألته من أين لك المبلغ، وقد كنت تشكو؟ أجابني." الله بيرزق" قال لنا الضابط. كل ما تجدونه لكم. شممت رائحة المال، وكأنّه قادم من القبور.
أول مظهر للتعفيش كان بعد الثورة السّورية حيث كان الجنود، وما يسمى الشّبيحة يأخذون كلّ ما في البيوت، وسألت امرأة أحدهم لماذا يأخذ غسالتها، فأجابها: أمي ليس لديها غسالة.
الغزو، أو السطو المسلح عاد إلى سورية، فأنت تعتقل رب أسرة، وتنهب ما عنده، وتغتصب زوجته، أو ابنته، وكان هذا في الفترة الأولى يقتصر على النظام، ومواليه، لكن بمجرّد أن أصبح هناك فصائل مسلحة أصبح التعفيش يطال تلك المناطق، وقتل النساء تحت حجة الزنا، أو غيره، ولا بدّ هنا إلى أن أشير إلى قرى مدينتي السّلمية التي تعرّضت إلى قصف ما يدعى داعش، ونحن لا نعرف من هو داعش، فأهل مدينتنا حدّدوا مكان الصّواريخ، لكن كما يبدو أنّها قد توقّفت، وبدأ التّعفيش، ومن يتجرّأ عليه إلا إذا كان مدعوماً من سلطة ما. أغلب المعفشين هم من القرية نفسها ربما ، أو القرى المجاورة.
نسمع بالتحرير. تحرير الرّقة والميادين. نعم. تم تحريرها من السكان بسطو مسلّح مزود بطائرات، ومدافع، وخرج الشيوخ والأطفال والنساء مدمّمين، أذلاء، جائعين، وبدأ المنتصرون بالتّعفيش.
لا أهداف في سورية اليوم سوى المال، فمن يُقتَلُ من أجل ماله كما جرى للمحامية السورية التي قتلها أصدقاؤها، أو كما جرى لعروبة بركات وابنتها، أو غيرها من الجرائم التي كان هدفها المال، وكل المليشيات المسلحة، وحتى لو سمّت نفسها قوات ديموقراطية أو إسلامية هدفها المال، وعندما نقول المال، فإنّنا نعني أنه يذهب لحساب شخص، أو عدة أشخاص فقط ، أما المحاربون، وربما تسمية القتلة هي الأسلم فهم أحياناً مرغمون، وفي أحيان أخرى من أجل مرتب بسيط يعيشون منه.
يشجّعوننا على الحرب ضد فلان، وفلان، ويسمونهم غزاة، وهم يجلسون قرب الغلّة يعدون مكاسبهم. وربما يكون السّؤال مشروعاً: لماذا يقتل الشّباب؟
والجواب: الشّباب حطب.
لو كنت سورياً مع من ستناضل؟
لا يوجد نضال. يحتاج السّوري اليوم إلى حماية، ولا يهم من أيّة دولة تأتي، شرط أن لا تكون من المليشيات. حماية تعيد الأمن، وبعدها يمكن للسوري أن يستعيد قيمه، وعندما أقول حماية أستبعد جميع الفئات السّورية على الأرض، وأمريكا أيضاً، فكل هؤلاء غزاة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الإدارة الأميركية تبحث إنشاء قوات متعددة الجنسيات لحفظ السلا
.. شاهد| دوي اشتباكات عنيفة في محيط مستشفى الشفاء بغزة
.. بينهم 5 من حزب الله.. عشرات القتلى والجرحى بقصف إسرائيلي على
.. بعد سقوط صواريخ من جنوب لبنان.. اندلاع حريق في غابة بالجليل
.. أميركا ترصد مكافأة 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن -القطة ا