الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقولة: - الحزب القائد - !

محيي الدين محروس

2017 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


من أين أخذ الأسد مقولة: „ الحزب القائد للدولةِ والمجتمع"؟
وما هي التغييرات الجذرية في تعريبها بعثياً؟

بدايةَ لا بد من توضيح فكرة الثورة الاشتراكية ودور ديكتاتورية البروليتاريا في المفهوم الماركسي.
من الناحية النظرية، الطبقة العاملة هي صاحبة المصلحة في السيطرة على السلطة السياسية والاقتصادية على وسائل الإنتاج و أجهزة الدولة بما فيها مؤسسة الجيش والمؤسسات الأمنية، وهذا لا يمكن أن يتم إلا عبر الثورة الاشتراكية، وممارسة السلطة من قبل العمال ومجالسهم.
عندما كتب ماركس عن ديكتاتورية البروليتاريا في القرن التاسع عشر، وعندما قامت الثورة البلشفية في بداية القرن العشرين، لم يكن هناك ..انتخابات ديمقراطية، ولا ديمقراطيات ..ولا تبادل السلطة بشكل سلمي، بل كانت ديكتاتورية الرأسمالية بأبشع أشكالها في استغلال الطبقة العاملة وجماهير الكادحين وملاحقة واعتقال واغتيال أي مُعارض للسلطة! من هنا جاء مفهوم انتزاع السلطة بالقوة من هذه الطبقة، والوقوف ضدها ( أي ديكتاتورية " الأكثرية المسحوقة " موجهة ضد الرأسمالية والإقطاع التي تُشكل النسبة الضئيلة من المجتمع .. وتتمثل في مصادرة ملكية وسائل الإنتاج ..مصادرة الأراضي من الإقطاعيين وتوزيعها على الفلاحين … مصادرة القوة العسكرية والأمنية منهم لمصلحة العمال.. إلخ).
مع التوضيح، بأن هذه الديكتاتورية البروليتارية هي لفترة انتقالية ـ أثناء هذه المصادرات للسلطة.
وهذا في بداية القرن العشرين .. وفي أحسن الأحوال، كانت له شرعيته في النصف الأول من القرن العشرين … خلال الحرب الأهلية في الاتحاد السوفياتي .. وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، حتى قيام منظومة الدول للديمقراطيات الشعبية. مع العلم بأن هناك وجهات نظر مختلفة من هذه المقولة وسط الماركسيين.

هذا نظرياً، أما من الناحية العملية:
فكانت تُرتكب انتهاكات من قبل حزب الطبقة العاملة – الحزب الشيوعي – في وضع كافة السلطات بيد الحزب بدلاً من أن تكون بيد الطبقة العاملة، وصولاً إلى النص في الدستور السوفياتي عام 1936 عن" الدور القيادي للحزب الشيوعي السوفياتي „. وعملياً أخذ الحزب مشروعيته في قيادة الدولة والمجتمع! وتشكلت فئات قيادية تمت تسميتها " البرجوازية الحمراء" وهي الفئات المتمسكة بالسلطة ( إلى الأبد ) للحفاظ على مكاسبها!

أخذ حافظ الأسد بهذه الفكرة – الحزب القائد - في النصف الثاني من القرن العشرين، بعد انقلابه واستلامه للسلطة، أي بعد أن كان من المفروض التخلي عنها !وقام بتعريب الفكرة ( كما قام البعث مُسبقاُ بتعريب الاشتراكية العلمية ) … لم يأخذ بالاعتبار المفهوم الطبقي – لدور الطبقة العاملة في الثورة، ولا بأن الحزب القائد هو حزب الطبقة العاملة … لكون الأحزاب القومية لا تعترف بالطبقات بل بالقوميات.
وأخذ يُمارس الديكتاتورية الاستبدادية باسم – الأقلية ( التي تمثل أعضاء حزب البعث)، ضد الأكثرية من الشعب، وذلك تحت شعار " حزب البعث هو الحزب القائد للدولة والمجتمع " واتبع عدة وسائل، منها:
بدءاً من برامج التعليم والبرمجة الفكرية للأطفال والتلاميذ، وتنظيمات: طلائع البعث، واتحاد الشبيبة، والاتحاد الوطني، والاتحاد النسائي، والنقابات، واتحاد الفلاحين .. .. فكل التنظيمات المدنية يجب أن تخضع للحزب القائد!
احتكار النشاط السياسي في المؤسسة العسكرية، لبناء جيش " عقائدي " لحماية سلطة البعث!
بناء أجهزة أمنية حديدية متعددة لخنق أي صوت مُعارض للسلطة البعثية!
وضع السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية تحت سيطرة الحزب القائد!
وضع كافة وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمكتوبة تحت سيطرة السلطة!
هذا عدا عن التزوير الظاهر للعيان لكافة ما يُسمى انتخابات، بما فيها " تجديد البيعة للرئيس" !
مع مرور الوقت، انتقلت السلطة من حزب البعث إلى مافيا تدور حول " الرئيس" ، تقوم بالسرقات والفساد تحت حماية الجيش والمؤسسات الأمنية، والتي قسم من قياداتها عضو في هذه المافيا!
من هنا، يمكن فهم موقف هذه السلطة الديكتاتورية الاستبدادية ، في مواجهة الانتفاضة الشعبية السلمية التي انطلقت في آذار 2011 وتحولها إلى ثورة، والتصدي لها بالرصاص الحي، كونها تمس مصالحه الاقتصادية وكافة امتيازاته السلطوية، التي يطمح للحفاظ عليها " إلى الأبد"!

إن الوعي الاجتماعي يتطور بشكل مستمر، ونحن اليوم في عصر الحريات والديمقراطيات، وكل مَن يريد أن يقف ضد هذا المسار، فهو الخاسر بالتأكيد.
فشعبنا السوري يرفض كافة أشكال الاستبداد السياسي والديني والعسكري وتحت أي مسمى كان، ويطمح للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ودولة المواطنة بدون أي تمييز بين المواطنين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي