الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمازيغية في مهب العولمة الرأسمالية

عبد الكريم اوبجا

2017 / 11 / 18
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


لقد سبق لنا تشخيص طبيعة الاضطهاد الذي يتعرض له الأمازيغ كشعب ذو تاريخ و ثقافة و لغة و هوية و أرض، بما هو اضطهاد مزدوج يستهدف حقوق الأمازيغ المعنوية (اللغوية، الثقافية، المدنية و السياسية) و المادية (الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية). و ما فتئ الشعب الأمازيغي عرضة للهجمات و الأطماع الاستعمارية المباشرة و الغير-مباشرة في أرضه بشمال إفريقيا (تمازغا) و آخرها ما أصبح معروفا لدى مناضلي الحركات و المنتديات الاجتماعية بالعولمة الرأسمالية.

إن اللغة و الثقافة الأمازيغية أكثر عرضة للتهميش و الإقصاء و الاستغلال الأيديولوجي في الوقت الراهن، رغم ما يتم التغني به من إدماج للأمازيغية في التعليم و الإعلام و المؤسسات، فهذا لا يعدو أن يكون إلا استغلالا للأمازيغية من طرف الحاكمين خدمة لمصالحهم و مصالح أسيادهم الامبرياليين الاقتصادية و السياسية و تفاديا لأي هبة اجتماعية تعيد الأمور إلى نصابها، و ضمانا لإعادة إنتاج نفس الأنماط الثقافية و الأيديولوجية السائدة في المجتمعات الشمال إفريقية. إن الرأسمالية العالمية تشن غزوا ثقافيا في إطار العولمة الثقافية بتشجيع ثقافة الاستهلاك و القطع مع أنماط الإنتاج و التوزيع و الاستهلاك الجماعية و تعميق الملكية الخاصة و العقلية الذكورية و إضعاف اللغات المحلية لصالح اللغات الأجنبية.

كما أن النظام الرأسمالي العالمي و أتباعه من الأنظمة القائمة بدول شمال إفريقيا يستهدفون ضرب ما تبقى من مكتسبات هذه البلدان بتكثيف استغلال الثروات الطبيعية (ثروات بحرية و مائية و حيوانية، المناجم، الأراضي الصالحة للزراعة، غابات...) و خوصصة الخدمات الاجتماعية (من صحة و سكن و تعليم...) وبيع المؤسسات العمومية للرأسمال الأجنبي خدمة للديون العمومية الداخلية و الخارجية و توقيع اتفاقات للتبادل الحر (بين القرش و السردين) و استغلال بشع للقوى العاملة و تلويث البيئة و تعميم البطالة الجماهيرية، و كل ذلك من أجل تأبيد نظام الاستغلال الرأسمالي عالميا و إقليميا و محليا و ضمان تجاوزه للأزمات الدورية التي يتعرض لها، و دون أي اعتبار لشعوب المنطقة في تقرير مصيرها السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي.

و في ظل الوضع العام للهجوم الشرس للنظام الرأسمالي العالمي على ثروات و ثقافات الشعوب الأصلية خاصة الشعب الأمازيغي، نكون في أمس الحاجة إلى مبادرات للرفع من نضالية الحركة الأمازيغية و من و عي المناضلين الأمازيغ بضرورة النضال من أجل عولمة بديلة و نظام عالمي آخر ممكن تنتفي فيه شروط الاستغلال الثقافي و الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي. فأبدا لا يمكن الاكتفاء بنضال أمازيغي محلي و غض الطرف عن الأهمية الكبرى و الاستراتيجية لنضال عالمي تضامني و بدون حدود. كما قد لا نكون في حاجة إلى مواصلة الاختباء فقط وراء المواثيق الدولية و مؤسسة الأمم المتحدة التي تحت يافطاتها يتم شن الحروب و الحصار الاقتصادي على مجموعة من دول العالم بقيادة الدول الامبريالية الكبرى.

و لن يستقيم النضال الأمازيغي من أجل الحقوق و الحريات و من أجل عولمة بديلة دون أن يكون الشباب الأمازيغي في الواجهة و القيادة، و دون أن يكون هؤلاء حاملين لمشعل التغيير، و دون القطع مع أساليب الوصاية و البيروقراطية التي تقف حجر عثرة أمام أي محاولة للإبداع و الدفع بعجلة التغيير إلى الأمام.

إن الشباب الأمازيغي لم يكونوا مسؤولين عن الاختيارات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية التي رمت بهم في غياهب البطالة الجماهيرية و في باطن الاستغلال المكثف بالضيعات الزراعية و المعامل، و التي كرست من دونية ثقافتهم و لغتهم الأمازيغية، والتي حرمت غالبيتهم العظمى من حقهم في تعليم عمومي مجاني و جيد. إنهم لن ترضيهم كل أشكال تلطيف الاستغلال من أجل تأبيد نظام الاستعباد. سيكون الشباب الأمازيغي في أمس الحاجة لاستلهام تاريخ النضال التحرري بالمغرب و شمال إفريقيا و الاستفادة من تجارب الشعوب التواقة للتحرر، و كذا استحضار تجارب النضالات الشبيبية المناهضة للعولمة عبر العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا