الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تصنع المرأة رجلا إرهابيا؟

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2019 / 3 / 19
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


جاءت صديقتى لزيارتى ومعها حفيدها الطفل، أرادت أن تشغله عنا باللعب بمسدسه الصغير ، يضغط بإصبعه على زناده، فتنطلق فرقعات وشرارات نارية، تصاحبها صرخات الطفل بالفرح والنشوة ، طاخ طيخ ! إمتلأ بيتى بضجة تشبه معركة حربية، قلت لها أرجوك خذى هذا الطفل الإرهابى بعيدا، لم تغضب صديقتي، فهى تعرف أننى أنتقد التربية التى ينشأ عليها الأطفال الذكور، خاصة تربية الجدة أو الأم ، التى تحرص على أن يكبر الطفل ليكون «دكرا » راجل بمعنى الكلمة، «حمش» يشكم مراته، وتنسى صديقتى أنها تعذبت فى ظل زوج كان يشكمها .

لا تختلف كلمات صديقتى عن كلمات جدتى وأنا فى السابعة من عمري، وكانت تطلب من أخى الأكبر أن يشكمنى لأخضع له ولزوجى فى المستقبل، لم يستطع أخى أن يشكمنى بسبب قوة شكيمتى الموروثة عن الإلهات المصريات القديمات وتفوقى عليه بالمدرسة أيضا.

كان أخى الأكبر مشكلة فى طفولتى بسبب تدليل جدتى له والعمات والخالات وكل أفراد العائلة، إلا أمى وأبى، لولا إيمان أبى بالمساواة والعدل وصلابة أمى وقوة شخصيتها وثقتها الكاملة بى ربما ضاع مستقبلي، وصرت اليوم أرملة قعيدة البيت، تعانى الوحدة والاكتئاب، أو زوجة عرجاء يهرب منها زوجها الى القاصرات، أو ربما ألقيت نفسى من النافذة ليلة الزفاف، كما فعلت «فاتن . ع» الراقدة اليوم بمستشفى قوص المركزي، مصابة بكسور ونريف بالمخ بعد إلقاء نفسها من الطابق الرابع وهى تردد «مش هتجوز لازم أكمل تعليمي» كنت أردد هذه الكلمات وأنا فى العاشرة من عمرى لكن ارتفاع نافذتى عن الأرض لم يكن كافيا لموتى.

وتظل الديكتاتورية الذكورية تحكم الأسرة والمجتمع، التى سادت فى الأربعينيات من القرن الماضي، لم تنجح نظم التعليم والثقافة لتغيير هذه القيم الراسخة فى الوجدان البشرى منذ نشوء النظام الأبوى فى التاريخ، بل زادت القيود على البنات منها الحجاب والنقاب، مع تصاعد القوى السياسية الدينية وازدياد الهوة بين الفقراء والأغنياء.

صديقتى حصلت على درجة الدكتوراه فى طب الفضاء بجامعة نيويورك، وماجستير طب الأطفال بجامعة السوربون، وبكالوريوس الطب بجامعة القاهرة، وهى اليوم أستاذة إستشارية لأكبر المستشفيات، وتكتب بالصحف ضد حوادث الإرهاب، مع ذلك هى تربى حفيدها ليصبح رجلا إرهابيا، ينتشى بفكرة القتل، فالإرهاب يبدأ بفكرة فى المخ تؤيد العنف والطاعة والإجبار ( ليس الحوار والتساؤل والاختيار ) يرسل المخ أمرا الى العقل بالتوقف، والى عضلات الذراع بالحركة، وإلى أصابع اليد لإمساك السيف أو المسدس، والضغط بإصبع واحد فوق الزناد.

تحول كل شيء فى العالم الى تقاتل وحرب والألعاب الرياضية أصبحت صراعات تنافسية، تراق فيها الأموال وتزهق الأرواح ، وتحولت الاحتفالات بالأعياد الى مباريات نارية، ومفرقعات مع صرخات النشوة الصبيانية، تنفق بلادنا المليارات لشراء البمب ومسدسات الأطفال، لا يربح منها إلا حفنة من تجار السلاح ، مع تأكيد فكرة الإرهاب المسلح فى العقل والوجدان منذ الطفولة، تستمد الرأسمالية الدولية أكبر أرباحها من التجارة بالأجساد والأسلحة والمخدرات وأدوات الزينة والتجميل، على حين تعيش نصف الشعوب تحت خط الفقر.

