الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى المئوية لثورة أكتوبر الاشتراكية والشيشان

أمين شمس الدين

2017 / 11 / 22
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا


عيدٌ وانقضى مع انقضاء جمهوريات الاتحاد السوفييتي الاشتراكية
دكتور مجاميد دادويف
عضو برلمان جمهورية الشيشان، دكتوراه في العلوم السياسية، غروزني
في الذكرى المئوية لثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا

عام2017 هو عام مرور قرن من الزمان على ثورة أكتوبر الاشتراكية.
وهذا سبب وجيه للتحول مرة أخرى إلى بحث أسباب وطبيعة الثورة في روسيا. ليس فقط للمؤرخين والعلماء - المجتمع الروسي يحتاج إلى تحليل موضوعي، صادق، تحليل متعمق لهذه الأحداث. إنه تاريخنا المشترك، ومن الضروري تقديره واحترامه.
تمخض انتصار ثورة أكتوبر/ تشرين الاول عام 1917، عن تشكل أول دولة اشتراكية عظيمة في العالم، وهي جمهوريات الاتحاد السوفيتي الاشتراكية، والتي تحتفل هذه الأيام بعيدها المائة. حتى بعد قرن من الزمان، لم تهدأ المناقشات حول هذا الحدث الذي صنع عهدا جديدا – حيث لم يتبلور لدى المجتمع تقييم واحد راسخ لها.
إن تاريخ البشرية كله عبارة عن شواخص مستمرة لإنجازات متناوبة، مزدهرة، أخطاء، حروب ... حلول سلمية وعنيفة للمشاكل والتناقضات الاجتماعية – السياسية، والاقتصادية، والإقليمية. وبعضها يتم التغلب عليه نتيجة التطور، من خلال تحقيق السلام والوئام الاجتماعي. ويؤدي البعض الآخر إلى اضطرابات اجتماعية يرافقها عديد كبير من الضحايا، حيث أنها تواجه مصالح المجموعات الكبيرة والنخب السياسية. ليس من قبيل الصدفة أن ثورة أكتوبر غالبا ما تسمى أكبر محرك للتقدم الاجتماعي؛ وهو حدث غيّر مجرى تاريخ العالم كله.
وهناك أيضا أحكام أخرى تميز هذه اللحظة التاريخية الحاسمة مثل "انقلاب أكتوبر" من قِبَل مجموعة من المتآمرين البلاشفة التي رعتهم قوى خارجية، أو - "كارثة وطنية" وحتى انتقام لينين لإعدام شقيقه الأكبر ألكسندر. وينتقدها الليبراليون الحديثون بلا رحمة، ويصفونها بـ "ثورة ملونة".
وعلى الرغم من ذلك، فإن ثورة أكتوبر الاشتراكية، التي ألهمت العالم بأفكار عظيمة، المساواة، الإخاء، السعادة لشعوب الأرض، ظهرت كنتيجة منطقية لعدة عوامل موضوعية، كانت قائمة في ذلك الوقت في روسيا. فقد أصبح هذا الحدث هو الأكبر والأهم في القرن الماضي، وكان له أثر هائل على التقدم الاجتماعي العالمي. وبالاستشهاد بالشعارات اللينينية الشهيرة "كل السلطة للسوفيات"، "السلام - للشعوب"، "المصنع - للعمال"، "الأرض - للفلاحين،" التي عكست تطلعات الجزء الأكبر من سكان روسيا لقرون، استطاع البلاشفة تعبئة الجماهير حول حزبهم، وتحقيق انتصار الثورة.
على الرغم من جميع التقييمات المتناقضة فيما يتعلق بالثورة، فإنه من المستحيل إنكار حقيقة لا جدال عليها، وهي، أنه بالفعل في (2) في 15 تشرين ثان عام 1917، أعلنت الحكومة السوفياتية المساواة والسيادة للشعوب الروسية من خلال اعتماد "إعلان حقوق شعوب روسيا". وألغيت جميع القيود على الامتيازات والقيود الوطنية والدينية.
وقد أعطيت الشعوب الحق العظيم في تقرير مصيرها، وتطوير دولتها واقتصادها وثقافتها. تم فتح الطريق لحل العديد من المشاكل المتراكمة الأخرى. وإذا انطلقنا من وجهة نظر غير منحازة، فمن الطبيعي أن أحداثا من هذا النطاق لا يمكنها أن تتخطى جملة أخطاء وعواقب وخيمة. وعمليا مرت بمثل هذا الطريق تقريبا جميع الثورات العظيمة - الحروب الأهلية، والدمار، وما إلى ذلك.
إن أعظم ثورة في تاريخ البشرية هو الاعتراف بجميع أنبياء التوحيد، والاعتراف بالمساواة بين جميع الشعوب والفئات الاجتماعية في أمة واحدة، كما هو موضح في الإسلام. لكن ماركس وإنجلز وبليخانوف ولينين وغيرهم قرروا فصل المساواة الاجتماعية والعدالة عن الله. والاعتراف بالأولوية في هذه القضية الحاسمة للبروليتاريا (الطبقة العاملة) في جميع البلدان، وطرحوا شعارا شعبيا - "يا عمال العالم اتحدوا". واستُقبِلت هذه العبارة بالحفاوة، وانتَشَرت على نطاق واسع.
ولكن عند التنفيذ، للأسف، على نحو ما لم تنجح. على الرغم من أن التجربة استمرت لفترة طويلة، لعقود عديدة. تحت هذا الشعار، تحققت أكبر الانتصارات، بما في ذلك النصر على الفاشية، ولكن الهزيمة كانت محددة سلفا. لا يمكنك فصل الناس بعيدا عن الخالق العلي. اليوم، لا يتحدث عن الالحاد أي حزب، بما في ذلك الشيوعي. على العكس من ذلك - الجميع يقف مع النهضة الروحية، ويعطون الإيمان دورا ليس بالصغير.
إن المفكر والرئيس السابق للجنة الإسلامية، حيدر جمال، الذي توفي مؤخرا قبل الأوان، سمّى بالتحديد قوتين قادرتين على مقاومة الفوضى الرأسمالية، ألا وهما الشيوعية والإسلام. وسيكون هذا تحالفا تاريخيا و مصيريا حقا؛ قادرا على الصمود في وجه التحديات "الديمقراطية" الغربية، ووجه القوى الأوليجارخية العابرة للحدود الوطنية، والتي عن طريق المال والفساد و وسائل الإعلام التي تباع وتشترى،تسعى لإنشاء "نظام عالمي جديد"، يهدف لتحقيق مشروع مريع من أجل نخبة "المليار الذهبي". ومن المعروف أن الأساطير تعيش لفترة أطول من الحقائق. بعد تفكك جمهوريات الاتحاد السوفييتي الاشتراكية ، سِوَى الكسول لم يتحدث عن ثورة أكتوبر العظمى في محاولات لصبغها باللون الأسود. ومع ذلك، فإنه من الصعب حاليا العثور على شخص لا يتذكر الطب السوفيتي المجاني، ضمان توفير العمل والسكن، والحق الحقيقي في اختيار المهنة، وتأمين المعاشات التقاعدية على مستوى لائق، وغير ذلك من المعايير الاجتماعية للاشتراكية. وإذا أخذنا الأساس من جميع النواحي، فإن القانون الأخلاقي للبناء الشيوعي في معظم القضايا لا يتناقض مع أي دين عالمي، على الرغم من أن واضعيه هم من الشيوعيين- الملحدين. فيما يلي بعض من فرضياته:
- الإخلاص في العمل لمصلحة المجتمع- من لا يعمل لا يأكل.
- اهتمام الجميع بالحفاظ على المُلك العام ومضاعفته.
- وعي عال بالواجبات الاجتماعية، رفض انتهاكات المصالح العامة.
- الجماعية والتعاون الرفاقي المتبادل- الفرد من أجل الجميع، والجميع من أجل الفرد.
- العلاقات الإنسانية والاحترام المتبادل بين الناس: الشخص هو صديق ورفيق وشقيق.
- الصدق والأمانة، والنظافة الأخلاقية، والبساطة والتواضع في الحياة العامة والخاصة.
- الاحترام المتبادل في الرعاية الأسرية وتربية الأطفال.
- عدم التسامح مع الظلم، والتطفل، وخيانة الأمانة، والوظيفية، والطماعة بالمال.
- الصداقة والأخوة بين جميع شعوب جمهوريات الاتحاد السوفييتي الاشتراكية، رفض الكراهية القومية والعرقية.
وفي الوقت نفسه، دعونا نولي اهتماما لحقيقة بسيطة مفادها أنه لا يوجد قانون أخلاقي للبنّائين الرأسماليين.
ومن الواضح: في مثل هذه المسألة الصعبة، مثل بناء أول دولة شعبية في العالم، حدوث أخطاء أمر لا مفر منه. ولكن بعضها لا يمكن نسيانه ولا يمكن أن يُغفر له - مثل الجرائم الخطيرة للنظام الشمولي الستاليني. ابتداء من أوائل عشرينيات القرن الماضي، واستمرت تقريبا حتى وفاة ستالين. إن التزوير القضائي غير المسبوق، والقتل السياسي الجماعي، وكل أنواع "التطهير"، والحرب ضد الـ "كوزموبوليت" (المتحررين من الأحقاد القومية)، التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ القمع الوحشي لشعوب بأكملها، والتي نفذت "لأسباب" وهمية، صادمة بقسوتها..
لقد جُرَّ إلى "مفرمة اللحوم القمعية" على نطاق واسع مجموعات إثنية- مذهبية، وفئات اجتماعية، وما يسمى بالشعوب الصغيرة من شعوب جمهوريات الاتحاد السوفييتي الاشتراكية؛ التي كُدِّست في عربات لنقل الماشية، أرسلت إلى عمق البلاد - إلى آسيا الوسطى وكازاخستان. ومن بينهم الشيشان والإنغوش، الذين تم استدعاء مقاتليهم أيضا من جبهات الحرب الوطنية العظمى (العالمية الثانية) تحت مراقبة قافلة مسلحة، والذين قاتل الآلاف المؤلفة منهم بنجاح وفي الدفاع عن القوقاز، وستالينغراد، وموسكو، وفي كسر الحصار عن لينينغراد، واحتلوا كونيغسبرغ وبرلين، وشاركوا في تحرير وارسو، وكييف، وبراغ، وفيينا . وكان أول ضابط سوفياتي يصافح قائد الوحدات الأمريكية المتقدمة، الجنرال بولينغ، على الألب، هو الشيشاني، المقدَّم مولادي فيسيتوف، وأول من غرس علم الجيش الأحمر على مقر الرايخستاغ (الرايخ الألماني) هو الشيشاني عبدالحكيم إسماعيلوف. وأكد رئيس جمهورية الشيشان، رمزان قديروف: "لن ننسى الماضى المأساوى حتى لا يتكرر مرة أخرى!"، ومذكرا بأن "أب الشعوب" ستالين "نفى الشعب الشيشاني والانغوشي"، بعيدا عن وطنهم الأم لمدة 13عاما بِطولِها. وقاد تلك العملية الوحشية لافرنتي بيريا تحت اسم وقح "تشيتشيفيتسا" (حبة العدس).
في وقت لاحق، في العالم، تم تصنيف عملية ترحيل ما يقرب من نصف مليون من الشيشان والإنغوش على أنها جريمة ضد الإنسانية، وسياسة كذب وإبادة جماعية. وقد مات خلال النفي بسبب الجوع ومرض التيفوس وغيره من الأمراض حوالي ثلثي من رُحِّل. وأرى أنه من الإنصاف تماما فرض عقوبة جنائية على من يُنكر أو يؤيّد عمليات نفي الشعوب خلال فترة حكم ستالين.
إذا ألقينا نظرة إلى الوراء، إلى الأحداث الثورية التي جرت قبل 100 سنة، يمكننا من الناحية النظرية استخلاص بعض الاستنتاجات من أجل أخذ الدروس من أخطاء الماضي؛ ومِن ما يسمى بـ "مسيرات السيادة" والأحداث المأساوية التي أعقبت التسعينيات السيئة (ويريد بذلك الحرب الشيشانية- الروسية في القرن المنصرم- المترجم)، من أجل حماية الأنفس من تكرارها. إن شعبنا، وهو الأكبر في شمال القوقاز، كان على وشك أن يُدمَّر، ودفع ثمنا باهظا جدا قبل أن يخرج من نطاق أزمة الثقة والسذاجة السياسية الصبيانية. لقد تلقى حُقَنا قوية للعديد من أوبئة الجنون، والتي ينبغي أن تساعدنا على التخلص من أخطاء الماضي المؤدية إلى إضعاف تضامننا الوطني الداخلي عن طريق التجزأة التي لا معنى لها، إلى أحزاب، وعشائر، ومذاهب، وأقاليم مَنشئ/ إقامة. إن الكابوس المأساوي الساذج على خطى القادة المشكوك في أمرهم (المقصود قادة إيتشكيريا في الحرب الشيشانية- الروسية في تسعينيات القرن المنصرم- المترجم) في البحث عن "الصنابير الذهبية والشواطئ السَّحلَبية"، وتوضيح ظهورعشائر نظيفة التصقت بالشيشان، كل ذلك أصبح اليوم من الماضي. كل ذلك لم يلاق القبول والاستحسان من أغلب فئات الشعب، ولا بأي شكل من الأشكال، ولا يخدم اليوم مصالح الشراكة العرقية الاجتماعية. ولكن يمكنه أن يُقسِّم مجتمعنا ويضعفه بشكل كبير أمام التحديات الخارجية.
