الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يبقى في الذاكرة عن الثورة؟:

فاضل الخطيب

2017 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا يبقى في الذاكرة عن الثورة؟:
ماذا بقي أو يبقى في ذاكرتنا عن ثورة الشعب السوري من أجل الانعتاق من نظام الأسد الاستبدادي الفاسد؟ بقيت المظاهرات الأولى وشعاراتها الوطنية في عام 2011، ثم بدأت تتسلل شعارات الإسلام السياسي "من جهز غازياً كمن غزا، قائدنا للأبد سيدنا محمد(وهو شعار أسدي)، الثورة سنية، جبهة النصرة تمثلني/وهو أسوأ وأحط شعار سياسي يطرح من قبل الفئة السياسية التي تمثل الثورة رسمياً ..إلخ."، وغابت بالمرة الشعارات الوطنية التي تعكس شيئاً من روح الحرية ودولة القانون والتعددية.. يبقى في ذاكرتنا الخطاب الجهادي الذي ساهم في استقبال وتجنيد مئات آلاف المجاهدين ومئات الجماعات الجهادية الإرهابية التكفيرية العنصرية التي قدمت لها الدول الإسلامية في المنطقة كل الدعم المادي واللوجيستي "تركيا، السعودية، قطر، الإمارات وغيرها" وساهم هذا الخطاب المتخلف القروسطي في خلق مزاج وحاضنة في البداية لوجود تلك الجماعات التي تعمل للإطاحة بالأسد لأنه علوي وتعمل على قيام دولة إسلامية حسب الشريعة، وقد طبقت تلك الشريعة في مناطق سيطرتها.. يبقى في ذاكرتنا أبو صقار ومحاولات البعض تبرير همجيته، وتبقى الأقفاص الحديدية والسبايا العلويات واستعراضهم من قبل جيش علوش، ويبقى اسم ولحية علوش الإرهابي المعادي للحرية والتقدم في الذاكرة كأحد زعماء الثورة، كما أجبر المجاهدين التابعين لجماعات الإسلام السياسي التكفيري كل العناصر غير المسلمة السنية على الخروج من الثورة المسلحة/أو عرضوهم للقتل أو الخطف أو التجويع، أقول كما فعلها المجاهدين بثوار الحرية، يفعلها جانبهم السياسي التكفيري مع كل أنصار الثورة غير المسلمين السنة/إلا من ارتضى أن يكون تابعاً ذليلاً لهم كتبعية بشار الأسد.. المؤسف ليس سلوك هؤلاء الذين كان غالبيتهم أدوات رخيصة وهوبرجية للأسد خلال سنوات وعقود، بل المؤسف بعض المثقفين الذين يتجاوزون تلك السقطات القاتلة بترفع حيناً، وبحجة اللحمة الوطنية أحياناً أخرى، تلك اللحمة التي تناهشتها ضباع الجماعات الجهادية مشاركة مع الأسد.. ساهمتم كالأسد في قتل أهلكم وتدمير مدنكم من خلال طلاقكم مع فكرة الحرية، من خلال إقحام الدين في الثورة واعتبار نصرته أولوية فوق كل شيء.. من يقف ضد الأسد بسبب علويته، يقف ضد الحرية لأنها تخنق تخلفه وهمجيته وإجرامه.. يبقى في ذاكرتنا ذلك الرهط المرتزق من سياسيي الإئتلاف ولجنة مفاوضاته ومستشاريهم وصحفييهم وكل الذين يدافعون عن تلك القوادة على دماء الثورة، يبقى الفساد الثوري الشرعي وصمة عار في جبين الإسلام السياسي وفي جبين الذين انخرطوا في ذلك الفساد وسرقة حليب الأطفال وشراء لقاحات للأطفال فاقدة الصلاحية وسامة، يبقى في الذاكرة نذالة بعض الرموز الأقلوية الجهادية مثل جورج صبرا وغيره من الذين حاولوا تلميع أو تبرير أو تجاهل جرائم الإرهاب الجهادي الهمجي الذي اغتصب الثورة وأجهضها وجعل العالم يتفرج على المقتلة السورية التي تشارك فيها الإرهاب الأسدي مع الإرهاب الجهادي الإسلامي.. ماذا قدم ذلك الخطاب والسياسة الإسلامية للثورة وللشعب وللإسلام نفسه؟ هل الإسلام اليوم أكثر قرباً وتعايشاً مع نفسه وجيرانه ومع العالم، أم أكثر غربة وبعداً عن الحضارة؟ لو كانت داعش/وكل الجماعات الجهادية بلا استثناء داعشية، لو كانت داعش تسيء للإسلام، كان أعداء الإسلام أول من دافع عنها، لكن ملايين المسلمين الذين باركوها وبايعوها ودافعوا عنها وقدموا مختلف أشكل العون والدعم، هؤلاء اليوم يتنكرون لكل ذلك الدعم والدفاع، لأنهم جبناء أنصار الهمجية وأعداء الحرية، لأنهم أعداء الوطن السوري.. نعم أنتم حولتم ثورة الحرية والانعتاق ودولة القانون إلى ثورة سنية معادية للحرية والانعتاق ودولة القانون ولا تقدم إلا الهمجية والعداء للشعب وللعالم، وساهم الملايين في تلك الثورة السنية، إما بالمشاركة القتالية أو بالدفاع أو الصمت عنها.. كانت انتقادات غالبية مثقفي السنة لتلك الجماعات الهمجية هو لحمسة عن الحلال والحرام، لأن أموالها وصلت للكثيرين جداً، وحتى أموال الآباء الشرعيين للثورة السنية "تركيا، السعودية، قطر وغيرها" مازالت تقدم بعض الأموال لأنصارها السوريين بمثقفيهم.. داعش وأمثالها من الجماعات الجهادية كنظام الأسد، لا تُقسم على اثنين، ولا يمكن التعامل معها على أساس إجر بالفلاحة وإجر بالبور أو ضربة ع الحافر وضربة ع المسمار!.. طبعاً جاهزة نظرية المؤامرة ودور أميركا وإسرائيل، ورغم اعترافنا بذلك الدور في إجهاض الثورة، لكن دور السوريين وثورتهم السنية وخطابهم المتخلف قلما يذكره "مثقفي الثورة" وضحاياها من السنة.. هل تتصور لو كان أبو صقار وزير الدفاع وعلوش وزير الثقافة والجربا وزير الخارجية وماخوس وزير الشباب وسهير الأتاسي وزيرة التموين وجورج صبرا وزير الأوقاف ..إلخ. سقوط الأسد ليس انتصار ثورة الحرية، والهدف كان إسقاط النظام من أجل بناء دولة القانون والديمقراطية والمواطنة والتعددية، وأين نحن الآن من هذا؟.. يبدو أن الكثير من المثقفين السوريين، يُجيدون في تشريح نوايا أميركا وتواطؤ العالم، وفي هذا صحيح كثير، وحتى الاعتراف بتواطؤ بعض الدول العربية والإسلامية وتقصيرها، خاصة الدول غير الممولة للجماعات الجهادية وللإئتلاف ومؤسساته الثورية، لكنه يبقى تناول التواطؤ الداخلي الذاتي بعيداً عن التشريح الحقيقي، وتبقى هموم البعض البحث عن أسباب خارجية دولية وخارجية "أقلوية"/على اعتبار الأقليات خذلوا أهلنا وأوصلوا الثورة إلى هذا الاستعصاء، يعني "لولاهم لانتصرنا"!، طبعاً لا نتحدث عن أهلنا الذين خذلوا أهلنا، لأننا نتعرض للقصف والتدمير بينما عدم قصف الأسد مدن الأقليات وبعض الأكثريات، هي مسؤولية الأقليات.. ماذا يبقى في الذاكرة عن الثورة؟ وإلى أين أوصلتنا الثورة السنية؟ وأنا أقول وبكامل قواي العقلية وانتمائي لثورة الحرية، أنه "لولاهم لانتصرنا"، وشتان بين لولاهم ولولاهم!...
فاضل الخطيب، شيكاغو، 31/أكتوبر/2017.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات