الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحرينيون والعرب بين الضحك والاكتئاب

رضي السماك

2017 / 11 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


البحرينيون والعرب بين الضحك والاكتئاب
في مطلع الاسبوع الفائت اُعلن عن تأسيس أول نادٍ للضحك بهدف " مساعدة الناس للتع له بمركز كانو الثقافي معلومات واحصاءات خطيرة عن أحوال العرب النفسية وكثرة من شعوب العالم ، ولا أحسبها صادمة لي ، إذ أكّد ان 40% من شعوب العالم يعانون من مشاكل واضطرابات نفسية ، لكن غالبيتهم بدلاً من أن يتعالجون عنها عند الأطباء المختصين في المستشفيات والمراكز الطبية فإن 63 ٪ منهم يلجأون إلى المشعوذين والدجالين وضاربي الودع ومصممي " الرقية " ، أو الزار لإخراج الجن من الاجساد المتسببة في تلك الأمراض النفسية ، أو اللجوء أضرحة الاولياء الصالحين للتشافي ، أو لفئة من رجال الدين المختصين بعمل حجبة أدعية أو "خيرة " لاشفائهم مما هم فيه . والاسوأ من ذلك يلفت المحاضر إلى ان 11 % من المرضى الذين يلجأون الى مثل هذه العلاجات هم من ثلاث فئات يُفترض فيهم بأنهم أبعد الناس عن هذا النوع من العلاجات الخرافية الغيبية ألاهم السياسيون والرياضيون والممثلون .
على النقيض من ذلك فإننا لو تناولنا المجتمع البحريني على سبيل المثال ، لا الحصر ، فلعل من المفيد التذكير بواقعة من تاريخ القريب وتتمثل في الحالة النفسية السعيدة التي عمت الشعب البحريني بمختلف فئاته غداة أعلان الملك مطلع العقد الماضي عن الغاء قانون أمن الدولة ، واطلاق سراح مئات المعتقلين المعتقلين كافة ، والسماح بعودة جميع المنفيين ، وإعادة الجنسية أو جوازات السفر لمن سُحبت منهم ، إلى جانب ما أعقب ذلك من تصويت الشعب البحريني بالإجماع تقريباً على الميثاق الوطني لما تضمنه من نصوص مبادئ كمرشاد عمل ومرجعية لصياغة دستور ينص على فصل السلطات ، وسيادة واستقلال القضاء ، وحق الشعب في المشاركة في الشئون العامة ، وانشاء برلمان جديد من مجلسين أحدهما مُنتخب " انتخاباً حراً مباشراً " يتولى المهام التشريعية والثاني يتكون " من أصحاب الاختصاص للاستعانة بآرائهم فيما تتطلبه الشورى من علم وشورى " وهو - النص - الذي فهم الجميع منه في حينه عند التصويت على الميثاق وقبل صدور الدستور لاحقاً على خلاف ذلك بأنه مهام المجلس محصورة فقط في الشورى والتشاور وليس مجلساً يشارك المجلس المُنتخب في التشريع بالمناصفة وعلى قدم المساواة . . كل ذلك أطلق فرحة عارمة أجتاحت قلوب البحرينيين برمتهم ، ولعل أصدق من عبّر حينها عن هذه المشاعر عدد من الاطباء العرب المقيمين في البحرين في تصريحات لهم وقتها للصحافة المحلية ، إذ صرحوا أنهم لمسوا عن كثب حالة الحبور والفرحة التي بدت على مرضاهم المزمنين المترددين عليهم خلال أجواء تلك الانفراجات حتى ان العديد منهم بدا يتشافي تماما مما كان يشكو منه من أمراض . وغني عن القول بأنه يأتي في سياق تلك الآمال العريضة التي انطلقت بهم إلى العنان والتي بدت لهم ستتحقق قريباً تحسن أحوالهم المعيشية والسكنية والصحية والتعليمية بموجب تلك المبادرات والتغييرات السياسية المنتظرة .
لكن ماذا لو قُيّض اليوم لمجموعة من الباحثين النفسيين وباشراف أطباء واساتذة نفسيين واساتذة ان يجروا بحوثاً اقصائية على عينات من المجتمع البحريني لقياس ما طرأ على أحواله النفسية خلال 17 عاماً ؟ هل ياتُرى سيخرجون منها بثبات تلك الحالة من السعادة التي كان عليها الشعب البحريني بمختلف فئاته غداة مبادرات الانفراج السياسي وصدور الميثاق ؟ وما هو مقدار أو نسبة تبدلها ؟
وهكذا كما نرى فإن حالات أمراض الاكتئاب وشتى صنوف الاضطرابات النفسية والاحزان لا تستبد بالمرء ، أو حتى الشعوب جزافاً أو تحدث على غرة بلا مقدمات ، بل ثمة - إلى جانب الاسباب العائلية والاجتماعية بالطبع - عوامل سياسة هامة تدفع الشعوب بوجه عام وشعوبنا العربية تحديداً ، عدا استثناءات ، نحو الشعور بالسعادة أو " التعاسة " . ولعل مؤشر السعادة العالمي لعام 2017 خير مصداقية على ما نقول ، ففي حين تصدرت كل من النرويج والدنمرك وآيسلندا وسويسرا وفنلندا( وهي بالمناسبة نفسها التي تتصدر قائمة الدول الأقل فساداً في العالم لنفس العام والمعروفة أيضاً بعراقتها الديمقراطية ) المراكز الخمسة الاولى على التوالي بين العشرين دولة التي على رأس قائمة الدول الأكثر سعادة في العالم ، في حين خلت القائمة من أي دولة عربية أو خليجية في المراكز العشرين الأولى . ويعتمد ترتيب دول العالم في القائمة على قياس جملة من المؤشرات من أهمها : الحالة النفسية للسكان ، الناتج المحلي للفرد ، نسبة انتشار الفساد في بلدانهم ، مدى وجود رقابة فعلية لمكافحته ، ظروف العمل ، استقلالية ومستوى الحياة المعيشية للافراد ، معدل أطوال أعمارهم ، حريتهم في اتخاذ القرارات الحياتية ومدى استقلاليتهم في أعمالهم . ومن نافلة القول أن هذه المؤشرات هي وحدها التي تعطي مصداقية لأي دولة عربية في أي حملة تعلنها على الفساد والمفسدين ، وحينما تحقق أي دولة عربية مستويات ايجابية متقدمة في هذه المؤشرات عندها يمكن الاطمئنان ان شعوبها بدأت تغادر فعلاً من حالة التعاسة والاكتئاب ، وهي في الغالب كما رأينا أسبابها سياسية اجتماعية ،ولن تبقى بعدئذ إلا الحالات الخاصة التي لا تشكل نسبة مُقلقة ذات شأن في مجتمعاتنا العربية ، ومن ثم يمكن لأندية الضحك عندئذً أن تؤدي دوراً مُكملاً في علاج الاطباء النفسيين لمرضاهم العرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القادة الأوروبيون يبحثون في بروكسل الهجوم الإيراني على إسرائ


.. حراك تركي في ملف الوساطة الهادفة الى وقف اطلاق النار في غزة




.. رغم الحرب.. شاطئ بحر غزة يكتظ بالمواطنين الهاربين من الحر


.. شهادات نازحين استهدفهم الاحتلال شرق مدينة رفح




.. متظاهرون يتهمون بايدن بالإبادة الجماعية في بنسلفانيا