الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحداثة مع العلوم أم مع تراث التخلف؟

طلعت رضوان

2017 / 10 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الحداثة مع العلوم أم مع خرافات تراث التخلف؟
طلعت رضوان
بعد حرب أكتوبر1973 انتشرتْ 3مظاهر فى وقت مُـتقارب الأولى (الصحوة الإسلامية) الثانية (شركات توظيف – نهب - الأموال) الثالثة (الدعاة الجدد) أى أنّ المظاهر الثلاثة كانت تسير فى إتجاه واحدهو تعظيم اللغة الدينية لينتكس مجتمعنا المصرى ويرجع للخلف أى للتخلف، وعن الظاهرة الأولى ذكرد. فؤاد زكريا : إنّ أمريكا هى أكثر المهتمين بتلك الظاهرة التى تسميها ((يقظة إسلامية)) بينما هى فى الواقع ((نوم لا يقظة، وموات لا بعث)) وأنّ مصطفى محمود كان أحد الذين شاركوا فى تلك الجريمة فى حق شعبنا المصرى، خصوصًـا بعد صدور كتابه (الماركسية والإسلام) الذى مولته السعودية، وهاجم فيه الفكر الماركسى لصالح الدعاية للإسلام، رغم أنه لم يقرأ أصول كتب ماركس، واختتم د. زكريا كتابه بأنْ سأل مصطفى محمود : هل ننتظر منك كتابـًـا عن (الرأسمالية والإسلام)؟ (الصحوة الإسلامية فى ميزان العقل – دار الفكر المعاصر- يناير1987- ص13، 222)
أما ظاهرة شركات (نهب الأموال) الشهيرة (بتوظيف الأموال) فقد تسبـّـبتْ فى خراب بيوت آلاف المخدوعين باللغة الدينية، خاصة وقد شارك فيها كبار الشيوخ الذين اكتسبوا شعبية بسبب ظهورهم فى التليفزيون، أمثال الشيخ الشعراوى، وغيره من الذين وردتْ أسماؤهم فى (كشوف البركة) ومعهم بعض الصحفيين، وكانت الحملة ضد البسطاء شديدة القوة، حيث الاعلانات التليفزيونية، ونشر إعلان (على صفحة كاملة) فى الصحف الحكومية، وبه الجملة التالية ((إنّ المرء الذى يزنى بأمه فى الكعبة، أهون عند الله من آكل مال الربا)) وكان الإعلان بين أقواس، ليوحى للقارىء بأنه حديث نبوى أو مأثور إسلامى.
أما ظاهرة (الداعيات) فقد جاءتْ بعد انتشار ظاهرة (الدعاة الجـُـدد) والتى تبنـّـاها وزير الأوقاف، حيث أعلن فى شهرمارس91 فى صحيفة الأهرام عن فتح باب (معهد الدعاة) أمام ((شباب علماء مصر من أطباء ومهندسين وصيادلة إلخ ، فكان تعليق أ. خليل عبدالكريم ((وكأنّ مصر قد تربعتْ على عرش علوم الطب والهندسة والعلوم الطبيعية وعلم الهندسة الوراثية، فيقوم بسحب العلماء من مجالات تخصصهم ليقوموا بمهمة (الدعاة) وإذا كان العكس هو الصحيح، أى أنّ المسألة بين مصر والبلاد التى تــُـعطى كل إهتمامها لتلك العلوم لازالت بعيدة، فإنّ دعوة وزير الأوقاف ستكون نتيجتها الحتمية هى ((تجريف أرض العلوم الطبيعية فى مصر)) (الأهالى20/3/91)
فإذا كان الأمر كذلك أفلا يحق القول أنّ النتيجة هى قمة ما تسعى إليه الرأسمالية العالمية حتى تظل هى المُـحتكرة للعلوم الطبيعية، وبالتالى السيطرة على الدول التى تحتقر تلك العلوم كما فعل وزير الأوقاف؟
ولكن هل توقف الأمرعلى معهد الدعاة والداعيات الذى أنشأه وزير الأوقاف عام91؟ لقد أصبح هناك أكثر من معهد وأكثر من منافس. وعلى سبيل المثال تـمّ افتتاح بعض المعاهد الجديدة لتــُـلائم مستوى أبناءالأثرياء الجـُـدد ، مثل الجامعة الأمريكية الإسلامية، والجامعة الإسلامية الأمريكية (لا يوجد أى خطأ طباعى، فهما جامعتان تحملان نفس الاسم مع ملاحظة التقديم والتأخير فى كلمتىْ الإسلامية والأمريكية) وهاتان الجامعتان مسجلتان رسميـًـا فى أمريكا. ووقعتْ كل منهما بروتوكول تعاون مع جامعة الأزهر((وهكذا نجد أننا إزاء جامعة أزهر قطاع خاص، أو جامعة أزهر أمريكية. يستطيع الطالب أنْ يلتحق بها مقابل40 دولارًا لكل ساعة دراسة. وستجد فى سجلات الطلاب القدامى أسماء مثل عمرو خالد وصفوت حجازى. أما إذا أردتَ أنْ تــُـخمن أسماء نجوم الدعوة الجديدة، فعليك أنْ تبحث فى سجلات الطلاب الجـُـدد الراغبين فى الدراسة فى جامعة الأزهر الأمريكية)) (وائل لطفى : ظاهرة الدعاة الجدد - مكتبة الأسرة - عام2005- ص145، 206)
وفى لقاء المؤلف مع عضوات نادى الروتارى ونوادى الأثرياء الجدد، اكتشف أنّ الكثيرات من الطبيبات والمهندسات تركنَ الطب والهندسة ودخلنَ (معهد الداعيات) وحكتْ له إحداهنّ أنها ظلــّـتْ لسنوات غير مقتنعة بالحجاب وأنه ليس فريضة، والذى أقنعها بذلك المستشار محمد سعيد العشماوى فى مجلة روزاليوسف. ولكن بعد أنْ دخلتْ (معهد الداعيات) قالت عن المستشار العشماوى وأمثاله ((قاتلهم الله)) (ص166)
بعد أنْ تركتْ المهندسات والطبيبات تخصصاتهنّ، انتقلتْ الظاهرة إلى (الفنانات التائبات) اللائى تحولنّ إلى (داعيات) ونقل التليفزيون (الحكومى والخاص) بعض الحلقات وهنّ يـُـقـدّمن (محاضراتهنّ) عن (التقوى) و(الهداية) التى نزلتْ عليهنّ بعد أنْ (عرفنَ حقيقية الإسلام) وبالتالى (عرفنَ طريقة التوبة) والبـُـعد (عن الفن) و(عن طريق الضلال) و(الغواية) إلخ.
وكانت تلك (الفنانات) اللائى تحولنَ إلى (داعيات) يظهرنّ بأغلى أنواع الأقمشة وعلى وجوههنّ مساحيق التجميل، وعلى رؤوسهنّ ما يـُـغطى شعورهنّ بأحدث أنواع (ماركات الحجاب الإسلامى)
فهل تلك (الهداية) نزلتْ عليهنّ (من السماء) وفجأة وبدون أى عوامل خارجية؟
فى تلك الفترة نشرتْ بعض الصحف الكثيرمن الأخبارعن اتصال بعض عتاة الأصوليين ببعض الفنانات لإقناعهن باعتزال الفن (مع التخويف بنار الآخرة والوعد بنعيم الجنة) وكان من بين الأسماء الشهيرة اسم الشيخ الشعرواى الذى نجح فى إقناع عدد كبيرمن (الفنانات التائبات) وفشل مع بعضهنّ مثل الفنانة المحترمة (فاتن حمامة) التى رفضتْ عرضه مقابل خمسة مليون جنيه ، كما ذكر لى صديق يعمل فى الوسط الفنى وأثق فى كلامه.
فهل الفن (إثم ومعصية) تستحق (التوبة)؟ وهل الفن مثله مثل جرائم الرشوة والتزوير، واستغلال النفوذ ونهب الأموال العامة، أو تجارة المخدرات أو التجارة فى السلع المغشوشة التى تسببتْ فى موت كثيرين من المواطنين؟ فإذا كانت تلك الجرائم مُـدانة (أخلاقيـًـا) و(إنسانيـًـا) وأنّ من (يعتزلها) ينطبق عليه لفظ (التوبة) فكيف تـمّ تشبيها بالفن؟ والدرس هو أنّ الأصوليين نجحوا فى تحقيق هدفين الأول: الدعاية الفجة للإسلام والثانى تشويه الفن. وقد قرأتُ أنّ 15فنانة خلعنَ الحجاب مع ذكر أسمائهن بالتفصيل. وإحداهنّ قالت إنّ السبب تساقط شعرها بسبب الحجاب (وهذه حقيقة علمية) أما (حنان ترك) فقد خلعتْ الحجاب لسبب براجماتى حيث اشترط عليها المنتج والمخرج خلع الحجاب لاستكمال تصوير بعض مشاهد الفيلم الذى سبق أنْ تعاقدتْ عليه (المصرى اليوم لايت- 23يناير2017)
000
هامش: د. فؤاد زكريا (1927- 2010) مفكرمصرى - رئيس قسم الفلسفة بجامعة عين شمس وجامعة الكويت. رأس تحريرمجلة الفكرالمعاصر، وتراث الإنسانية. ومستشارالثقافة والعلوم باليونسكو. من كتبه (مشكلات الثقافة والفكر) (اسبينوزا) (التفكيرالعلمى) (كم عمرالغضب؟) الذى ردّ فيه على كتاب هيكل (خريف الغضب)
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24