الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقد على انعتاقي من وهم الدين

ضياء الشكرجي

2017 / 10 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السادس والعشرون من تشرين الأول، هو عيد تحرري من سجن الدين، بعد محكومية قضيتها لثلاثة عقود من عمري، أودعت نفسي أسيرا في سجن الدين طوعا، سعيدا بسجني، كوني كنت أتوهم أني ضيف عند الله في دينه، حتى أنبأني جبريلي من وحي عقلي، إن هذا الذي أقبع فيه ليس بيت الله، بل سجن الدين، الذي نسب إلى الله، وما هو منه. فبمجرد أني وعيت أنه سجن، اقتحمت باب السجن، إلى الرحاب الواسع للعقل، وهناك وجدت الله من جديد، وجدته كما هو، وليس كما رسم الدين صورته، وعلقها على أحد جدران السجن، وقال حيث الصورة، فهي قبلتك للصلاة، فهناك لا غير، هناك حصرا هو الله. لكني وجدته في فضاءات العقل وآفاق الروح، خارج السجن.
اليوم تمر الذكرى العاشرة لتحرري من الأسر وانعتاقي من السجن، وخروجي من الوهم. في الواقع ليس السادس والعشرون من تشرين الأول لعام 2007، إلا عيدا رمزيا للذكرى، وللعيد. لأني لم أؤرخ متى تحولت إلى المذهب الظني، الذي كان جسر العبور من الإيمان الديني، إلى الإيمان العقلي، حيث لاهوت التنزيه، تنزيه الله مما نسبت إليه الأديان، كما لم أؤرخ ليوم حسمي لنفي الدين، وإصدار حكم البراءة لله من تهمة تشريع الأديان وإنزال الكتب وإرسال الرسل. مع هذا جعلت ذكرى اعتناق المذهب الظني في الأول من تموز 2007، وذكرى اعتمادي للاهوت التنزيه (الإيمان العقلي اللاديني) في السادس والعشرين من تشرين الثاني 2007، مستندا في ذلك إلى مقالتين، تؤشر إحداهما على الانتقالة الأولى، والثانية على الانتقالة الثانية. إذ وجدت تاريخ المقالة الأولى في 01/07/2007، وتاريخ المقالة الثانية في 26/10/2007.
والثانية لم تكن مقالة بقدر ما كانت خاطرة، جعلت عنوانها «وانتصر الفنان فيَّ على الراهب»، حيث كتبت:
ثم انتصر الفنان على الراهب
كان ثمة صراع بينهما
بين أنا الفنان .. وأنا الراهب
صراع ساحته تلك الكينونة الكامنة
في ثنايا دواخلي
صراع بين الفنان المتمرد فيّ
وبين الراهب الناسك فيّ كذلك
رغم شدته وحِدّته
لم يكن الصراع بينهما عنيفا
إذ كلما انتفض عنصر التمرد في الفنان
حالت إنسانيته بينه والعنف
وكلما تصاعد حنق المتدين
عبر تفاعل عنصر التزمت فيه
ردعه عن العنف خوف الله
وهكذا كان الرفق الميزة في الصراع بينهما
رغم عنفوانه
والصراع هذا بينهما
لم يتمدد كثيرا عبر مسافات الزمن
فهو لم يتجاوز إلا لحظة
من اللحظات الواقعة
على خط الزمن الممتد
مقدار تلك اللحظة الزمنية
كان ليس إلا نصف العمر*
ثلاثين عاما لا غير
معها خمسة أشهر
وبضعة أيام
من شباط التحول الأول
عام ثلاثة وستين من قرننا المنصرم
حتى تموز الانعطافة الأخيرة
في العام السابع من ألفيتنا الجديدة
وأخيرا انسحب الراهب فيّ
لصالح الفنان
وبذلك انتصر الإبداع
على التقليد
وانهزم النص
أمام العقل
عندها انتصر الحب
على الفقه
لأن الإيمان كان هو الذي قد انتصر
على الدين
وانتصر الله
على كل ما نسب إليه من ظلم وجهل
انتصر الله
على كل ما يتخذ باسمه موقع التنافر معه
فيكون عامل تنفير منه سبحانه
لا عامل جذب
انتصر الإيمان على الدين
لأنه نزهه سبحانه
عن كل ما نسب إليه الدين
وانتصر العقل على النص
لأن العقل لا الدين
هو الذي يتقن تهجي تسبيحه
حق تسبيحه
وانتصر الحب على الفقه
بعدما كان الفقه قد أفرغ الحياة
من معاني الحب
والجمال
فوجّه الحياة
إلى حيث قطب التنافر والتباعد عن الله
وانتصر الجوهر على الشكل
لأن الأشكال مهما تجملت
فقدت جمالها
عندما انتزع منها
جوهر الجمال
26/10/2007
*: وقتها كان عمري 63 سنة

وكنت قد نشرت قبل سنة ونصف على موقعي الشخصي فقط (نسماء) مقالتي «أهنئ نفسي بالذكرى العاشرة لاستقالتي من حزب الدعوة» والذي كان في 3/5/2006، فانفكاكاتي الثلاث تمثل تواريخ مهمة في حياتي، ألا هي انفكاكي من حزب الدعوة، وإعلان انفكاكي من إدارة دار الهدى في هامبورغ، وإعلان انفكاكي من توكلي عن أحد كبار مراجع الدين، ثم انعتاقي من الإسلام).
وبعد ما يقارب العشر سنوات، أي قبل حلول الذكرى العاشرة، وذلك في مطلع آب من هذه السنة كتبت:
أبدا لم أعد أحب الحجاب
لكني أبدا لا أسمح لنفسي
أن أكره المحجبات
وإني لأحترم منهن العاقلات
وأحب منهن الطيبات
أبدا لم أعد أحب التدين
لكني أبدا لا أسمح لنفسي
أن أكره المتدينين
وإني لأحترم منهم العقلاء
وأحب منهم الطيبين
أبدا لم أعد أحب الدين
أيَّ دين
لكني أبدا لا أسمح لنفسي
أن أكره أتباع الدين
أيِّ دين
وإني لأحترم منهم العقلاء
وأحب منهم الطيبين
وأبدا مطلقا لم أعد أطيق الإسلام
لكني أبدا أبدا لا أسمح لنفسي
أن أكره المسلمين
وإني لأحترم منهم العقلاء
وأحب منهم الطيبين
إني لا أحب الدين لأني أحب الله
إني لا أحب الدين لأني أحب الإنسان
إني لا أحب الدين لأني أحب الحرية
إني لا أحب الدين لأني أحب العدل
إني لا أحب الدين لأني أحب المساوة
إني لا أحب الدين لأني أحب السلام
إني لا أحب الدين لأني أحترم العقل
ومع إني لا أحب الدين
أدافع عن حرية المؤمنين بالدين
أيِّ دين
كما أدافع عن حريتي
وحرية الملحدين و(المرتدين)
ومع إني أبدا لم أعد أحب الدين
فإني لأحب جدا الإيمان
لكني أبدا لا مشكلة لي
مع غير المؤمنين
وإني لأحترم منهم العقلاء
وأحب منهم الطيبين
لا أقول إني لا أحب الإلحاد
ولا أقول أحب الإلحاد
لكني أبدا لا مشكلة لي
مع الإلحاد
لا ولا مع الملحدين
وإني لأحترم منهم العقلاء
وأحب منهم الطيبين
إني لأحترم كل العقلاء
وأحب كل الطيبين
إني أحب الله
أحب الله
أحب الله
أحب الإنسان
أحب الجمال
أحب الإبداع
أحب العدل
أحب السلام
أحب الله
أحب الإنسان
أحب السلام

ملاحظة أخيرة: أعلم إن في وطننا المُتعَب القضايا الكثيرة، ومنها الساخنة، التي تتطلب من أمثالي أن يكتبوا فيها، ولذا أعتذر لمن ينتظر مني مقالة في تلك القضايا، إذ نشرت مقالتي هذه، ربما في غير وقتها المناسب، إلا أنها الذكرى السنوية العاشرة لحدث مهم في حياتي، هي التي فرضت عليّ توقيت النشر، ولأهمية الموضوع عندي، وللقارئة العزيزة والقارئ العزيز حرية ألا يقرأوا ما لا يحبان قراءته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحقائق قادمه والنتائج صادمه
ابو انور الكوفي ( 2017 / 10 / 26 - 12:36 )
نهنئك ونهنئ انفسنا بمناسبة التحرر والانعتاق من أسر وعبودية الدين .. كل الأديان صناعة بشريه وفي خضم هذا الانقلاب الفكري العظيم الذي تعيشه المجتمعات وفي مقدمتها النخب المثقفه والمتنوره والتغيير المتسارع والتداعي الخطير تتهدم قلاع الوهم والتضليل شيئا فشيئا ... نحن في هذا الوقت أحوج ما نكون الى فعل المفكرين ودورهم في عملية تكسير الاصنام وتهديم مرتكزاتها ... تجار ومرتزقة الاديان سيرضخون للحقائق ويسلمون لها وهم صاغرون


2 - انا كذلك
محسن المالكي ( 2017 / 10 / 26 - 13:45 )
نعم انا كذلك كنت سجين الدين وقد تحررت من هذا السجن بعد ان اكتشفت انه خدعه بل خدعة كبرى ...


3 - اهلا بك اخي الكبير
فارس الكيخوه ( 2017 / 10 / 26 - 15:58 )
زاد شوقنا لقلمك كلما طالت غيبتك.الوطن ونحن البسطاء أبناء الوطن واي انسان يريد أن يبحث عن الحقيقة بحاجة إلى قلمك ..اصبح في بلدنا اليوم الدين بدل العلوم والفلسفة والمنطق.ونحن نعرف أنه خالي الجيوب..نحتاج الى الحب ،الذي هو كفيل أن يعالج الكثير.حب للحياة ،حب الوطن ،حب للإنسان الآخر.حب الفن .حب الطبيعة .وحب ثم حب ..،فهل انت خسران أن تحب ؟
المزيد من التنوير في صالح الانسان والانسانية


4 - شكر وتحية وحب للأحبة الأحرار
ضياء الشكرجي ( 2017 / 10 / 26 - 18:59 )
أعزتي وأحبتي أو أنور الكوفي ومحسن المالكي وفارس الكيخوة لكم أجمل الشكر وأعذر التحيات وأصدق التمنيات وهنيئا لكم ولي تحرير عقولنا ان أسر الوهم (المقدس؟)


5 - مبروك لك الإنعتاق من السجن أستاذي الفاضل.
خليل احمد ابراهيم ( 2017 / 10 / 26 - 19:37 )
أنا سعيد لأجلك وتحريرك من هذا السجن أيها الإنسان الإنساني،فرحت بهذا التحرر،وهذا دليل
التفكير المنطقي ونبذ الخرافة التي تعيش فيها مجتمعاتنا،وما يؤسف وجود كم كبير من خريجي الجامعات وحتى حاملي الشهادات العليا يدافعون بشكل أعمى وغير منطقي مخالف للعلم عن هذه الأديان وكأنها نازلة فعلآ من السماء،لا بل الكثير منهم يطوعون العلم لمصلحة تلك الأديان،وكأن كل العلوم والتكنولوجيا مأخوذة من تلكم الأديان.
كم أنا مسرور لحريتك،وهذا دليل صدقك مع ذاتك قبل صدقك مع الآخرين.
مبروك لك مرة أخرى.


6 - شكري لأخي العزيز خليل أحمد إبراهيم
ضياء الشكرجي ( 2017 / 10 / 26 - 20:55 )
ولك أيضا جميل شكري مع اعتزازي بكلماتك مع خالص الود وكبير التقدير


7 - ان تتبعون الا الظن وان انتم الا تخرصون
عبد الله اغونان ( 2017 / 10 / 27 - 22:34 )
هل الاعتقاد الظني فقط مرتبط بما يقع فيه مسلمون من أخطاء ؟
أم هو مرتبط بالاعتقاد ؟
لايمكن لأحد أن يدعي معرفة الله وحبه الابواسطة الرسول كسراج ونور يضيئ للمبصرين والعميان


8 - كل إنسان مؤمن بالله عليه أن لا يشرك به أحدا.
خليل احمد ابراهيم ( 2017 / 10 / 28 - 15:24 )
أنا كإنسان ارى أن الإنسان هو الذي أوجد الله والأديان وليس بالعكس،ومع هذا من يعتقد بالله عليه أن يتوجه له دون واسطة،ولما الواسطة إذا كان هذا الوسيط هو إنسان مثلك وبشر.
استاذي عبدالله اغونان ،هؤلاء الأنبياء هم بشر مثلك ولربما الكثير ممن فعلوا هم أنا على يقين إنك لم تفعلها وحتى لو قدموا لك مغريات لأن اخلاقك لا تقبله،وانا ايضٱ-;- و أريد أن ااتي بامثلة وهي ليست قليلة.
إذن لماذا نخدع ذواتنا على أساس خرافات لا وجود لها.


9 - كل إنسان مؤمن بالله عليه أن لا يشرك به أحدا.
خليل احمد ابراهيم ( 2017 / 10 / 28 - 15:25 )
أنا كإنسان ارى أن الإنسان هو الذي أوجد الله والأديان وليس بالعكس،ومع هذا من يعتقد بالله عليه أن يتوجه له دون واسطة،ولما الواسطة إذا كان هذا الوسيط هو إنسان مثلك وبشر.
استاذي عبدالله اغونان ،هؤلاء الأنبياء هم بشر مثلك ولربما الكثير ممن فعلوا هم أنا على يقين إنك لم تفعلها وحتى لو قدموا لك مغريات لأن اخلاقك لا تقبله،وانا ايضٱ-;- ولا أريد أن ااتي بامثلة وهي ليست قليلة.
إذن لماذا نخدع ذواتنا على أساس خرافات لا وجود لها.

اخر الافلام

.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك


.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي




.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن


.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت




.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان