الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


راني زعفان - من ستيفان هيسيل إلى أنيس تينا

محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)

2017 / 11 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


نشر الكاتب والمناضل ستيفان هيسيل Stéphane Hessel نداءه الشهير (اغضبوا indignez-vous)(1) الداعي إلى الاستنكار والغضب سنة 2010. وغنى المغني الشاب أنيس تينا أغنيته (راني زعفان)(2) سنة 2017. وإذا كان النداء الذي هو عبارة عن كتيب صغير (32 صفحة) يختلف في الشكل والبناء عن الأغنية (حوالي 6 دقائق)، فإن مضمونهما الأساسي متشابه، بالرغم من أن أغنية (راني زعفان) هي عبارة عن تقرير أسود عن تدهور ورداءة وظلم واقع بأكمله. أما نداء (اغضبوا) فيقوم بتحليل فكري ذي مرجعية تاريخية وفلسفية ويكتسي طابعا كونيا منسجما مع العولمة ونتائجها الوخيمة في كل مكان.
ولعل الفرق الذي يسترعي الانتباه يكمن في المخاطَب أو المتلقي. فأغنية (راني زعفان) تخاطبُ المقهورين بلغتهم، ولا تدعي إمكانية الوصول لجمهور لا يتكلم لغة المقهورين في بلدان المغرب الكبير. بينما يملك نداء (اغضبوا) هذه الإمكانية.

أغنية راني زعفان:

يتأسس الغضب في أغنية (راني زعفان) على عدة وقائع ملموسة وموثقة والتي يمكن إجمالها في ما يلي:
- وفاة أطفال وحوامل لانعدام العلاج، (الحالة خليتوها هامله)، في الوقت الذي يعالج فيه الحكام والأغنياء في الخارج لأتفه الأسباب.
- استفادة أبناء الحكام والأغنياء من امتيازات عديدة منها ازدواجية الجنسية والسفر الدائم لخارج البلاد والدراسة في المؤسسات الأجنبية.
- بطالة الخريجين الجامعيين
- عدم كفاءة الحكام والمشرعين
- استغلال الحكام لكل شيء للاتجار به، ولم يعد هناك شيء لم يقوموا ببيعه ما عدا الأوكسجين
- تبذير المال العام على حفلات وأنشطة تافهة وسخيفة في الوقت الذي يعاني فيه المأجورون من الفقر
- سوء تدبير الثروات البحرية وغيرها
- دفع الشباب للهجرة السرية عبر المغامرة بحياتهم عبر البحر، (ما فهمتش آنا فين راه الديفو (الخطأ)، باش ما طلعش النيفو (المستوى))
- بالرغم من التطور الذي يبدو معلنا في الواجهة اليوم، فلا زال هناك من يضطر للبحث عن لقمة عيشه في القمامة. (إيروح لي لعقل، ونحب نهبل، وف 2017 الناس مازال تاكل ف الزبل).
- استغلال التاريخ والقيم الوطنية من قبل الحكام والأغنياء لخدمة مصالحهم. (خوفتوني بعقلية حتى لا ننسى، ما تخافوش عمري ما ننسى، بالاك نتوما تنساو بللي ربي راهو فوقكم)
- سيادة الإستراتيجية القمعية والحلول الأمنية عوض حلول اجتماعية واقتصادية. (عوض يبداو من الساس، ويربيو الناس، راهوم يبنيو ف الحباس).
- احتقار الحكام والأغنياء للشعوب. (ما فهمتش كيفاش خليتونا روطار (متخلفين)، إيجي النهار، كل حكار (المحتَقِر) يدخل مزبلة ليسطوار (التاريخ)).

نداء اغضبوا:

هناك مبادئ كبرى لا يمكن التخلي عنها وهي:
- الضمان الاجتماعي لكل المواطنين لتأمين احتياجاتهم التي لا يمكنهم الحصول عليها من خلال الشغل.
- ضمان تقاعد يمكن العمال المسنين من إتمام ما تبقى من حياتهم بكرامة.
- تأميم المصادر الأساسية للطاقة والبنوك الكبرى
- احتكار الدولة لوسائل الإنتاج الكبرى: مصادر الطاقة، الثروات الباطنية، شركات التأمين، البنوك الكبرى.
- إقامة ديمقراطية حقيقية، اقتصادية واجتماعية وطرد الإقطاع الاقتصادي والمالي من تدبير الاقتصاد، لأن سبب الخراب هي قوى المال.
- تنظيم عقلاني للاقتصاد يجعل المصلحة العامة فوق المصالح الخاصة والفردية.
- ضرورة وجود صحافة مستقلة عن الدولة وعن قوى المال وعن التأثيرات الخارجية.
- ضمان التعليم الجيد للجميع
فلا بد من أجل الدفاع عن هذه المبادئ من الاستنكار والغضب، لأنهما هما أساس الثورة. فلا ينبغي الانسحاب من الصراع، ولا ينبغي الانخداع بالديكتاتورية العالمية للأسواق المالية التي تهدد السلم والديمقراطية.
ينبغي أن يجد كل فرد باعثا خاصا به يمكنه من الاستنكار والغضب. فكل محروم مثلا من حق من حقوق الإنسان المعلنة سنة 1948 عليه أن يستنكر ويغضب. ويجب تجنب الخوف. فالخوف يولد الفاشية.
يمكن التذكير بتجربة جون بول سارتر المهمة، لأنها تؤكد على أن الناس يتحملون مسؤولية ما يحدث في العالم كأفراد. ولا وجود لأية قوة يمكنها أن تنتزع هذه المسؤولية منهم وعنهم. وهي مسؤولية تقود للالتزام بقضايا الإنسان.
ينبغي طرح السؤال التالي: من يقرر؟ من يحكم؟ فأسوأ موقف على الإطلاق هو اللامبالاة. إن اللامبالاة تعني أن الشخص اللامبالي يفقد ملكة أساسية من الملكات المكونة لما هو إنساني في الإنسان والتي هي: ملكة الغضب والاستنكار، وما ينتج عنهما من التزام.
من التحديات الكبرى اليوم التحديات التالية:
- الفرق الشاسع والذي يزداد اتساعا بين الأغنياء والفقراء.
- عدم احترام حقوق الإنسان على الصعيد العالمي.
- قضية فلسطين.
لكن ما الحل؟ هل هو العنف؟ أم اللاعنف؟ وإذا كان جون بول سارتر قد قال بأنه إذا كان من غير الممكن إيجاد مبررات تبرر العنف المُمارس من طرف "إرهابيين"، فإنه من الممكن تفهم ما يفعلونه لأن الحياة مليئة بالعنف. فهل يمكن للاعنف أن يوقف العنف؟
إن العنف، حسب ستيفان هيسيل، يدير ظهره للأمل، لذلك ينبغي تفضيل الرجاء على العنف، على درب مارتن لوثر كينغ ومانديلا، من أجل القيام بانتفاضة سلمية لأن "الإبداع مقاومة والمقاومة إبداع".
فليغضب كل من هو زعفان.

هوامش:
1) رابط الحصول على كتيب: Indignez-vous:
http://www.millebabords.org/IMG/pdf/INDIGNEZ_VOUS.pdf
2) رابط الإنصات لأغنية (راني زعفان):
https://www.youtube.com/watch?v=UvE73kS7LG8








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات