الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاِتحاد الإفريقي وسؤال الهوية؟

بلحسن يونس
(Youness Belahcen)

2017 / 11 / 15
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


بعدما كان الاتحاد الإفريقي يعرف نوعا من الاضطراب السياسي على مستوى تكوين جبهة سياسية قادرة على تحقيق التشارك والتعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، أصبح مجالا للحزازات السياسية التي كانت السبب الرئيسي في تشتيت اللحمة الإفريقية. وإذا كان خروج المغرب من الاتحاد الإفريقي سنة 1984م، والذي دام أكثر من ثلاثين عاماً، شكل عائقاً تنموياً في الاقتصاد أساسا ثم المجالات الأخرى البرغماتية، والتي كان سببها آنذاك الاعتراف بجبهة البوليساريو.
من خلال هذا المنطلق، والذي كانت تهدف إليه من قبل السياسة الاستعمارية، هو وضع سياسة تجزيء القارة الإفريقية إلى دويلات، وبالتالي: الفصل بينها في الدين واللغة والبلد ، على أساس ضم القارة الإفريقية إلى فرنسا والنهل من خيراتها واستغلال أصحابها. إن النظرة الاستعمارية للإنسان الإفريقي نظرة قاصرة في بعدها السياسي؛ بحيث كان يُنظر إليه إنسان متوحش ومُتخلف وغير قَادر على الاِبتكار والإبداع، والتي لم يكن لهذه الرؤيا إستراتيجية موضوعية بقدر ما هي رؤيا استعمارية.
فالبر جوع إلى المعطيات التاريخية للقارة الإفريقية، نجدها كانت مشتركة في جميع مختلف الحياة العامة، كالتقاليد والعادات والفنون والآداب. والمتأمل في الواقع المغربي المعاش، يلمس هذه الأشياء في الأوساط المعيشية، منها مثلا نذكر على سبيل المثال: "ظاهرة بوجلود" التي نجد لها جذور ضاربة في التاريخ في المجتمع الإفريقي عموما لا في الوسط المغربي أو الجزائري فقط، وغيرها من الفنون "كاكناوة" الموجودة حاليا فهي بتأثير من القارة الافريقية ككل. ولا ننسى المجال الروحي الذي يربطنا به علاقات قوية في ما بين البلدان الإفريقية، حيث يظهر للعيان أن أنماط مُختلف المَشايخ التي تنتمي إلى زاوية صوفية معينة، فهي مشتركة رغم تواجدها بالمغرب، وهذا ما يؤكد على أن القارة الإفريقية لازالت تحافظ على تلك اللحمة الهوياتية في ضميرها الجمعي.
وتجدر الاشارة إلى أن اللغة العربية كانت موحدة في جميع أنحاء القارة الإفريقية والتي سَعت إلى تفرقتها لغويا، السياسة البرغماتية الفرنسية والانجليزية، وبالتالي نهج سياسة التفرقة بين العرب والأمازيغ في القارة الإفريقية على أساس أن الأمازيغ ذو عرق أوروبي، ولا علاقة لهم باللغة العربية والتعاليم الدينية الإسلامية .
إن عودة المغرب إلى بيته الداخلي الإفريقي، هي إضافة قوية تعكس كل ما كانت تطمح إليه السوسيولوجيا الكولونيالية في تشتيت شمل إفريقيا، اقتصاديا، اجتماعيا، لغويا، دينيا، وسياسيا. هذا ما يؤكد أن الاتحاد الإفريقي أمام تحدٍ قوي أمام الجهات "المسمومة" والتي توجد عناصرها في الخارج، وذلك ما حاول تأكيده الملك محمد السادس في خطابه الأخير الملقى أمام القمة الثامنة والعشرين للاتحاد الإفريقي في العاصمة الإثيوبية بـ "أديس أبابا" على أهمية عودة المغرب للاتحاد الإفريقي، و مشاركته الفعالة في مشاريع تنموية وإستراتيجية من أجل النهوض بإفريقيا اقتصاديا، وأمنيا، وذلك من خلال مشاركة الجيوش المغربية في العديد من الدول الإفريقية. ولعل قِيم التشارك والتعاون التي قدمها المغرب للدول الإفريقية لدليل على ذلك، منها استقبال الطلبة الأفارقة والاعتراف بالمهاجرين السرين.
إن طموح المغرب كعضو داخل الاتحاد الإفريقي بعد اليوم، يطرح إشكالات متعددة حول : ماذا بعد الاتحاد؟ فهل سيحقق هذا الاتحاد نتاجا تنمويا في مختلف المجالات كما هو الشأن لدى الاتحاد الأوربي؟ وهل سيحقق فعلا تعاونا اقتصاديا؟ وهل سيضمن لنفسه استرجاع هويته اللغوية والثقافية؟ أم أن الأمر سيبقى حبيس المؤتمرات والندوات والمشدات السياسية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل