الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السماح بالزواج من القاصرات جريمة ضد الطفولة ومخالَفة للدستور

عبدالخالق حسين

2017 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


سمحتْ هيئة رئاسة مجلس النواب، في جلسة يوم الثلاثاء، 2/11/2017 وبطريقة خاطئة، التصويت "المبدئي" على مشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959، النافذ، رغم اعتراض 15 نائباً من مختلف الكتل على تلك الطريقة، وخروجهم من الجلسة لكي لا يكتمل النصاب. فكما اعربت القوى التقدمية، أن هذا التعديل يعتبر "نكسة للمرأة العراقية"، وإهانة لمكانتها، وحقوقها الانسانية والقانونية والدستورية، وله مخاطر مدمرة على نسيج المجتمع العراقي، إذ يراد منه العودة إلى الزمن الغابر الذي طبق فيه ما يسمى بـ"القانون الجعفري"، والذي يسمح للرجل بالزواج من الطفلة الرضيعة بعمر السنتين عن طريق تفخذيها، والولوج بها في عمر التاسعة. وهذا خزي وعار على عراق ما بعد صدام، ويعطي الذخيرة الحية للبعثيين الصداميين لتشويه صورة العراق الجديد والديمقراطية.(1)

لقد حذرنا في مقال سابق لنا بعنوان: (حذارى من (التحرش) بقانون الأحوال الشخصية!)(2)، من أي تعرض لقانون الأحوال الشخصية رقم 88 لعام 1959، الذي صدر في عهد حكومة الزعيم عبدالكريم قاسم، و يعد من أفضل القوانين التي أنصفت المرأة والطفولة والمجتمع في تاريخ العراق. ولكن المشكلة أن أكثر من عارض هذا القانون التقدمي الإنساني، هم رجال الدين الشيعة، حتى أنهم تحالفوا مع حزب البعث المجرم والجهات الأجنبية المعادية للعراق، في أوائل الستينات من القرن الماضي، وأطاحوا بأخلص وأنزه حكومة وطنية عرفه العراق في تاريخه الحديث، ودفعوا ثمناً باهظاً لفعلتهم الشنيعة تلك.

في الطب وفي فلسفة الأخلاق، وعلوم الاجتماع والنفس، تعتبر الطفولة من الولادة إلى سن السادسة عشر، كما أقرته جميع القوانين الوضعية بما فيها قوانين الأمم المتحدة، أن سن الرشد هو من بلغ 18 عاماً من العمر، حيث يسمح له بالتصويت في الانتخابات.

ففي الدول المتحضرة، أية علاقة جنسية مع أي إنسان وحتى في حالة الزواج دون سن البلوغ، يعتبر جريمة اغتصاب ولو بالتراضي، والمرتكب لهذه الجريمة يُعد من المنحرفين جنسياً، والمصابين بمرض الولع الجنسي بالأطفال (Paedophiles)، و يوضعون تحت المراقبة من قبل الأجهزة الأمنية لحماية الأطفال من انحرافهم، وإذا ارتكبوا الجريمة يوضعون وراء القضبان حسب القانون.

لكن ماذا نقول لو قامت جهة شرعية مثل برلمان دولة هي عضو في الأمم المتحدة، بتشريع قانون يبيح في الزواج من القاصرات، بممارسة التفخيذ معها من الرضيعة بعمر عامين، والولوج بها بعمر تسعة أعوام. فهذا القرار مخالف لجميع القوانين الدولية، وحقوق الإنسان، وحقوق الطفولة، وحقوق المرأة، والعودة بالمجتمع إلى عصور الهمجية، والجاهلية الأولى. فهذا التعديل يعتبر المرأة بمختلف مراحل عمرها، من الولادة إلى الوفاة، هي عبارة عن بضاعة يتصرف بها الرجل كما يشاء أسوة بأية بضاعة جامدة أخرى، بعد تجريدها من آدميتها، وإمكانياتها العقلية، ومشاعرها وحقوقها الإنسانية.

فكما ذكرنا في مقالنا السابق، لقد تذرع النواب الإسلاميون المطالبون بتعديل القانون، بالمادة الثانية من الدستور أنه (لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الاسلام). ولكن نفس المادة أقرت أيضاً (لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت الديمقراطية). ولا شك أن حقوق المرأة هي من ثوابت حقوق الإنسان والتي هي بدورها من ثوابت الديمقراطية، ولا يجوز إصدار أي قانون مخالف لهذه المادة الدستورية. وعليه فالتعديل المنافي للديمقراطية مخالف للدستور.

ما العمل؟
أولاً، يجب على جميع النواب التقدميين من مختلف الكتل السياسية، وخاصة النساء، معارضة هذا التعديل المجحف بشدة، وشن حملة جدال مع زملائهم من المؤيدين والمترددين لكسبهم ضد هذا التعديل المخالف للأخلاق والقيم الإنسانية، والمفتت للنسيج الاجتماعي.

ثانياً، عدم مغادرة الجلسة المخصصة لهذا التعديل لغرض عدم إكمال النصاب، لسد الطريق على مؤيديه. بل يجب حضور الجلسة والمشاركة الفعالة في المناظرة ما قبل التصويت، للتأثير الإيجابي على بقية النواب، والتصويت ضده. فمغادرة الجلسة يفسح المجال للنواب الإسلاميين وحدهم، للتصويت وبدون معارضة فعالة.
ثالثاً، على جميع الكتاب التقدميين، ومنظمات المجتمع المدني، والصحافة وكافة وسائل الإعلام شن حملة توعية واسعة للجماهير لحثهم على إجهاض محاولة الالتفاف على قانون الأحوال الشخصية، وذلك بتنظيم التظاهرات ونشر المقالات، وإعداد النداءات ضد هذا التعديل.

رابعاً، في حالة نجاح النواب الإسلامويين بتعديل القانون كما يريدون، يجب على النواب العلمانيين ومنظمات المجتمع المدني تقديم شكوى إلى المحكمة الإتحادية العليا، لإبطال هذا التعديل لكونه مخالفاً للدستور، وضد الديمقراطية، ومناهضاً لحقوق الإنسان ومسيئاً للشعب العراقي وسمعته في العالم.
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ــــــــــ
روابط ذات صلة
1- نواب ينتقدون بشدة رئاسة البرلمان لسماحها بالتصويت عليه
http://www.akhbaar.org/home/2017/11/236048.html

2- - د.عبدالخالق حسين: حذارى من (التحرش) بقانون الأحوال الشخصية!
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=925








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نواب في الحزب الحاكم في بريطانيا يطالبون بتصنيف الحرس الثوري


.. التصعيد الإقليمي.. العلاقات الأميركية الإيرانية | #التاسعة




.. هل تكون الحرب المقبلة بين موسكو وواشنطن بيولوجية؟ | #التاسعة


.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. المتحدث باسم البنتاغون: لا نريد التصعيد ونبقي تركيزنا على حم