الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق .. إعادة تكوين

جعفر المظفر

2017 / 11 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



في البداية لم يكن الأمر على هذه الدرجة من السوء. صحيح أن حركة التمرد أو الثورة الكردية كانت بمثابة حالة من الإستنزاف الإقتصادي والبشري, لكنها لم تكن تشترط طيلة قيامها في سنوات القرن الماضي ان يتم عبورها إلى ضفة تأسيس دولتها المستقلة متلازما أو متأسساً على حالة مٌستبِقة من التقسيم الذي يضع العراق جميعه في مواجهة حتمية التشرذم والتفكك.
لقد مضى الزمن الذي كنا قد غفلنا عن هذه الحقيقة. بعد عقد ونصف من عمر الدولة التي أقامها الإحتلال حدث تغيير أكيد على الخطاب الثقافي السياسي المضاد أو المتحفظ على تطلع الأكراد العراقيين لإقامة دولتهم المستقلة. لم تبقَ هناك مشكلة, حتى أولئك العراقيين الذين كان تحفظهم أو رفضهم قد تأسس على رؤى وطنية غير معادية للحق الكردي, لا على نكران هذا الحق, إنتهوا إلى حقيقة ان نهاية الصداع العراقي صار مرتهنا بخروج المناطق الكردية من جغرافيته. وفي النهاية لم تعد هناك ضرورة لمناقشة حق تشكيل الدولة الكردية من عدمِه, وبغض النظر عن إلإختلاف في أساسيات بناء الموقف فإن الأغلبية كانت قد إنتهت إلى الموقف نفسه, التقدميون والمحافظون, القوميون والماركسيون.
لم تعد هناك مشكلة حقيقية في إقناع العراقيين بإستحالة بقاء الكرد واللاكرد تحت سقف واحد. إن جميع العراقيين, من غير المتفعين من نظام المحاصصة اللعين, باتوا على ثقة أن الحل الأمثل هو أن يمضي كل منهما إلى سبيل.
وفي الحقيقة فإن عدد الذين يؤمنون بوجود أخوة عراقية كردية ظل يتناقص بشكل خطير. وقد يتصدى بعض الأكراد للتأكيد على أن تراجع وتدهور العلاقات الأخوية كان حدث بسبب سوء علاقة الحكم الإتحادي في بغداد مع الإدارة الفدرالية, لكن من السهولة تفنيد هذا الراي من خلال التوقف أمام العديد من الخروقات التي إرتكبتها الإدارات والأحزاب الكردية للخروج بنتيجة نقيضة. وفي الحالتين لم يعد هناك شك بأن بقاء الطرفين تحت سقف واحد بات متعذرا, وإن المبارزة بالأخطاء لم يعد نافعا لأن القضية الكبرى المتعلقة باساسيات بناء الوطن الواحد لم تعد موجودة, وهي هنا متعلقة إلى حد كبير بغياب الثقة وتسيد الخطاب الكردي الإنفصالي وطغيانه على الخطاب الوطني الواحد وسيادة روح الغربة بين الطرفين.
إن من السهولة رؤية الأشياء حتى بعيون مغمضة. في المحافظات الكردية الثلاثة التي تتشكل منها الفدرالية الكردية, المواطنون العراقيون من غير الأكراد, هم ضيوف على أهلها, أما على صعيد الوافدين إليها من المناطق العراقية الأخرى فيعاملون معاملة الأجانب. كل المعطيات, السياسية والثقافية والإقتصادية والعسكرية تشير إلى وجود دولة داخل دولة. حتى في حدود الإعتراف بهذا الوضع غير العادل مطلقا فإن من السهولة تلمس الخطاب الإنفصالي الذي راح يفرض ذاته على المجتمع الكردي الذي وصل إلى حد التثقيف على أن العراق هو هو في حقيقته بلد مستعمر للأكراد وإن لا سبيل أمام الأكراد غير حصولهم على الإستقلال. وللعراقيين الذين يعيشون خارج العراق, وهم بالملايين, فإن الكردي بات يرى العراقي منهم بمثابة العدو الذي وجبت كراهيته.
هكذا تحولت الأخوة العربية الكردية إلى مجرد كذبة كبيرة بعد أن كانت تؤلف مادتها ثقافة وطنية يتغني بها المطربون والشعراء, أما العربي الذي كان ينظر إلى الكردي كمَثَل للصدق والنقاء والطيبة فقد عمل السياسيون الكرد على نزع مشاعره الصادقة هذه من جذورها وبات من المتعذر على العراقيين أن يظلوا خارج مرمى هذه الكراهيات الجديدة.
واليوم فإن أي حديث عن وجود عراق واحد يجب أن يراعي توفير مقومات الوحدة الثقافية والإجتماعية والنفسية بشكل أساسي ولا يسمح لوجود تشكيلات سياسية لا علاقة بنيوية لها مع العناوين الوطنية.
ولا بد لذلك أن يمر من خلال إعادة كتابة الدستور الذي أسس لنظام المكونات وإستبداله بآخر يؤسس لنظام المواطنة بعيدا عن الفكر الديني الطائفي المتخلف والقومي المتعنصر, وهو نظام يشترط وجود مؤسسات مركزية لا تعطي فرصة لوجود أي نوع من التشكيلات الإدارية وخاصة تلك التي تشيع لثقافة الفدراليات التفكيكية, ولا يمنح الفرصة لهيمنة العناوين الخادعة التي ترتب أية ثقافة إنسانية بشكل يتناقض أو يتصادم مع الحاجات الوطنية الأساسية لبناء البلد الواحد الذي يتساوى فيه الجميع أمام القانون دون النظر إلى الدين أو العرق أو الطائفة.
.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الكريم المظفر جعفر المظفر المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2017 / 11 / 2 - 19:31 )
اعتزاز وتأييد لكن
الدستور-حيٌ يُرزق- التلاعب به اوفيه صعب وفق حال التركيب السياسي البريمري اللعين.
يجب تجاوزهذه الحالة.السادة الاشراف ال البارزاني كانووسيكونون حجرعثرة.تحت رايتهم سقط من الكورد مضرجاً بدمه اكثر مما قتل منهم صدام حسين
الصراع بينهم صراع تكايا.لم يحسن اويفكرالغيربأستغلال هذه الحالة وكانت وتكون وستكون سهلة جداً
انت تعرف وانا اعرف وهذا اشرتُ اليه فيما كتبته عن الموضوع وهو ان عدد من يطلق عليهم الاخوة الكورد-جحوش- اكثر بعشرات المرات من الذين يطلقون عليهم -بيشمركَه- مع فائق حبي للبيشمركَه واجلالي لهم لأنهم مناضلون .
الاخوة العربية العراقية الكوردية صخرة.صحيح نُشراونَشرحولها وعنها الكثيرمن التشكيك اليوم ذلك التشكيك الذي قاده زلمسعود-زلماي مسعود-وقد ترك شرخٌ لا يشعر به إلا كُورد المناطق المختلطه.كما فعلوا بين المتزاوجين من سنة وشيعة اليوم يصنعون بين المتصاهرين من عرب و كورد
مصيبتي انا الاعظم فلي مصهاره ونسب وتشابك نادراً ما يوجد في العراق المتنوع فأنا خال و عم لكورد و سنة من الدرجة الاولى.فمن جبورالدورة الى تمايمة حمرين الى اكراد فايدة الى المواصله الى الكربلائيين الى الناصرية.


2 - الموضوع ربما فيه الكثير مما يجب ان يستوعب لكن
علاء الصفار ( 2017 / 11 / 3 - 10:55 )
تحية طيبة
حرب عراقية_ايرانية لم تخلق حاجز من الدم ولا حلبجة خلقت حاجز من الدم,ليددل هذا ان الشعوب متلاحمة وتعرف احزابها وحكوماتها!فالاكراد يعتزون بالنضال الثوري لكن لهم مرارة صراعات تاريخية بين الاحزاب(حدك_أوك)ولليوم!ولو نراجع التاريخ نرى ما تم اغتياله على يد القيادات الكردية ليفوق ما قام به صدام حسين تجاه القيادات,وتعامل النظام وفق ما ارادتة بريطانيا وامريكا الا وهو حكم الشعب من عرب وغيرهم من اجل تحقيق المصالح الغربية ,ولنرى الملك كان من ساهم في تشريد اليهود وكذلك البعث من العراق,فهو اساسا لتحقيق المشروع الغربي والصهيوني,فصارتعايش عرب وكورد وغيرهم,وهذا له تاريخ قبل الاستعمار و يعود الى قبل الاسلام وبعده,ومن ثم العراق بلد صغير تدوس عليه ايران وتركيا تاريخيا,فللاكراد دورهم مع هذه القوى من اجل معادلة الافادة العشائرية,من العثمانية ام من الصفوية.ثم الامر بات واضحاً ان الغرب وامريكا مع التقسيم فهو استراتيجية للسيطر-فرق تسد-ان انشاء دولة كردية موحدة جل ما يخشاه الغرب وامريكا كما الوحدة العربية,والاكراد باتوا يعون الان هذا.الانفصال ليس مشكلة!ليحدث بدون دماء لذا يجب حساب خطر الحرب الاهلية!ن


3 - القيادتيين العربية والكردية
د.قاسم الجلبي ( 2017 / 11 / 3 - 12:37 )
الشعبين العربي والكردي ناضلا جنبا الى جنب من اجل وطنا حرا ديمقراطيا تعدديا فدراليا, ومنذ سنوات وقد اختلطت دمائهما على سفوح ووديان جبال كردستان, وما الآنصار الشيوعيون والديمقراطيو والشرفاء من الشعب العراقي اللذي حملوا سلاحهم من اجل اسقاط الصنم البعثي هو خير مثال على هذا النضال, وقد ترك العديد من اليساريين في الجنوب والتحقوا مع الفصائل الوطنية ما هو الآ رمزا من رموز هذا النضال المشترك , ولكن بعد 2003 تقاسم القومييون الكرد الشوفينيون والطائفيون من الشيعة والسنه سياسة مغايرة اخلت بمعادلة الوطنية الحقيقية وبهذا النضال المشترك , لقد شارك الكرد ايضا بالفساد والمحسوبية والرشوة واخلوا ب المفهوم الديمقراطي التعددي اللتي ناضالا من اجلهما خلال السنين الماضية , وهذه النتائج الكارثية تتحملها القيادتيين الكردية وازلام الحكام في بغداد , ولكن سيبقى شعا ر على صخرة النضال للشعبيين العربي والكردي تتحطم جميع بؤر الفساد وألانظمة العشائرية الديكتاتورية, ونظام المحاصصة الطائفية , مع التقدير

اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