الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحياة ...رقعة شطرنج

الجيلاني خضر

2017 / 11 / 20
الادب والفن


الحياة ماهي إلا رقعة شطرنج، تتناوب في لونها بين الأبيض والأسود.
القانون الأول للحياة الشطرنج: هي هكذا، إما أن تلعبها بقوانينها أو فلتعلن هزيمتك... ففي الشطرنج، ليس من حقك أن تحرك البيدق للخلف، كما لا يمكن للفيل أن يسير بشكل مستقيم، أو أن يتحرك الحصان حركة واحدة، إن الالتزام بقوانين اللعبة هو الذي يضبطها، ويُظهر المُحترف من المدّعي، لا أحد هنا يلعب بقوانينه الخاصة... كذا هي الحياة، لا أحد يلعب بقوانينه الخاصة.
يمكن لأحدنا أن يختار خصما هيّنا عندما يلعب الشطرنج، فينتصر انتصارا هزيلا لا يرضى به غير الضعيف التافه. لكنّ اللاعب المحترف يبحث عن أشد الخصوم قوّة وأكثرهم دهاء، فيستدعي تركيزه ومهاراته ثم يجلس قبالته متحفزا ومتحديا.
من وضع رقعة الشطرنج الأولى، ملك نفسه ونزواته، وضع قطعة في الأرضية السوداء وتوأمها في البيضاء، كان صَفِيّا للعدل في تقسيم النشأة، نصف أبيض ونصف أسود.
واضع الرقعة الأولى ترك عديد الفرص لتنتقل من الأبيض إلى الأسود أو العكس، من ولد في الظلام يمكن أن يصبح يوما في البياض، ولكن بشرط استعمال العقل والصبر والإرادة والواقعية، مقاربة بسيطة لحقيقة الإنسان.
بني آدم لم يكن يوما بيدقا على الرقعة، هو حر طليق وثائر مهما اشتد ظلام ولادته، الظلام بيِّن والبياض بيِّن، نحن للأسف نعيش على أرضية الشطرنج السوداء، بتعلة أننا خلقنا على سواد، ونظل مساجينها للأبد، أما من خلق على بياض فهو لم يسمع يوما كلمة سواد.
هزيمتك في معركة الشطرنج ممكن تعويضها، بينما هزيمتك في معركة الحياة ربما تكون هي بداية النهاية.
في لعبة الشطرنج يوجد الملك والملكة والحصان والقلعة، المضحكات المبكيات، في الإنسانية أيضا يوجد هذا وأكثر، ولو أن قانون الشطرنج تحيّن، لأصبح فيها لاعب رئيسي، اسمه الانسان... يمكن أن يكون في لحظة على رقعة بيضاء في دور البيدق، رمشة عين تراه أصبح ملكا في رقعة سوداء ...بأي تنازلات اختلطت الأوراق، ومن وراء "البيدق المليك" أو "الملك البديق."
قانون الشطرنج قاسٍ كقانون الحياة، لماذا خُلق ملك وتحميه ملكة، ولماذا خُلق البيدق وحيدا؟ تلك حدود من صنع رقعة الشطرنج...
مكونات الشطرنج يمكن أن تحركها أيادٍ خفية، تلك الأصنام الجامدة والراكدة تتحرك للحظات، تنظر إليك وكلها ألم عندما تخرجها من بياضها لتشوهها بسوادك لمصالحك ومصالح المملكة...
الإنسان بكل أحاسيسه وعاطفته لا يحرك ساكنا عندما يتغير الأبيض بالأسود، تراه سعيدا وبشوشا للسواد، يجزم أن في التغيير والحركة إضافة، من يضيف لمن؟ هل السواد يشتهي البياض أم العكس؟
الإنسان يصبح لا إنسانا باسم التغيير والحركة، الشطرنج فيها الأبيض والأسود فقط، الرمادي هو داء الإنسانية .مزج الإنسان الأبيض بالأسود فكان الرمادي، وخلط بعده كل الأضواء، فغاب الأسود الداكن والأبيض الصافي.
هجينة كل تلك الأضواء والألوان، فيها دائما القليل من الأبيض والأسود، لكن وفية أكثر من الإنسان.
تعيس بني آدم، ذلك المتجرّد من الأبيض والأسود وغابت عنه كل الأضواء والألوان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث