الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدعاية السياسية حين تتحول إلى ثرثرة : الدعوة إلى انتخابات مبكرة في تونس

محسن عامر

2017 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


محسن عامر*

الدعوة إلى انتخابات مبكّرة عدى الأسباب الدستورية الداعية إلى إنجازها -الغير متوفرة حاليا بطبيعة الحال - غير واقعية من الناحية السياسية لعدة اعتبارات :
أولا, لا يمكن الإعتقاد أن دعوة الإنتخابات المبكرة تكتيك هجومي دائما بالنسبة لقوى المعارضة . فقد تكون المبادرة دفاعيا من السلطة ذاتها كما فعلت رئيسة الوزراء الريطانية تيريزا ماي أفريل الماضي من أجل دعم حكومتها التي تقود مفاوضات الإنفصال عن الإتحاد الأروبي أو مستفيدة من ضعف حزب العمال البريطاني الخصم الأبرز للمحافظين .أو حلرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي للبرلمان الياباني منذ شهر استعداد لخوض انتخابات ضد خصم منهك "الحزب الديمقراطي" الذي يعاني انشقاقات حالية .
سياسيا , إنجاز انتخابات مبكرة يكون سببها اهتزازا حقيقيا للحكومة الماسكة بزمام السلطة بحكم أزمات داخلية ما كفضائح الفساد و غيرها . أو -هذا المهم- عندما لا تعكس الحكومة موزاين القوى الحقيقية الموجودة في البلاد . ربما رأينا هذا جيدا عند ظهور نداء تونس و طرحه نفسه بديلا و منافسا لا يشقّ له غبار في مواجهة الترويكا التي تعصف بها أزمات داخلية و فاقدة للدعم الخارجي بعد تغير موقع الإخوان المسلمين في اللعبة الإقليمية و الدولية خاصة في الحرب الأهلية السورية وصولا للإنقلاب المدوي في بلد الإخوان الأم .
حاليا , يجب الإقرار بوجود أزمة في نظام الحكم الحالي . و لكن المفارقة للأسف هي كون أن الأزمة و خصومها الفاعلين داخل نظام الحكم لا خارجه . بمعنى أن الازمة في شكل تقاسم السلطة بين نداء تونس و حركة النهضة داخل بنية التوافقات لا داخل منطق تناحري حاسم لهذا الطرف أو ذاك .
من ناحية أخرى , توجد أزمة سياسة عامة هي انعكاس للوضع الإقتصادي و الإجتماعي العام . و لكن عجزت قوى المعارضة على تحويلها إلى حالة رفض سياسي عارم . هذا معطى ذاتي يحدده تباين مواقف المعارضة من نظام الحكم و أليات التعامل معه و إلى موازين القوى التي تشق المعارضة بالذات .
هذه الرؤية عامة للمسألة فلنقم الان بالتخصيص, الجبهة الشعبية هي الداعي الوحيد لإنجاز انتخابات مبكرة , دون مبررات ذات وجاهة سياسية واقعية عدى القول بأزمة نظام الحكم و الأزمة الإقتصادية و الإجتماعية التي تعصف بالبلاد و هذا لا يتجاوز أن يكون إنشاءا دعائيا . الحراك الإجتماعي المعارض يحترك بالتوازي و يتقاطع أحيانا مع الجبهة في تمفصلات صغيرة مثل قانون المصالحة و غيرها . و هذا أبعد من إمكانية استثماره بالنسبة للجبهة و تحويله إلى خزان "جماهيري" يصب في التمشي السياسي الذي تدفع نحو الجبهة الشعبية . ثم أن الأزمة إلى هذه اللجظة اجتماعيا لم تتجاوز حالة تأزم بدون حلول مطروحة , بمعنى عدم التحام حقيقي للمطالب الإجتماعية مع المطالب السياسية . بالتالي لا تعدو أن تكون دعوات سياسية من هذا النوع سوى صياحا في واد لا تحشيدا شعبيا ضد السلطة الحاكمة .ربما , المثال الأبرز الذي يمكن أن يحتذى به في تحويل الحشود الشعبية إلى أدوات سياسيىة ما قام به رئيس الحزب الجمهوري التركي كمال كيليتشدار أوغلو في جوان الفارط حين قاد مسيرة تعد بالألاف مشيا على الأقدما من انقرة حتى اسطمبول في ماراثون سياسي شعبوي فريد في طريقة توليده للفعل السياسي , بدأ ضد اعتقال نائب في البرلمان وصولا لتحويله إلى ضغط سياسي مدعوم شعبيا ضد كل خيارات نظام أردوغان التي تنحو منذ سنوات نحو الشمولية و التسلطية . هذا أبعد أيضا من أن يكون تكتيكا جبهويا نظر لأسباب موضوعية و ذاتية معلوم منها الكثير و يطول فيها القول .
لذا الواقع الواقعي لدى الفاعل السياسي هو الوسيلة الوحيدة لتحصيل سياسي حقيقي . إلا إذا أرادت المعارضات رفع السقف اعتباطا , فهي بذلك تقوم فقط بحويل الشعب و العمل السياسي عموما إلى جمل خطابية لا إلى تكتيكات قادرة على تحصيل الكسب ضد خيارات الحكومة التي تتقاذفها رياح الأزمات كنخلة هرمة لم تعد قادرة على منح الثمر و لكنها رغم كل ذلك تقاوم ..

* كاتب من تونس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