الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زعزعة العلاقات الاميركية التركية

جورج حداد

2017 / 10 / 31
السياسة والعلاقات الدولية


إعداد: جورج حداد*

تتميز الرأسمالية (او النظام الرأسمالي) بميزتين رئيسيتين:
-1- مركزة وتمركز الرأسمال والمؤسسات الرأسمالية حول وفي المؤسسات الرأسمالية الكبرى.
-2- المزاحمة الضارية بين جميع المؤسسات الرأسمالية من كبيرها الى صغيرها، حيث تعمل كل مؤسسة لحسابها الخاص، على مبدأ الجميع ضد الجميع.
وهاتان الميزتان تشملان الامبريالية (او النظام الامبريالي) التي هي "المرحلة الاعلى للرأسمالية"، كما يقول لينين.
ومع ازدياد شدة التمركز الامبريالي الى درجة ظهور القطب الاميركي الاوحد، الا ان الامبريالية لا تستطيع هدم واعادة بناء الرأسمالية، اي لا تستطيع الغاء مبدأ المزاحمة والصراع الرأسمالي ـ الامبريالي "الداخلي".
وهذا ما نراه اليوم، بالعين المجردة، في الصراعات "داخل البيت الاميركي" الامبريالي. كما في النزاعات بين الامبريالية الاميركية وحلفائها وعملائها على مدى العالم، بصرف النظر عن النضال الطبيعي لجميع شعوب العالم ضدها.
وفي هذا الصدد نشرت جريدة "نيزافيسيمايا غازيتا"" الالكترونية الروسية للمحلل الدولي المختص بالشؤون التركية تيمور شمشيدينوفيتش احمدوف مقالا حول النزاع بين الامبريالية الاميركية والنظام التركي بزعامة رجب طيب اردوغان الذي ""فتح على حسابه". ونورد فيما يلي اهم ما جاء في هذا المقال:

يولي الرئيس التركي اردوغان اهتماما خاصا "للدعوى ضد رضا زاراب" الجارية في اميركا منذ ايار 2016، وهو رجل أعمال إيراني - تركي يشتبه في تنظيمه عمليات مالية، تمكنت إيران بفضلها من التهرب من سلسلة من العقوبات الأميركية ضدها. والعنصر الرئيسي في الدعوى هو المشاركة المفترضة في تلك العمليات من قبل الحكومة التركية برئاسة اردوغان. وإن التحقيق يقترب كل يوم من البرهان على أن الرئيس التركي كان متورطا بشكل مباشر في صفقات يشوبها الفساد.
ومما يعزز القلق الذي يسود القصر الرئاسي في أنقرة بسبب المحاكمة الجارية، أن مستوى انعدام الثقة ينمو يوما بعد يوم بين النخب التركية والأميركية. وبالنسبة للأميركيين، فإن السبب الرئيسي للخلافات مع أنقرة هو قبل كل شيء الرئيس التركي نفسه. إن تقوية النظام في تركيا يعطي حافزا ملحوظا للنخب الأميركية للتفكير في خطوات ملموسة تهدف إلى عزل أردوغان ومن ثم ابعاده عن السلطة.
والولايات المتحدة لم تكن موافقة تماما على أن تكون لتركيا سياسة واسعة حيال "الجهاديين" العاملين منذ عام 2011 في سوريا. وثمة نقطة خلاف أخرى هي التقارب بين تركيا وبين روسيا وإيران - وهما دولتان تتحديان المصالح الأميركية. والدعاية المناهضة للولايات المتحدة من قبل السلطات التركية تجعل من الصعب على الولايات المتحدة طرح سياسة فعالة في المنطقة. ويضطر النظام التركي بشكل متزايد إلى طرح موضوعات القومية، ومكافحة الإمبريالية للحفاظ على السلطة.
ومن المهم أن نفهم أن جوهر المشاكل في العلاقات التركية الأميركية ليس أن أنقرة تتجه نحو الاستقلال عن خط السياسة الخارجية لواشنطن. فلفترة طويلة بعد عام 2002، قبل "الربيع العربي"، فإن الولايات المتحدة رفعت تركيا بوصفها نموذجا لديمقراطية فعالة مع أغلبية اسلامية في الشرق الأوسط.
إن جوهر الخلافات ومصدر أزمة العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، وفقا للنخب الأميركية، هو ان أردوغان يحاول في ظل الاستقطاب الاجتماعي والاستياء المتنامي من الحكومة، البقاء في السلطة، واللجوء بشكل متزايد الوضوح إلى أساليب الحكم الفردية.
إن الخطوات الجذرية التي تهدف إلى تغيير قيادة البلاد، هي محصورة ضمن حدود الأهمية الجيوسياسية لتركيا نفسها.
وهذا لا يشمل فقط عامل قاعدة انجرليك الجوية، بل يشمل أيضا خطط الولايات المتحدة لاحتواء سياسة التوسع الإيرانية. ومن ناحية أخرى، من المهم أن نفهم أن الضغط المفرط على أنقرة سيجعلها تتقرب بشكل متزايد من موسكو وطهران.
ان النخب الأميركية تميل الآن إلى فكرة عزل أردوغان تدريجيا على الساحة الدولية. وإحدى النقاط الهامة في العقوبات المفترضة هي وضع قائمة بعدد من الأشخاص المقربين من الرئيس، والذين تكون السلطات الأميركية مستعدة لاتخاذ تدابير خاصة بشأنهم.
وقد بدأت تطبق بالفعل عقوبات خفية في عدد من المجالات الحاسمة بالنسبة لتركيا: في المجال العسكري، بدأ تعليق تقديم تكنولوجيا عسكرية مهمة الى أنقرة. ومن ناحية أخرى، فإن الولايات المتحدة، بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري الرئيسي لأنقرة، مستعدة لممارسة الضغط على تركيا في المجال الاقتصادي. وأخيرا، يمكن للولايات المتحدة أن تتعامل بتسامح مع الأصوات المعارضة التي تنتقد أردوغان. ويدل على ذلك عدم رغبة واشنطن في التعاون في عدم تسليم الداعية التركي فتح الله غولن، الذي اتهمته السلطات التركية بتنظيم الانقلاب في تموز 2016.
ومن المثير للاهتمام أنه يبدو أن أردوغان يدرك أن صبر الشركاء الغربيين هو على وشك الانتهاء. وهو يقوم، من جهة، بتثبيت "كسارات البندق" داخل تركيا، والقضاء على أي بؤرة للمقاومة السياسية؛ ومن ناحية أخرى، فإنه يحاول، في أي صراع ناشئ مع الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، أن يضع نفسه كجزء من الحل وكجزء لا يتجزأ من التعاون المستقر لتركيا مع الغرب. وفي الوقت نفسه، وبسبب التهديد بالعزلة، يقوم أردوغان بتطوير العلاقات مع روسيا التي تحاول هي أيضا الخروج من نظام العقوبات الغربية. وفي ضوء ذلك، فإن روسيا تتفهم عدة نقاط. وأولها ان قرار أنقرة بالاقتراب من موسكو هو ذو طابع اضطراري إلى حد كبير وليس له أساس متين. واليوم، فإن السياسة الخارجية لتركيا هي سياسة أردوغان، وإذا اخذنا بالاعتبار تدني رصيد الحزب الحاكم والاستياء من الزعيم التركي بين النخب الغربية، فإن مستقبل أردوغان السياسي هو موضع شك. وفي هذا الصدد، تحتاج روسيا إلى تطوير العلاقات ليس فقط مع الحكومة التركية، ولكن أيضا مع المراكز البديلة للنفوذ السياسي، ومختلف الجماعات السياسية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل