الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحس المشترك

اياد حسن دايش

2017 / 11 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


الحس المشترك
في يوم 22/5/2017 كانت تقيم مطربة البوب الشهيره أريانا غراندي حفلا غنائيا في مانشستر ، بعد انتهاء الحفل قام انتحاري بتفجير نفسة على المحتفلين بعد خروجهم حيث سقط 23 شخص قتيلاً وحوالي 115 جريح .لتأتي المواقف بعد التفجير من التفاعل الكبير على المستوى السياسي والاجتماعي وحتى الرياضي . حيث نشرت وسائل الاعلام بيان صادر من ملكة بريطانيا تعبيراًعن حزنها وتعاطفها الكبير مع ذوي الضحايا وجرحى العمل الارهابي ،كذلك رئيسة الوزراء البريطانية التي ادانت هذا العمل بقوة داعية للوقوف بحزم وقوة ضد التهديدات الارهابية وتعازيها لذوي الضحايا والجرحى .تلى ذلك تنديد العديد من القادة السياسيين داخل البلد لهذا العمل الارهابي الذي استهدف بلدهم وأمنهم . ثم موقف العديد من المشاهير كالممثل الشهير (توم هاردي) حيث قام بأنشاء صندوق جمع التبرعات لدعم ضحايا التفجير الارهابي .على الجانب الاخر قيام العديد من الفرق والاندية الرياضية بالغاء الاحتفالات وايقاف كافة الكرنفالات تعاطفا وتضامنا مع ضحايا التفجيرالارهابي . الموقف المجتمعي لمواطني مانشتسر كمدينة وبريطانيا كدولة بشكل عام كان الوقوف بوجهه الارهاب بشكل حازم وقوي وتأييد الحكومة بضرب الارهاب بقوة. وتأكيدهم على ان لا يربط الارهاب بالمسلمين المتواجدين في بريطانيا .من جهه اخرى نقلت وسائل الاعلام بأن متشرد ساعد العديد من الجرحى اثناء الانفجار ليقوم احد اغنياء بريطانيا بتقديم جائزة له .الموقف العام أو الحس العام الذي جعل من الجميع في بريطانيا بعد تعرضها لعمل ارهابي هو الوقوف بشكل واضح وصريح ضد الارهاب ثم دعم النظام السياسي لضرب قوى الظلام بقوة بعيدا عن حالات التشفي بالحكومة او الطعن بالقوات الامنية في مواجهة الارهاب ،ايضا عدم التشكيك اوالطعن بأي جهه حيث كان الاجماع بأنه عمل أرهابي. ان ما ميز الشعب البريطاني والشعوب الاوربية الاخرى تجاه المواقف التي تمس امنهم واستقرار بلدهم هو الحس المشترك الشعور العالي بالمسؤولية تجاه قضاياهم.يرى الفيلسوف المصري زكي نجيب محمود ان ما يميز الانكليز كشعب عن باقي الشعوب هو (الحس المشترك او الفهم المشترك ).. يعني به اتفاق الشعب على وجود احكام مشتركة وثابته تجاه القضايا التي تواجههم، لانه كلما ازدادت ثقافة الشعب خلق ذلك اتحاد في النظرة تجاه القضايا الخارجية والداخلية التي تمس امنهم وحياتهم ومستقبلهم . حيث نجد لديهم فهم عام لقضايا الفساد السياسي واستغلال المال العام كذلك موقفهم من الصراعات الخارجية تجاه بلدانهم .واذا حللت مواقف الشعب البريطاني تجاة مختلف القضايا التي تحدث وكيفية معرفة المواطن بان هذا الامر صح او خطا لقال لك بالحس المشترك حددت هذا الامر خاطى او صحيح .أن السر وراء الموقف الموحد للشعوب في قضايا الارهاب والفساد والظلم حتى النظافة واحترام القانون والالتزام بها .هو وجود الحس المشترك اي اتفاق او تفاهم ضمني يمنع المواطن من القيام بأي امر خاطى لانه سيجد رادع قوي من المواطنين الاخرين تجاه اي عملية اخلال او مخالفة للنظام العام داخل البلد.هذا الامر الذي جعل الشعوب الاوربية ترتقي بمواطنيها لما يحملونه من شعور عالي بالمسؤولية تجاه ذاتهم ثم بلدانهم .اما في العراق فسبب حالة الانقسام والفوضى التي نعيشها بكل مفاصل حياتنا ،خاصة الفساد الحكومي الذي شمل اغلب مؤسسات الدولة كذلك الانهيار الاخلاقي المجتمعي الذي استشرى بشكل كبيرالذي حدث في العراق للأسباب كثيرة منها. غياب الحس المشترك او القاسم المشترك اي الرأي الواحد او الاتجاه الموحد حول القضايا التي تمس حياتنا ومستقبلنا ،بسبب الاختلاف والتباين الثقافي .لان التنوع الذي يجب ان يكون ايجابي تحول بالعراق الى تنوع سلبي ادى لخلق فجوات كبيرة يصعب ترميمها او ايجاد قواسم مشتركة تساعد على خلق حس عام اجتماعي يساعد على تغير ومواجهه الفساد والظلم المستشري بكل مؤسساتنا الحكومية ، كذلك المواقف الاجتماعية . حيث يصعب نقد حزب او فئة حتى لو كانت فاسدة لانك ستجد لها اتباع ومنتفعين همهم منافعهم الشخصية يدافعون بقوة وحماسة عن الجهه التي ينتمون اليها ومنتفعين منها .كذلك نظرتنا تجاه الظلم والطغيان البعض يرى القوة او الطغيان مهم وشي ايجابي والبعض الاخر يرى الطغيان اسؤء انواع الظلم والاستبداد. بينما الغرب تحول فيه هذا التنوع الثقافي والمعرفي لرافد مهم لتعزيز القواسم المشتركة وخلق روح اجتماعية او كما تسمى روح المجتمعات التي تقف صفا واحدا تجاه كل ما يمس امنها واستقراها كذلك توحيد نظرة المجتمع تجاة القضايا التي تمس حرياتهم ووقوفهم ضد الظلم والطغيان بقوة وبصورة جماعية .فقدان الحس المشترك في مجتمعنا هو العامل الذي افقدنا روح الاجماع تجاه التدهور الذي نعانية ،كذلك غياب روح المواطنة ، تغليب المصالح والمنافع الذاتيه على الصالح العام ،الانانيات التي تحكمنا منعت من الوقوف بصورة موحدة تجاه القضايا التي تمس حياتنا أمننا ومستقبلنا .خلق الحس المشترك وروح مواطنة تجمع ابناء البلد هو الامر الكفيل بأعادة ترميم وبناء الانسان اولا والبلد ثانيا .

ومضة
إن الشعوب كالأشخاص في طور الطفولة تميل إلى التحطيم و في طور الرجولة تنصرف إلى الإنشاء.
توفيق الحكيم

اياد حسن دايش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا