الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الثقافة في طنجة ، هل من منقذ ؟

خالد الصلعي

2017 / 10 / 17
الادب والفن


أزمة الثقافة في طنجة ، هل من منقذ ؟
*******************************
لن ادخل في ترهات جدلية الحرية بالابداع ، او في مناوشة حقائق ثابتة كارتباط التعليم بالثقافة . لكنني ساحاول كمراقب ثقافي أن أعبر عما ترصده تحركاتي وعلاقاتي بما هو ثقافي في محيطي الطنجي .
ولن أجد طبعا خيرا من الاستشهاد بأحد اللقاءات الثقافية اليت حضرتها مؤخرا . حيث راعني كم الحضور الذي لا يكاد ياجاوز عدد أصابع اليدين . ان الصدمة أثقل من أن يتحملها مثقف مهموم بوضع بلده العام ، فكيف لا ينشغل بوضعه الثقافي الذي يعتبر مؤشرا وبوصلة دقيقة تستشرف سبل الغد الذي يبدو أكلح من الليلة السوداء .
أصبح غير خاف أن أزمة خانقة تعصف بمضارب الثقافة في المغرب . وهناك اجماع بين المهتمين بالشأن الثقافي على هذا القحط والجفاف الثقافيين ، واذا كانت طنجة من بين مدن المغرب التي انتعشت فيها الثقافة بكل ضروبها وفنونها ، وعبر عصور مختلفة ؛ فان واقع الثقافة في هذا المدينة اليوم يستدعي وقفة صارمة ، لاستعادة وهجها ودورها الريادي في رفد النسيج الثقافي بهذا البلد الريادي .
ولتعرية واقع الثقافة في مدينة طنجة ، التي اصبحت منذ سنوات قليلة تلعب دورا محتشما في رفد الثقافة المغربية باضافات واشراقات وابداعات نوعية تستحق الاشادة ، في جزء منها ، فان هذا المعطى ينبغي تمحيصه وغربلته ، ففي عالم الثقافة لا تبقى الا الجواهر ، او اللفتات التاريخية التي تؤرخ للمرحلة بعبق جمالي ،أو بتحفة فنية رائعة . لكنك حين تحضر للقاء أدبي باذخ ، تنتظر منه ان يلتئم فيه أهل الأدب بكل مكوناته ومكنوناته ، فتصدمك واقعة الحضور البئيس الا من مدمني الصعود نحو المراقي العليا ، وهم قلة لا تشرف فضاء ثقافيا كفضاء طنجة الحافل في بعض الملتقيات بحشود غثاؤها يغري بالافتتان الكمي الفارغ .
نحن نتحدث عن لقاء جاء في سياق معرض وطني للكتاب ، وليس عن حدث عابر . وهو ما يستدعي تواجدا محترما للمهووسين يالفعل اثلقافي ، وباجتراح أثر ثقافي . لكن أن يصدمك الحضور بثلة لا يزيد عددها عن عشرة ، أغلبهم من فاعلين ثفاقيين جادين ،مترعين بانزيمات وهرمونات الثقافة ، فهذا يدعو الى أكثر من سؤال . فهل نحن أمام قبائل ثقافية ؟ ، أم نحن أمام ظواهر اشهارية ؟ ، ام الأمر يتعلق فقط بضربة شمس أقعست مشايعي الثقافة عن الحضور ؟ .
الجميع يدرك أن هناك أزمة قراءة في العالم العربي ككل ، لكن على ما يبدو أنها مستفحلة هنا في المغرب ، وبالذات في مدينة كطنجة . وهذا يقودنا الى ازمة الارتباط بأهم مكون من مكونات القراءة ، وهي الكتاب . اما ونحن في سياق تحولات سوسيوثقافية مرتبطة بعالم التكنولوجيا ويالثقافة الالكترونية ، فعلينا ان ننتبه أن المبدأ لم يتغير ، والأرضية بقيت هي نفسها ، أرضية التوق الى اشباع الجانب المعرفي والثقافي . كما أن المبدأ هو الاسترفاد والامتياح و البحث عن الغذاء الروحي والنفسي ، لا يمكن أن تؤزمه انتقالات مرحلية أو تاريخية . فحقيقة المؤشر الحضاري يجب أن نقاربها طبقا لروح العصر ، دون أن نقحمها عتمات الحنين الأعور الى التقليد والماضي وما كان .
وهذا الملمح مغيب في سؤال المقال . لأن الاهتمام هنا منصب صدى ما هو ثقافي في من يفترض أن الرسالة الثقافية موجهة اليه . انه نفس الكائن ، لكن داخل علاقة محايثة ، وليس من خلال علاقة اداتية . انها تجلية الانعكاس الضروري لأهم رافد من روافد الحضارة الانسانية ، مفهوم لثقافة في بعدها الشامل.
فهل استقال المثقف المغربي ، وبخاصة الطنجي ، من مهمة التنوير والدفاع عن حقوق الانسان ، وخلخلة الراسخ وتقديم الرهان الكفيل باعادة الجمهور الى مسرح الثقافة ؟
هي حسرة تصاحبها زفرة ، هو بكاء حجري قاس ، ماالذي يبقى من أمة اذا مات روحها ؟ . هل نعيد ما كتبه شكسبير عن ضرورة الثقافة ، وما كرره محمود درويش عن وجودية الثقافة ، وعن معيارية الثقافة عند جميع الأمم والحضارات . لكن جانب مهم من الاشكالية يقع على كاهل المثقفين أنفسهم ، هذا اذا وجد مثقفون فعلا . والا كيف يرضى من يلبس جلد الثقافة هذا الوضع المنحط لفعل وانعاكس الثقافي في يومياتنا وعلاقاتنا ، وأنشطتنا ؟؟؟ .
نحن الان نعيش مرحلة المحق الثقافي بامتياز ،اذن . انها ، وبكل حسرة ، ردة ثقافية يعترف بها الجميع . ونحن نعترف شئنا أم ابينا ، أردنا أم لم نرد ، بسخافة ما تعيشه الساحة الثقافية من تراجع وتخلف وانحطاط . ولا ادل على ذلك من عدد الحاضرين في ندوة لا يتم الحشد لها بطرق الحشد النقابي والسياسي ، أي بدعوة جحافلة المهمشين والمهملين ، كما يصنع نقابيونا وسياسيونا .
واذا كانت الثقافة هي فعل اختياري ، يعتمد اساسا على الذوق الجمالي والفني ، ودى الاحساس الشخصي بالارتباط بما هو سامي وراقي ، والرجوع الأبدي للمعرفة والعلم ، فان واقع ثقافتنا ونسبة حضور مريدي الثقافة المؤسسة ، الثقافة الثرة ، الثقافة الباذخة ، الصادم عليه أن يدفعنا بكل قساوته وعنفه الى دق جرس الخطر .ويمكن الجزم أن الذوق الجمالي والفني عند مشايعي الثقافة الناضجة والمثمرة ، قد بلغ عتبة الصفر . ولا بد من الانتباه الى وجودنا كمجتمع وكدولة ، أي كيصرورة وككيان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي


.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل




.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي