الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية الإنسان التاريخية في الوصول للإنسانية / تاريخ بشري مليء بالإخفاقات وحداثة تعج بالخيبات .

مروان صباح

2017 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



مروان صباح / منذ بدأتُ أعي معاني الكلمات ، أعني ذاك اليوم ، الذي بدأتُ أخوض معركة مع الذات ، بصراحة ، منذ زمن ، أحاول تخطي أو بالأحرى أرتقي إلى الإنسانية ، وذلك بالطبع ، كوني خلقت إنسان ، لكن ، بصراحة أكبر من صراحتي الأولى ، وجدت الوصول إلى مرتبة الإنسانية ، ليس بهذه السهولة ، هناك طبعاً ، فارق بين أن تكون إنسان ، وهذا الأمر ، ليس اختياري ، بقدر أنه يتعلق بالخالق ، أي أنه ، أمر خارج عن إرادة الذات ، وبين أن تكون إنساني ، فهنا المسألة ، اختيارية ومختلفة ، فالإنسانية ، في أضعف معانيها ، الشعور مع الآخر ، فكيف يمكن للبعض ، أن يضع نفسه ، في صفوف الأمامية ، التى خُصصت من أجل الدفاع عن الآخر ، في حين ، يعيش في منزل ، ثمنه يكفي لإيواء ، على أقل تقدير ، خمسمائة عائلة من مسلمين الروهينغيا ، من جانب أخر ، يوجد كثير ألسنتهُم ، لا تهدأ التكلم عن الإنسانية ، رغم امتلاكهم الملايين الدولارات ، والحال ، أن هناك مليارات البشر ، جياع ، ليس فقط فقراء ، بل ، أمعاءهم خَاوِيَة وأجسادهم هياكل عظام .

خلاصة تالية ، هناك قلة في تاريخ البشريّ ، استطاعت الوصول إلى الإنسانية ، على سبيل المثال ، وللتذكير المفيد ، ابو بكر الصديق رضي الله عنه ، أنفق كل ما لديه ، من أجل ترجمة معنى الحقيقي للإنسانية ، وأيضاً ، هناك مثال ماثل ، وهو ساطع في العصر الحديث ، لقد امتلك مهاتما غاندي أو بابو أو أبو الأمة ، على اختلاف مسمياته ، الهند وبما فيها ، لكن ، الرجل دفع حياته ، من أجل الدفاع ، عن الأقلية المسلمة ، وفضلاً عن البؤساء ، التى بحت حناجرهم في الدفاع عن الإنسانية ، يوجد فارق غليظ بين الإنسان والإنسانية ، لا يمكن تغيبه ، بل ، توجد منطقة خطيرة ، هي أقرب إلى الافتراق أو الوداع ، بينهما ، فعندما الإنسان يخفق في الوصول للإنسانية ، يصبح محصور بين طريقين ، أما تكرار المحاولة أو الاستسلام لثقافة البقاء ، التى بدورها تجعله يفقد صفة الإنسان .

الخلاصة ، التى تزيح الغطاء عن الصمت ، هُو صمت ، يشبه من يسكن القبور ، فالأموات يسمعون الأحياء ، لكنهم ، غير قادرين على التكلم ، لهذا ، أحياناً الأنين ، يتيح لمن تبقى له فتات من الضمير ، التعرف على حجم الأزمة الأخلاقية ، لدى الإنسان المعاصر ، فالإنسان يتحدّث عن الشيء ، ومع مرور الوقت ، يتحول الكلام إلى ثرثرة ، مضمونه ، فارغ من أي فعل ، وهذا، يعود سببه ، كما أرجح ، إلى متابعة المسلسلات أو الأفلام أو الأخبار أو قراءة الروايات ، فمعظم المشاهدون والقراء ، يزرفون دموعاً على الضحية ، لكن ، عندما يمارسون حياتهم اليومية ، يأخذون موقعهم الحقيقي ، موقع الجلاد ، لهذا ، الوصول للإنسانية ، يترتب على المرء أولاً ، إدراك وجوده ، أنه خُلق ليموت وليس ليخلد ، لكن ، غريزة البقاء ، جعلت الأغلبية الساحقة ، تُمارس حياة الخلود ، على أرض تزدحم بالأموات، كما أنها أيضاً ، تحرص على إبعاد فكرة الموت عنها ، كأن الموت شبح ، رغم أن الإنسان ، جاء بالأصل منه ، بل ، تحول الموت إلى خَوْف ، يسيطر على تفكير الحي ، الذي يجعل سلوك المتنفس ، احتكاري ، يريد كل شيء ، بأي ثمن ، ودائماً وأبداً ، يكون الثمن ، هو الأخر .

هنا ، أسجل أمام الحياة والموت ، أنني شخصياً ، أخفقت حتى الأن ، بجدارة ، أن أصل للإنسانية ، أكلُ اللحم وأتصدق بالقمح ، أُقدم وردة من أجل قبلة ، لكن ، في المقابل ولحسن حظي ، استطعت في زمن الهروب من فكرة الموت ، أن احتفظ على صفتي كمخلوق ، أصله من الموت ، وأيضاً ، إنسان عابر ،وأخيراً ، ميت لا محالة ، نعم ، لم أتنازل عن صفتي التى خُلقت عليها ، رغم أن الحياة ، مالت لي في كثير من الفترات ، ولكي ، أعلم أنني مازلتُ إنسان ، اتفحص في كل صباح ، مع صديقتي الشمس ، بأنني أمشي على الأرض ، بشعور حافي القدمين ، رغم حذائي الأنيق ، لكن ، مشيِّ ، لم يكن يوماً ما ، على جماجم الناس ، أبداً ، تماماً ، كصديقتي ، فهي تستمر بإشعاعها الفريد ، دون أن تُحرق ، أي كائن حولها أو كل من تحت نورها . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال يزيد من شن غاراته بعد انسحابه من مخيم النصيرات


.. قصف إسرائيلي يستهدف بلدة عيتا الشعب جنوبي لبنان




.. تشييع جثامين شهداء قصف استهدف منزلين في مدينة رفح الليلة الم


.. بأكثر من مليار دولار.. الإدارة الأمريكية تبحث صفقات أسلحة لإ




.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان