الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فن الاستشراق في الشرق

حسام ابو النصر

2017 / 10 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ترك الاستشراق نماذج مشرقة وهامة من الفنانين المستشرقين الرسامين والفتوغراف التي شلكت لوحاتهم مخطوطات فنية ابرزت الحياة العربية اجتماعيا وثقافيا ومعماريا، بكل تفاصيلها ورغم ان بعض اعمالهم كانت ذات طابع امبريالي استعماري الا انها اغنت المكتبة العربية العالمية وشكلت شاهد مهم على تلك الحقب التي مرت على بلاد الشام محفوظة الان في متاحف اوروبا والغرب، بل والرجوع لتلك اللوحات حدد معالمها في كتابة التاريخ وبينت مدى التداخل في الحياة الثقافية والمعمارية لبلاد الشام، فمن يشهد لوحة المسجد الاموي في دمشق ولوحة المسجد الاقصى في القدس يشك انهما نفس المكان لتشابه التفاصيل التي تؤكد عدم قدرة تغيير ذلك واخفاؤه في تلك اللوحات، وبرز كثيرا من الرسامين المستشرقين اهمهم روبرت ديفدس، وطومسون الذين تركوا اهم اللوحات التاريخية عن مدن بلاد الشام اصبحت فيما بعد مرجعا هاما، حيث كشفت الحياة الطبيعية للمدن والقرى المركزية خاصة ما قبل الاستعمار الحديث حتى تاريخنا المعاصر، وضحدت الادعاءات الاستعمارية باننا شعوب لم تكن لنا حضارة بالاصل وان الاستعمار جاء ليعمرها ويبنيها .
واهم اللوحات الفنية في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً الشام ومصر والجزائر، تعود للفنانين المستشرقين، أو ما يطلق عليهم فنانو القرن التاسع عشر الأوروبيون، باعتبارهم المؤسسين للفنون الاستشراقية التي كانوا يعكسون فيها واقع الشرق. وقد شهد الجزء الأخير من القرن التاسع عشر الاهتمام الأكبر من قبل الغربيين لمعرفة الحياة العربية وطبيعة تلك الحياة وتعقيداتها. ولما كان الفنانون عادة أشبه بالموثقين عبر الصورة (اللوحة) بما يوازي الصورة الفوتوغرافية، أو الأفلام الوثائقية في عصرنا الحديث للحياة السائدة في عهدهم، فقد حقق فنانو القرن التاسع وبقدرات عالية كل مظاهر الحياة العربية في ذلك القرن، برزت فيها الموضوعات التي تميزت بالألوان وشمس الشرق؛ إذ صوروا المشاهد في الطبيعة أو الحياة الاجتماعية أو مظاهر الآثار.
ومن شدة الاهتمام من هؤلاء الفنانين بهذا الواقع أنشؤوا استوديوهاتهم الخاصة التي يمارسون فيها الرسوم واستكمال اللوحات التي رسموها. وإذا كان الرسامون المستشرقون قد غطوا بلوحاتهم مظاهر الحياة اليومية في الأزقة والبيوت والأسواق، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد شملت اللوحات الحياة البدوية والقرى والأرياف ومشاهد الفروسية العربية في الصحراء التي تزدان بلونها الذهبي عند الغروب، وصور النساء في الواحات يحصدن الذرة، أو يجلبن الماء.
وكانت رحلة الحجاج إلى الأراضي المقدسة تعني، في نظر الغرب، فلسطين، مقر الديانات الثلاث، نظراً إلى أهمية أريحا تاريخياً كبقعة سمّيت"مدينة النخيل"، وهي أقدم مدن العالم القديم التي تعود إلى تسعة ملايين سنة، وارتبطت بمرور الأنبياء والغزاة والفاتحين. وشكلت يافا موئلاً للحجاج الآتين من الغرب، الذين كانوا يصلون إليها في تشرين الثاني نوفمبر، ومنها ينتقلون إلى القدس. وقد شجعت حرية الملاحة في مرفأ بيروت، منذ مطلع ثلاثينات القرن الـ19، الأجانب على زيارة الأراضي المقدسة والإقامة في ربوع لبنان، لا سيما بعدما تحولت بيروت جسراً يصل الشرق الأدنى بالغرب.
وقد تعددت جنسيات الفنانين في تلك الفترة، منهم الفرنسيون والإيطاليون والنمساويون.. لكن فنون الاستشراق تضم في الواقع عدداً كبيراً من الفنانين المجريين واليونانيين والبريطانيين والإسبان والألمان. ويمكن القول إن الفنانين الفرنسيين هم الأبرز لهذا الفن، وفي مقدمتهم جيرومي. ويأتي تميز الفرنسيين لتعمقهم في رسم التفاصيل بدقة، وباستخدام الألوان المناسبة والغنية ورسم التفاصيل الدقيقة. أما النمساويون فأعمالهم تتميز بالإحساس المرهف والاهتمام بتفاصيل المناظر الداخلية.
ومن اهم الفنانين الرسامين المستشرقين : جاين بابتيس ( 1671–1731)، جين إتيان (1702–1789)، جان أوغست (1780–1867)، ديفيد روبرتس (1796–1864)، ديلاكروا (1798–1863)، جون فردريك (1805–1876)، إدوارد لير (1812–1888)، غوستاف بوولنجر (1824–1888)، البرتو باسيني (1826–1899)، ادولف شراير (1828-1899)، فريدريك ليتون (1830–1896)، جايمس تايسوت (1836–1902)، غوستاف اشيل (1840-1887)، ادوين لورد (1849–1903)، ثيودور راللي (1852–1909)، جوليو روزاتي (1858–1917)، بول ليروي (1860–1942)، ناصر الدين دينيه (1861 –1929)، إدموند دولاك (1882 –1953)، الكسندر روبتزوف (1884–1949)، ايسيم كافادار (1885–1940)، هانز فير (1909-1981).
عاد روبرتس إلى انكلترا وفي جعبته مئات الدراسات بالألوان المائية، فنشرها بين عامي 1842 و1849 في ستة مجلدات تحتوي 247 ليتوغرافيا: مناظر من الأراضي المقدسة وسورية وفلسطين والجزيرة العربية ومصر والنوبة. وإذا كانت دمشق هي حلم روبرتس الذي لم يتحقق، فإنها تتراءى في أعمال مواطنه الانكليزي وليم بارتليت الذي تغنى بها. فقد سجلت رحلته إلى الشرق للمرة الأولى عام 1834، حين زار يافا وعكا لينتقل بعدها إلى صور وصيدا وبيروت وطرابلس وإهدن وجبل لبنان وبعلبك، قبل أن ينهي جولته في دمشق. رسم مئات المناظر بمحلول أحبار اللافي lavis الشفافة القريبة من المائيات، التي نشرها عام 1835 في كتاب بعنوان"سورية الأرض المقدسة"، تضمن 107 لوحات غرافور مع مقدمة كتبها جون كارن.
ونستطيع القول ان المستشرقين تركوا اهم الارشيف الوثائقي والمخطوطات التي تؤكد التجذر الحضاري العربي في الشرق ، ومهما كانت رؤيتهم سلبية ام ايجابية لم يستطيعوا اخفاء هذه الحقيقة التي ارقت الغزاة حتى يومنا هذا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإيراني يحتفل بيومه الوطني ورئيسي يرسل تحذيرات جديدة


.. زيلينسكي يطلب النجدة من حلفائه لدعم دفاعات أوكرانيا الجوية




.. الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 14 جنديا جراء هجوم لحزب الله الل


.. لحظة إعلان قائد كتيبة إسرائيلية عن نية الجيش اقتحام رفح




.. ماذا بعد تأجيل الرد الإسرائيلي على الضربة الإيرانية؟