أصبح القتل الجماعى وإراقة الدماء منظرا عاديا، وأصبح رئيس أكبر دولة، يقولون عنها رائدة الديمقراطية، هو رائد الإرهاب الأكبر، وقد أصدر «دونالد ترامب» قرارا بتمجيد البطولة الذكورية العنصرية، وتشريع البطش المسلح بالآخرين، فانتفضت ضده الشعوب المقهورة بما فيها الشعب الأمريكي.

صديقتى من القيادات النسوية محليا وعالميا تنتمى للحركات الصوفية الروحانية التى تعتبر نفسها تحريرية للمرأة، على غرار الحركات النسوية المسيحية واليهودية فى أوروبا وأمريكا، تقول صديقتى إنها «روحانية، علمانية لا دينية » لم تقرأ صديقتى كتب التاريخ، ولا أى كتاب خارج تخصصها الطبى المحدود، لم تدرك أن عبودية الإنسان، خاصة عبودية المرأة، بدأت فى التاريخ البشرى بفصل الروح عن الحسد، وتحولت المرأة من إنسانة كاملة منتجة للفكر والمعرفة، الى جسد مدنس ناقصة العقل، وأصبح الرجل هو سيدها العاقل، وهو الروح المقدس، انهزمت الحضارة الإنسانية القديمة، التى احترمت المرأة والرجل على السواء، بل نالت فيها المرأة احتراما أكبر، وحظيت الأم بشرف أعظم، لأنها هى التى كانت تحمى الأطفال، من أن يأكلهم الأب البدائي، كما حمتنى أمى من أخى الأكبر فى طفولتى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وتحولت الاحتفالات بالأعياد الى مباريات نارية
ركاش يناه ( 2017 / 11 / 29 - 17:31 )

وتحولت الاحتفالات بالأعياد الى مباريات نارية
__________________________

عن بى بى سى ؛ 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017

إصابة عريس بطلق ناري في خصيتيه في حفل زفافه :

جرح عريس مصري جروحا خطيرة بعد إصابته بطلق ناري من رشاش أحد الضيوف الذي كان يحتفل بزفافه.
وتعرض العريس لإصابات خطيرة في خصيتيه، ويده، وهو يعالج حاليا في المستشفى.
وكان العريس، عثمان السعيد البالغ من العمر 28 عاما، يستمتع بآخر ليلة له في حياته كأعزب، حينما أصابته طلقة بطريقة غير مقصودة بدلا من إطلاقها في الهواء.
وتقول الشرطة إن السلاح كان يستخدمه شاب في الـ26 من عمره بطريقة غير مكترثة.

دى مصيبة سودة يا جدعان

....


2 - أنَّ كُلّ إرهابي هُوَ مُسلِم
حميد الواسطي ( 2017 / 11 / 30 - 09:37 )
لا يقتصر مفهوم الإرهاب على إستخدام السلاح كالمسدس أو السيف أو التفجيرات..! في اللُغة،، الإرهاب؟ مَصدر أرهبَ يُرهب إرهاباً وَفِعله المُجرَّد (رَهِبَ) وَالإرهاب وَالخوف وَالخشية وَالرُعب وَالوجَل كلمات متقاربَة تدل عَلَى الخوف.. وَللإرهاب حقائق دثيرة وَأوصاف مثيرة وَمعاني كثيرة وَمنها عَلَى سَبيلِ المثال لا الحصر؟؟ هُوَ عمَل الَّذِي مِن طبيعتهِ أن يُثير لدى شخص ما الإحساس بالخوف مِن خطر ما بأيِّ صورة.. وَكذلك مِن تفاسير الإرهاب: هُوَ عمل يُخالف الأخلاق الاجتماعيَّة وَيُشكل اِغتصاباً لكرامةِ الإنسان.. وَأيضاً مِن أوصاف الإرهاب: هُوَ الاستعمال ألعمدي لوسائل مِن طبيعتها إثارة الرعب (أو ظلم إنسان بريء وَالتحايل عليه أو إستفزازه لإيقاعه في ورطة!!) لتحقيق أهداف مُعيَّنة.. وَكذلِك أيّ بهتان أو شهادة زور مخالفة للحقيقة ضِدّ شخص بريء لإيقاعه أو إستدراجه وَتلبيسه تهمةٍ هِيَ مِن وجهة نظري إرهاب.. وَمِن خلال تجربتي أرى – في الغالب - أنَّ كُلّ إرهابي هُوَ مُسلِم بيَدَ أنه ليسَ كُلّ مُسلم إرهابي..! وَشُكراً – الكاتب حميد الواسطي


3 - الارهاب صناعة سياسة ودينية
منى حسين ( 2017 / 12 / 1 - 03:35 )
سيد حميد الواسطي الدكتورة نوال السعداوي تحدثت عن طفل يتم تجذير الارهاب بداخلة عن طريق لعبة القتل والانتصار على المقتول الامر لا علاقة له بان ننسب كل الارهاب الى الاديان من مصلحة من بقاء الاديان ومن مصلحة من ترسيخ الارهاب ؟ يجب ان نعالج الموضوع من اساسة هناك قوانين عالمية تحمي الاطفال وفي اكبر دول العالم لكن هذه القوانين تقف عاجزة امام شركات تصنيع العاب القتل وترسيخ الارهاب عند الاطفال الموضوع هنا يدخل باطار الربح والتجارة والراسمالية وارباحها التي لا يعنيها امر الانسانية والى اين تصل .. كل ما يعنيها بقائها مسيطرة ومنتصرة علينا ان نشير اذن الى مركز تصنيع ثقافة الارهاب عند الاطفال بانتاج لعب تمثل القتل والجريمة وانتاج افلام كارتون تمثل الارهاب وانتاج كل ما له علاقة بترسيخ ثقافة العدوان على الاخر


4 - ردّاً:إلى الآنسة/السَيِّدَة منى حسين
حميد الواسطي ( 2017 / 12 / 3 - 07:09 )
اليوم سألت عائلتي سِيَّمَا صغير أبنائي يوسف - 13 سنة..! قلت لهم أنا صار لي 22 سنة في أستراليا لا أتذكر بأني رأيت طفل أسترالي يلعب في مسدس أو رشاشة (لُعَب أطفال).. حتى أثناء الحفلات أو الأعياد والمهرجانات..فهل رأيتم أنتم..؟ قالوا: لا.. بعد إذن صاحبة المقالة الدكتورة نوال السعداوي..إلى الآنسة/السَيِّدَة منى حسين أقول، شُكراً لكِ على ردّكِ وإهتمامكِ بمُقتضى قولكِ:- الدكتورة نوال السعداوي تحدثت عن طفل يتم تجذير الارهاب بداخلة عن طريق لعبة القتل والانتصار على المقتول الامر لا علاقة له بان ننسب كل الارهاب الى الاديان من مصلحة من بقاء الاديان ومن مصلحة من ترسيخ الارهاب؟.. يجب ان نعالج الموضوع من اساسة هناك قوانين عالمية تحمي الاطفال وفي اكبر دول العالم لكن هذه القوانين تقف عاجزة امام شركات تصنيع العاب القتل وترسيخ الارهاب عند الاطفال..- أقول، ومَعَ إحترامي لرأيك الذي لو يُطبَّق لسوف يستبدل فيه أطفال العرب والمسلمين أسلحة خطرة كبدائل مثل سكين المطبخ أو أسلحة حقيقية!! وشُكراً.


5 - ليتها كانت أرواحية لا روحانية !
إلزا سين ( 2019 / 3 / 19 - 19:52 )
دكتوراه في طب الفضاء ، و لا تدرك أنها تشحن عقل حفيدها الطفل بأيديولوجيا الارهاب و القتل ، عندما تشتري له لعبة مسدس ، لينتشي بإطلاق النار على اهداف يصنعها في خياله ! و ماجستير في طب الأطفال ، و لا تعي أنها تربي حفيدها الطفل ليصبح ارهابيا يقتل الاطفال !
و استاذة استشارية لأكبر المستشفيات ، و لا تستطيع ان تستوعب أن الروحانية و اللادينية لا تجتمعان ، و فوق ذلك تتوهم انها (مناضلة) نسوية .. على غرار هرطقة دعيات النسوية المسيحية و اليهودية ! و الخلاصة : الامر ليس مجرد وعي زائف ، بل هو أيضا تشوش مفاهيمي و تشوه معرفي . و تلك هي مخرجات البرجوازية الصغيرة المحلية في دول الأطراف ، عندما تتم برمجتها راسماليا في دول المراكز الامبريالية .

اخر الافلام

.. تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت


.. د. جمال فرويز استشاري الطب النفسي:فيه أولاد عندها حرمان عاطف




.. إيران توسع حملات الاضطهاد ضد النساء والفتيات


.. د. جمال فرويز استشاري الطب النفسي: في بنات بتنتحر وأولاد بته




.. كل يوم - -تبدأ تقلق لو ابنك ماعندوش مشاعر تجاه الجنس الآخر و