الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقيقة ما بين التكون الذاتي و الخلق

جلال مجاهدي

2017 / 10 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الكون المادي هو ظاهريا مستقل عن الوجود اللامادي نشأة و تطورا و مآلا ؛ و الوجود اللامادي مستقل أيضا عن الكون المادي من حيث الكينونة و الماهية و القوانين التي تحكمه و هما وجودان موازيان لبعضهما ؛ لكن استقلال هذين الوجودين لا يعني انفصالهما نهائيا أو عدم تسبب احدهما في وجود الآخر و تفسير ذلك أن نشأة الكون و الحياة هي نشأة مادية تلقائية لكن بقوانين خلقت لهذه العلة و هو ما سنحاول توضيحه منطقيا .

الاعتقاد بأن يد الله تدخلت مباشرة في خلق الكون هو اعتقاد فيه تنقيص من قدرة الله و من علمه , فالله أوجد أعظم من مجرد مواد , لقد أوجد قوانين تنشأ عنها المواد و الحياة و تتطور بشكل تلقائي مستقل ظاهريا عن أي تدخل مباشر , الله خلق كل شيء بعلم و بت في هذا الكون قوانين يعمل وفقها و لا تخلوا ظاهرة مادية و لا وجود مادي من تفسير علمي وفق قوانين الكون المادية .

الاعتقاد بأن الكون ناتج عن وجود هذه القوانين كما تقول بذلك نظرية التكون الذاتي هو اعتقاد صحيح ماديا, لكن هل يمكن أن نعتبر هذه القوانين الداخلية العمياء خالقا ؟ و السؤال له أهميته كما سيتضح بعده .

تخفي قوانين الطبيعة التي نجهل ماهيتها أعظم الأسرار و تخفي بعض التصرفات الغريزية الفطرية أعظم الحكم , و نقف الآن عند مسألة التكاثر , نسلم الآن بأن الحياة ابتدأت من مجرد بكتيريا نشأت في ظروف معينة و هو الامر الذي لم يعد محل نقاش بعدما استطاع مجموعة من العلماء الامريكيين خلق البكتيريا إيشيرشيا إيكو , فما الذي جعل البكتيريا الأولى تتكاثر عن طريق الانقسام ؟ و هل قانون التكاثر حتمي الوجود ؟

الطبيعة تنحوا إلى جعل الحياة مستمرة و هو الشيء الذي يبرر قانون الانقسام , و طبيعة هذا القانون هي طبيعة غير حتمية طالما أن التكاثر يشبه الحيلة الطبيعية كما نشاهد ذلك بخصوص جميع أشكال تجدد الحياة سواء تعلق الأمر بالنبات أو الحيوان أو السمك أو الحشرات أو الانسان , فالطبيعة توجد دوما أسبابا و حيلا للتكاثر وبذلك يظهر و بصفة جلية توجيها ليد خفية لقانون التكاثر غير الحتمي الوجود و الذي يتخذ أشكالا عديدة لا يشبه بعضها بعضا فهل يمكن اعتبار الطبيعة العمياء ذاتا عاقلة موجهة ؟

إذا كان العلم المادي المحض يهتم فقط بكيف تحدث الاشياء و يعتبر سؤالي لماذا تحدث و لأي سبب سؤالين خارجين عن مجاله , فإن هذا العلم المادي بذلك لا ينفي وجود خالق و لا ينسب الوجود إلى موجد و لا يهتم بالجواب و من غير المقبول منهجيا تقويله ما لم يقل .

و بذلك فالسؤالين و الجواب عنهما يدخلان في إطار المعارف الإنسانية التي تعتمد على الملاحظة و التأمل و ليس العلوم و النتيجة المنطقية التي من السهل أن نخرج بها من خلال الملاحظة و التأمل و الاستقراء كما رأينا بخصوص مثال التكاثر , أن القوانين الطبيعة بصفة عامة تهدف إلى تحقيق نتائج معينة و ان وجود قوانين غير حتمية تشبه الحيل تؤكد وجود ذات عاقلة موجدة و موجهة لهذه القوانين و بالتالي للخلق.

نعود لنفس القانون أي قانون التكاثر لنتساءل من جديد هل لهذا القانون وجود حضوري كقانون الجاذبية أم لا ؟

الجواب عن السؤال هو جواب بديهي , أي أن هذا القانون لا وجود حضوري له و لا يعرف له وجود إلا بنتيجة عمليات التكاثر أي أن المتكاثر هو الذي يعطي فرصة لوجوده , و بالتالي فإنه منطقيا لا يسوغ أن ننسب لهذا القانون غير الموجود حضوريا فعل علة التكاثر بل لموجده ويتضاف إلى ما ذكر أن اختلاف طرق التكاثر يدل على أنه قانون مصطنع عمدا لحفظ الأنواع من الانقراض و لازدهار الحياة , و ختاما أجد مقولة إسحاق نيوتن جد معبرة إذ كان يقول " إني رأيت الله في أعمال و نواميس الطبيعة التي تؤكد وجود حكمة و قوة لا تختلط بالمادة "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص