الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مئوية ثورة اكتوبر .. الشيوعيون العرب وقرار تقسيم فلسطين - 4 -

رضي السماك

2017 / 11 / 30
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا


ذكرنا آنفاً أن ندرة ما هو مترجم من مصادر روسية إلى العربية تتناول نقد وتقييم التجربة الاشتراكية السوفييتية من منطلق يساري وممن عايشوا شطراً من التجربة من داخلها هي وراء اكتفائنا بالمصادر العربية الشيوعية حول نفس الموضوع ، ونخشى أن نقول بأن هذه الأخيرة هي الأقوى والاكثر مصداقية لأنها نابعة من ألم الاحتراق بنار التجربة النضالية المديدة لأحزابهم الشيوعية العربية مقارنةً بما يصدر من النخبة البيروقراطية للحزب الشيوعي السوفييتي السابق والتي عششت في الحكم ردحاً من الزمن ، اللهم إلا القلة الروسية المؤمنة حقاً بالفكر الاشتراكي والتي آلمها ما آلت إليه التجربةمن انهيار مريع دون أن يتزعزع إيمانها وقناعاتها الراسخة بهذا الفكر في خضم فوضى البلبلة والصراع الفكري الذي ساد غداة الانهيار ، وهؤلاء يصدق عليهم القول : " القابض على فكره الإشتراكي كالقابض على الجمر " وذلك في ظل تلك الظروف البالغة التعقيد والتي هزت قناعات حتى كثرة من أعتى القيادات الشيوعية في روسيا وفي أكثر بلدان العالم .
مما لا شك فيه إن الانتقادات التي وجهها الباحثون والكتّاب الشيوعيون العرب ، فضلاً عن مراجعات أحزابهم ، طالت الكثير من الجوانب الفكرية والتطبيقية في التجربة السوفييتية وقد تناولنا بعضها قِبلاً إلا أننا سنكتفي هاهنا بتناول واحد من الأخطاء الجسيمة المشتركة أي التي وقع فيها الحزب الشيوعي السوفييتي الحاكم وتبعه فيه الاحزاب الشيوعية العربية ألا هو المواقفة على قرار تقسيم فلسطين عام 1947 رغم أن هذه المسألة هي من صميم اختصاص قضاياهم الوطنية والقومية وهم الأجدر بتحليل ظروفهم الملموسة ازائها من السوفييت وقد أضر الاعتراف كلا الجانبين . وعدا ربما اعترافات نادرة عابرة ومحدودة جرت زمن الاتحاد السوفييتي فإن معظم الكتابات النقدية الصريحة لتخطئة القرار لم تصدر إلا بعد الانهيار ، وكلها أجمعت تقريباً بأنها أستسلمت بالاقتداء بالموقف السوفييتي رغم عدم قناعتها بتأييد قرار التقسيم .
وسنكتفي هنا بتناول النقد الذاتي من قِبل ثلاثة الاحزاب الشيوعية العربية من تأييد الاتحاد السوفييتي لقرار التقسيم وهذه الاحزاب على التوالي : الحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي اللبناني والحزب الشيوعي الأردني .
ثمة وثائق عديدة تضمنت مواقف الحزب الشيوعي العراقي ويمكن القول بأنها متأرجحة بين أغلبية ترفض التقسيم وبين أقلية تدعو للموافقة عليه كما ظهر لا حقاً أسوةً بالموقف السوفييتي ، لكننا سنقتصر على ما ورد في مقال ليس ببعيد زمنياً للباحث د. صادق البلادي والمنشور في مجلة "الثقافة الجديدة " العراقية عدد 364 / 365 ، آذار 2014 تحت عنوان " ثمانون عاماً من النضال في سبيل التحرر القومي العربي " ، ص 134 - 140 ، حيث أشار في سياق تناوله هذه القضية إلى التوجيه الداخلي الصادر عن قيادة الحزب في شهر كانون الأول ( ديسمبر ) 1947 ، أي بُعيد أيام من صدور قرار تقسيم فلسطين إلى دولة عربية ودولة يهودية عن الامم المتحدة في 29 نوفمبر ( تشرين الثاني ) ويصف هذا التوجيه " ان موقف الاتحاد السوفييتي قد قدّم فرصة للصحف وعملاء الاستعمار للتهجم ليس فقط على الاتحاد السوفييتي وانما على الحركة الشيوعية في البلاد العربية " ، ويضيف : " ان التقسيم يقود إلى اخضاع الاكثرية العربية للأقلية الصهيونية ، وان التقسيم وإقامة دولة يهودية سيشددان العداوات العنصرية والدينية ، وسيؤثران جدياً على آفاق السلام في الشرق الأوسط " . وحسب هذا التوجيه أكّد الحزب الشيوعي العراقي رفضه القاطع لمشروع التقسيم ويقف على رأس المؤيدين لهذا الموقف من معتقله القائد المؤسس " فهد " ومن الذين انتقدوا قرار التقسيم أيضاً العضو القيادي عبد الرحيم عجينة في كتابه " الاختيار المتجدد ، دار الكنوز ، الطبعة الأولى ، بيروت ، 1998 " ص 29 .
وفيما يتعلق بالحزب الشيوعي اللبناني فهو الآخر له على المستوى الفردي وعلى المستوى الحزبي له وثائق عديدة تنتقد التقسيم ، كما تنتقد فرض انجراره خلف الموقف السوفييتي ، ومن آخر الكتابات في هذا الصدد ما ورد في كتاب مساعد الأمين العام الأسبق للحزب كريم مروة الموسوم " عشية اُفول الامبراطورية ، الفارابي ، الطبعة الأولى ، بيروت ، 2003 " ص 115 - 118 ، حيث يصف مروة تأييد الشيوعيين اللبنانيين لقرار التقسيم ( وكانوا مع السوريين في حزب واحد حينذاك ) دون شروط بالخطأ التاريخي ودفعوا ثمنه غالياً. ومثلما كان القائد الشيوعي العراقي الشهيد " فهد " على رأس من رفضوا القرار فقد كان القائد الفذ في الحزب الشيوعي اللبناني الشهيد فرج الله الحلو على رأس من رفضوه .
وأخيراً ففيما يتعلق بالحزب الشيوعي الأردني فلعل يعقوب زيادين أمين عام الحزب الراحل أبرز من عبّر عن الإشكالية في الموقف المتبذب من القرار برفضه ثم الانجرار الاتوماتيكي خلف الموقف السوفييتي بتأييده بصورة صريحة متناهية وذلك كما ظهر في حوار تلفزيوني في قناة RT الروسية أجراه معه خالد الرُشد في برنامجه " رحلة في الذاكرة " في يوليو / تموز العام 2009 ، حيث ينقل تهكماً على الذات عن رفيقه القيادي فؤاد نصّار المعتقل معه في سجن الجفر والذي قال : : " كُنا حتى الساعة 12 من منتصف الليل ضد التقسيم وفي الساعة الثامنة صباحاً علِمنا بتأييد الاتحاد السوفييتي للقرار فأيدناه " .
ولم يكن الشيوعيين العرب وحدهم الذين شعروا بغبن القرار بحق الشعب العربي الفلسطيني بل حتى السوفييت تبيّين لهم لاحقاً بأن تأييدهم لقرار التقسيم كان متعجلاً وغير مدروس وإن كان هذا الاعتراف لم يبرز بصورة صريحة غير مواربة إلا في حوارات إعلامية وربما في كتابات لشخصيات سوفييتية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يعقوب زيادين و قرار التقسيم
عبد المطلب العلمي ( 2017 / 11 / 30 - 13:16 )
يبدو ان الجمله التي تنسب الى الدكتور يعقوب في هذا المقال، لا تتعدى كونها تهكميه. ففي اليوم التالي للقرار صدرت الاتحاد الجريده الناطقه باسم عصبه التحرر الوطني في فلسطين ، ببيان طويل اجتزء منه:ان النضال في سبيل وحده فلسطين لن ياتي ،باثاره النعرات العنصريه و التهديد بالمذابح الدينيه فهذا من شأنه ان يؤكد التقسيم و يثبته انما النضال في سبيل وحده فلسطين....
كذلك عقدت اللجنه المركزيه اجتماعا في اوائل كانون الاول 1947لم يسفر عن موقف واضح من التقسيم ، حيث انقسمت اللجنه الى اكثريه و اقليه. تبعه اجتماع موسع للجنه المركزيه في اواسط كانون الاول اسفر عن بيان الاعتراف بالتقسيم.
لذلك القول انه حتى الساعه12 الخ لا يعدو كونه تهكم لا يرتكز على اي حقائق تاريخيه،
المعلومات اعلاه مأخوذه من مقررات اخر اجتماع لعصبه التحرر الوطني في فلسطين في اوائل
عام 1951 قبل اسابيع من تاسيس الحزب الشيوعي الاردني
اعرف ان الرفيق يعقوب قد غادر عالمنا و لا يمكنه تفسير اقواله، كذلك بحثت عن الحلقه المذكوره في محاوله لفهم خلفيه هذا التصريح فلم اجدها

اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في