الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللقاء بين الاتحاد الاوربي والاتحاد الافريقي في مهب الريح

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2017 / 10 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


من المنتظر ان ينعقد لقاء في 29 و 30 من الشهر الجاري ، بمدينة أبي دجان بساحل العاج ، بين الاتحاد الأوربي والاتحاد الإفريقي . لكن من خلال المشدات التي حصلت يومه الاثنين الماضي بأديس أبابا ، بين المغرب وحلفاءه ، وبين الجزائر ، وجنوب إفريقيا ، وحلفاءهما ، بالمجلس التنفيذي الإفريقي ، تحضيرا للقمة الخامسة لإفريقيا وأوربة ، بخصوص حضور او عدم حضور الجمهورية الصحراوية ، يُنبئ ان الأمور في طريقها الى التعقيد ، وقد تنتهي بإلغاء اللقاء الذي إذا حضرته الجمهورية الصحراوية ، سيصبح لقاء ضد الطبيعة ، وضد القانون الدولي العام ، المنظم للعلاقات بين الدول وبين الاتحادات .
اللقاء لن ينعقد إطلاقا بحضور الجمهورية الصحراوية ، لأنه من جهة سيساءل ضمير الأوربيين في التمسك بالقوانين ، ومنها رفض الحضور مع جمهورية لا تعترف بها أوربة ، ومن جهة سيكون الحضور ضربا للمشروعية الدولية ، وللأمم المتحدة التي لا تعترف بدورها ، بشيء يسمى الجمهورية الصحراوية .
لقد نجحت الجزائر في مقلبها ، حين استطاعت إقناع الاتحاد الأوربي ، بالاجتماع بالاتحاد الإفريقي كاتحاد ، وليس كدول كما كان الأمر في السابق ، حيث كانت اللقاءات تتم بين الاتحاد الأوربي وبين إفريقيا .
والجزائر في مقلبها الذي انقلب عليها ، كانت تهدف إلى وضع الأوربيين ، أمام الأمر الواقع الجزائري ، بعقْد اللقاء بين الاتحادين ، كوسيلة لبلوغ الغاية الرئيسية التي هي اعتراف أوربة بشكل سلس بالجمهورية الصحراوية .
فهل تكون أوربة قد سقطت في الفخ الجزائري الذي أضحى مفضوحا ، وهل سترضخ أوربة لسياسة الجزائر ، بفرض جمهورية غير معترف بها ، في لقاء إنْ حصل وهو لن يحصل أبدا ، في جعل الأوربيين يعترفون بشيء لا تعترف به الأمم المتحدة ، ولا مجلس الأمن الذي لا يزال يمسك القضية بيديه ، ولم يتوصل الى حل يحدد المصير النهائي للإقليم ، المتنازع عليه بين المغرب ، وبين الجزائر وجبهة البوليساريو ؟
بالرجوع الى الحيثيات ، وبتحليلٍ للمعطيات المتوفرة على ضوء المستجدات الحاصلة ، فان الجزائر سقطت في مقلبها لعدة أسباب :
1 ) إنّ الموقف التي تبنته الجزائر من قضية الصحراء المغربية ، وخاصة بصناعة مقلب ارْتدّ عليها مع الأوربيين ، أظهرت وجه الجزائر الحقيقي ، كطرف رئيسي في نزاع الصحراء ، وليس بطرف ثانوي يتمسّك كذبا بحق الشعوب في تقرير مصيرها . وإلاّ ، ماذا منع الجزائر في هذه القضية ، من ان تعلن تأييدها لاستفتاء كردستان العرق ، واستفتاء كتالونية ، وشبه جزيرة القرم ..... الخ ، فهل شعوب هذه المناطق التي استفتت ديمقراطيا ، لا تستحق حقوقها بتقرير مصيرها ، كما تؤكد على ذلك الجزائر في ما تسميه كذبا ، حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره .
2 ) ان سعار الجزائر الأخير في الاتحاد الإفريقي ، وفي ما تقوم به بالمنظمات الدولية ، وبالأمم المتحدة ، يؤكد أن أصل الصراع ، هو بين المغرب وبين الجزائر، وليس مع الصحراويين الذين يستعملون ككمبراس ، لتنفيذ مخطط الجزائر بالوصول الى منفذ بالمحيط الأطلسي ، والى إضعاف المغرب بعزله عن عمقه الإفريقي ، من خلال تحويل حدوده من موريتانيا ، الى حدود جمهورية وهمية ، تتحكم فيها الجزائر لا غيرها .
3 ) من خلال معاينة ردود اطر جبهة البوليساريو بخصوص ما جرى بالمجلس التنفيذ للاتحاد الإفريقي ، وردود أفعال هذه الأطر من التهديد ( المهلة ) التي تقدم به المجلس التنفيذي لسلطات ساحل العاج ، بتوجيه الدعوة الى الجمهورية الصحراوية في غضون عشرة أيام ، وإلاّ فان اللقاء المرتقب سيتم نقله الى أديس أبابا بإثيوبيا ، سنجد ان ردود الفعل الصبيانية هذه ، تغلب عليها نشوة نصر غير مؤكد إلى الآن ، وتغلب عليها الكرنفالات ، والطاووسية ، وكأنهم بهذه الحملة ، يكونون قد ضمنوا انعقاد اللقاء بين الاتحاد الأوربي ، وبين الاتحاد الإفريقي بحضور الجمهورية الصحراوية .
وإذا كان الهدف من الحملة هذه ، هو سبق الأحداث لممارسة التعتيم ، وتضبيب الوضع ، لإخفاء الحقيقة عن الصحراويين الذين يعيشون في المحتجزات الجزائرية ، وبتحويل الهزائم الى نصر مصطنع ، حتى يستمر دكتاتوريو المؤتمر الرابع عشر لجبهة البوليساريو ، يمارسون الإستقواء ، والاستبداد ، والاستئثار لوحدهم بالمساعدات الدولية ، و خوفا من ثورة الجياع القادمة ، فان ما يشفق له ، ان كل ردود كانت تمْتحُ من الفكر الوحيد المسيطر على الوضع ، والذي يبرع في كل مرة أصابته غشاوة ، الى تحويل الهزيمة الى نصر .
4 ) ان اللقاء الذي كان مرتقبا في 29 و 30 من الشهر الجاري ، بين الاتحاد الأوربي ، وبين الاتحاد الإفريقي ، لا و لن يحصل أبدا ، وذلك لعدة أسباب نوجزها كالآتي :
ا -- المعروف عن الدول الأوربية ، التزامها وتشبثها بالقانون . وهذا كان حال محكمة العدل الأوربية من الاتفاقية التجارية الموقعة مع المغرب في سنة 2012 ، وكان موقفها من التشبث وتأييد كل الخطوات التي يقوم بها ممثل الأمين العام للأمم في قضية الصحراء ، وارتباطها بالقرارات التي يتخذها مجلس الأمن ، الذي لا يزال يواصل البحث عن حل مقبول من قبل كل الأطراف .
فهل الدول الأوربية ، الغارقة في المدنية ، والمفتخرة بأنها دولة الحقوق والواجبات ، ودولة القانون الذي يسمو فوق الجميع ، ستقبل الجلوس للتباحث مع كائن ( الجمهورية الصحراوية ) غير موجود أصلا بالنسبة لها ؟
ب – كيف لأوربة الملتزمة بالقوانين وبالقرارات الأممية ، ان تسبق الأمم المتحدة في خلق شيء ( جمهورية صحراوية ) من فراغ ، والأمر ليس من اختصاصها ؟
ج – لقد انكشف المقلب الجزائري الذي كان يجري لفرض الأمر الواقع الجزائري ، بفرض حضور جمهورية شادّة ، في لقاء لا تتوفر فيه شروط حضورها ، وأصبح المشكل ، ليس فقط في الأوربيين ، بل كان ولا يزال حتى في دول الاتحاد الإفريقي التي لا تعترف أصلا بوجود شيء يسمى الجمهورية الصحراوية .
فساحل العاج وحلفاء المغرب حين رفضوا توجيه دعوة الحضور للجمهورية الصحراوية ، فذلك نابع من قناعتهم القانونية بعدم اعترافهم بهذه الجمهورية التي تفتقر الى عناصر تكوين الدولة . ومن ثم يكون موقفهم هذا منسجما مع اختياراتهم ، ومع القانون الدولي الذي لا يعترف بشيء يسمى بالجمهورية الصحراوية .
د – قد نفهم ونتفهم عضوية الجمهورية الصحراوية بالاتحاد الإفريقي ، لان أكثرية الدول الإفريقية الفقيرة ، وتحت ضغط رشوة الدولار والنفط الجزائري ، وأبّان الحرب الباردة التي انتهت ، اعترفت بها .
لكن توجيه الدعوة لها لحضور لقاء دولي يحكمه القانون الدولي ، يبقى مفارقة غريبة وحالة شادّة ، تضرب في الصميم قوانين الأمم المتحدة ، وقرارات مجلس الأمن التي تبحث عن الحل المقبول .
فعدم توجيه الدعوة للجمهورية الصحراوية ، لحضور اللقاء مع الاتحاد الأوربي ، يبقى سليما من الناحية القانونية ، لان الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن ، وكل أوربة ، وأمريكا ، واليابان ، وكوريا الجنوبية ، واستراليا ، وكندا ، وروسيا ،ونيوزيلاندا ، والصين ، وكل الدول العربية ، لا تعترف بشيء يسمى الجمهورية الصحراوية . لذا فان السعار الجزائري يبقى مثل رقصة الديك المذبوح .
ه – المعروف عن موقف الاتحاد الأوربي هو الحياد ، والتمسك بالقانون الدولي ، ومن ثم فان تغاضيه عن المكتسبات المتراكمة منذ 1975 ، وتجاوزه لمجلس الأمن في التقرير في شيء لا يزال مستعصيا عن الحل ، سيجعل الاتحاد طرفا رئيسيا في النزاع لا محايدا . ان الاتحاد الأوربي ، الى جانب الدول الإفريقية النصيرة للمغرب ، سترفض الجلوس مع شيء يسمى بالجمهورية الصحراوية ، لأنهم لا يعترفون بها أصلا ، ومن ثم فان الجلوس معها ، سيكون موقفا غامضا ومتعارضا مع القانون الدولي ، الذي لا يعترف بالجمهورية الصحراوية صنيعة الجزائر .
و -- على المغرب مواصلة النضال في أروقة الاتحاد الإفريقي ، لإقناع الدول الإفريقية التي اشترتها الجزائر بأموال الشعب الجزائري المفقر ، لإقناعها بصحة الأطروحة المغربية حول مغربية الصحراء ، وان يكون الإقناع بالحجج والأدلة ، وبالرجوع الى القانون الدولي ، والى كيفية تفسير قرارات الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن ، والى الجغرافيا ، والتاريخ ، والشعب .... الخ لا بشراء الذمم ، وتقديم الرشاوى مثل الجزائر .
ان هذا النضال الذي يتطلب التضحيات والمثابرة ، أكيد انه سيعطي ثماره على المدى القريب ، لا المتوسط او البعيد فقط . ان هذا النضال وحده ، سيهز عرش الجزائر عند توسيع قاعدة الدول الإفريقية التي تعترف بمغربية الصحراء . وعندها إنْ بقيت الجزائر تعاني من سعارها ومرضها العضال ، فما يبقى للمغرب وللحلفاء الذين سيزيد عددهم في نصرة مغربية الصحراء ، غير تقسيم الاتحاد الإفريقي ، بين أقلية تمثلها الجزائر ومن معها ، وأكثرية يمثلها المغرب ومن معه من المناصرين الجدد . وعندها سينتقل الصراع ، من صراع حول الأرض والشعب ، اي الصحراء ، الى صراع بيانات وبيانات مضادة ، الى ان يأتي اليوم الذي سيتم فيه الحسم النهائي لصالح مغربية الصحراء .
والخلاصة ،ان اللقاء المرتقب بين الاتحاد الأوربي والاتحاد الإفريقي في مهب الريح ، لأنه ضد الطبيعة ،وضد القانون الدولي ، وضد قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة .
المغرب مستعد بان يبقى واقفا وصامدا أربعين سنة قادمة ، ولن يتزحزح عن مطالبه وحقه ، لان الصحراء هي متنفسه الوحيد ، فهل يعقل ان يعيش الإنسان بدون متنفس ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م