والتاريخ، كما نعلم، لا يمر دون ترك أثر - كان هناك قادة أبطال في بلادنا وعند شعبنا، ولكن كان هناك اتجاه معادي للبطولة أيضا. من أجل معرفة وتذكر كل صفحات التاريخ دون تجميل وتفسير مشوه- يعني قبول تجربة الماضي. إن تجربة أجيال عديدة من آبائنا - عظمة أفعالهم النبيلة ومآثرهم التي قاموا بها باسم التنمية، إضافة إلى مرارة الأخطاء التي ارتكبت من أجل شعارات وقيم كاذبة - لا شيء ينبغي أن يُمحى من الذاكرة .. لا يجوز للمرء أن لا يحترم ماضيه. ولكن المضي قدما، وبذات الوقت النظر بحنين إلى الوراء مرار وتكرارا، هو أيضا أمر خطير - يمكن التعثر والسقوط. الوقت لا يرحم، ويحدد مهاما جديدة لا نهاية لها. ومما لا شك فيه أن الوقت قد حان لنقدّر بالضرورة وبامتنان التطورات والإنجازات التي حققتها روسيا عموما وجمهوريتنا (الشيشان) بشكل خاص. إن الصورة العالية لقيادة جمهورية الشيشان على جميع المستويات الروسية والدولية، تدعو بالحرف الواحد إلى التجمع حول القائد الوطني الحالي، رمزان قديروف، الذي يقف بحزم في سبيل ازدهار بلاد الشيشان، وضد الإرهاب الدولي، ومن أجل حماية مصالح المسلمين على الصعيد الدولي؛ وأصبح في الواقع حلقة وصل روسيا الاتحادية مع البلدان الإسلامية المتقدمة.
وفي هذا الصدد، من الضروري تعزيز الوحدة والتضامن الوطنيين، على نحو ما حدث من قبل، في الاستفتاء الذي أجري على نطاق البلد، بمبادرة من زعيمها البارز، أحمد حجي قديروف، في شهر آذار عام 2003. وقد وافق الشعب الشيشاني بأغلبية ساحقة (88٪) على دستور جمهورية الشيشان، وصوّت لصالح البقاء مع روسيا. لقد كان انتصارا سياسيا بارزا ومقنعا على انعدام القانون والفوضى العامة التي سادت آنذاك في الجمهورية الشيشانية.
وكان الاستفتاء بمثابة ضربة ساحقة لفكر الوهابية والانفصالية والجريمة. ولذلك، نرحب بتطوير مبادئ الديمقراطية في الجمهورية، وتشكيل مؤسسات المجتمع المدني وتعزيزها، ومسار التنمية السلمية، والتعايش المريح مع الشعوب الأخرى في روسيا الاتحادية.
دكتور مجاميد دادويف
عضو برلمان جمهورية الشيشان، دكتوراه في العلوم السياسية
*ترجمة د. أمين شمس الدين داسي/ عمان
Праздник, умерший вместе с СССР
Магомед Дадуев
Член Общественной палаты ЧР, канд. политических наук
Перевод на Арабский/ Амин Даси Амман
-------------------------------------------------------------------------------------
http://www.grozny-inform.ru/news/express/89684/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرب
قاسم محمود ( 2017 / 11 / 23 - 06:11 )
إذا كان رب الإسلام ضد الرأسمالية فلماذاخلقها إذاً !؟
ولماذا خلقل الشيطان !؟
والشيطان غلب الرب فمن هم في جهنم أضعاف من هم في الجنة

اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات