الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يكون للقارة القطبية الجنوبية البعيدة دور مهم جدا في تسخين العالم

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 12 / 4
التربية والتعليم والبحث العلمي


المقال حول ازدياد الترفع الحروري على الأرض، وعن القارة القطبية الجنوبية- أنتاركتيكا –
للكتاب: كريس فوجويل
أستاذ علم الجليديات وعلوم المحيطات، جامعة كيل
كريس تورني
أستاذ علوم الأرض وتغير المناخ، أونسو
زوي روبنسون
قارئ في الجغرافيا الطبيعية والاستدامة . جامعة كيل
ترجمة: نادية خلوف
منذ تكهنات اليونانيين القدماء بأنّه يجب أن توجد قارة في المناطق القطبية الجنوبية لتحقيق التوازن مع تلك الموجودة في الشمال، وقد وصفت القارة القطبية الجنوبية شعبيا بأنّها نائية ومتطرفة. على مدى القرنين الماضيين، اجتمعت هذه العوامل لخلق، أرض أسطورية في النفس البشرية - وهي فكرة تعززها حكايات البطولة والمغامرة من العصر الذهبي الإدواردي- "الاستكشاف البطولي" وكان الرواد مثل روبرت فالكون سكوت، روالد أموندسن وإرنست شاكلتون.
إلا أن البحث الذي أجري مؤخرا يلقي ضوءً جديداً على أهمية القارة الواقعة في أقصى الجنوب، مما أدى إلى قلب موضوع سوء الفهم الذي كان سائداً لقرون، وإبراز دور القارة القطبية الجنوبية في كيفية عمل كوكبنا ،والدّور الذي يمكن أن تؤديه في عالم أكثر دفئا في المستقبل.

ما كان يعتقد أن كتلة الثلج والجليد لم يتغير فيها أي شيء حتى الآن ، و لكنّ القارة القطبية الجنوبية تحمل كمية مذهلة من المياه. تحتوي الصفائح الجليدية الثلاث التي تغطي القارة على حوالي 70٪ من المياه العذبة لكوكبنا، جلّ ما نعرفه أنّ المحيطات عرضة للهواء والحرارة. إذا كانت جميع الصفائح الجليدية ستذوب، فإن القارة القطبية الجنوبية سترفع مستويات سطح البحر العالمية بمقدار 56 مترا على الأقل.
متى، وأين، وكيف ، ومدى السرعة التي قد يذوب فيها الجليد هو التركيز الرئيسي للبحث. لا أحد يفترض أن جميع الصفائح الجليدية سوف تذوب خلال القرن المقبل ولكن، نظرا لحجمها، حتى الخسائر الصغيرة يمكن أن يكون لها تداعيات عالمية. وتتعلق السيناريوهات المحتملة بقلق عميق: فبالإضافة إلى ارتفاع منسوب مياه البحر، من شأن المياه الذائبة أن تبطئ دورة المحيطات في العالم، في حين أن تحول أحزمة الرياح قد يؤثر على المناخ في نصف الكرة الجنوبي.

في عام 2014، أفادت وكالة ناسا أن العديد من تيارات جليد أنتاركتيكا " القطبية الجنوبية" الرئيسية، التي تمتلك ما يكفي من المياه لتحريك ما يعادل ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار متر ونصف، أصبحت الآن في تراجع لا عودة عنه. ومع تعرض أكثر من 150 مليون شخص للتهديد المتمثل في ارتفاع مستوى سطح البحر، وارتفاع مستويات سطح البحر الآن بمعدل أسرع على الصعيد العالمي من أي وقت مضى خلال السنوات الثلاثة آلاف الماضية، فإن هذه الإحصاءات تشكل إحصاءات واقعية للدول الجزرية والمدن الساحلية في جميع أنحاء العالم
تهديد فوري وحاد

أظهرت العواصف الأخيرة التي أعقبت الأعاصير أن ارتفاع منسوب مياه البحر يشكل تهديدا مستقبليا للمناطق المكتظة بالسكان مثل فلوريدا ونيويورك. وفي الوقت نفسه، فإن التهديد الذي تتعرض له الجزر المنخفضة في مناطق مثل المحيط الهادئ هو تهديد فوري وحاد.
وتعني عوامل متعددة أن قابليّة ارتفاع مستوى سطح البحر في العالم متغير جغرافيا وغير متكافئ، في حين أن هناك أيضا اختلافات إقليمية حول أقصى ارتفاع مستوى سطح البحر نفسه. وفي الوقت الراهن، يشير توافق الآراء في تقرير عام 2013 للاتفاقية الدولية لوقاية النباتات إلى ارتفاع يتراوح بين 40 و 80 سم سوف يكون خلال القرن المقبل، حيث تساهم القارة القطبية الجنوبية بنحو 5 سم منه فقط. غير أن التوقعات الأخيرة تشير إلى أن المساهمات في أنتاركتيكا قد تصل إلى عشرة أضعاف.

وتشير الدراسات أيضا إلى أنه في سيكون العالم أكثر حرارة من 1.5-2 درجة مئوية أعلى منها اليوم، وسوف نقع ضمن ارتفاع مستوى سطح البحر لا رجعة فيه لآلاف السنين، وذلك بسبب بطء زمن الاستجابة من الصفائح الجليدية في القطب الجنوبي إلى الحرارة في الغلاف الجوي والمحيطات.
قد نعيش بالفعل في مثل هذا العالم. وتبين الأدلة الحديثة أن درجات الحرارة العالمية تقترب من درجة حرارة 1.5 درجة مئوية أكثر مقارنة بأوقات بما قبل الثورة ، وبعد اجتماع هيئة المناخ الذي عقد في بون في نوفمبر / تشرين الثاني، من الواضح أن الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة في حدود درجتين مئويتين غير مرجح،
لذلك نحن بحاجة الآن إلى إعادة النظر في التوقعات في مستوى سطح البحر في المستقبل نظرا للأثر العالمي المحتمل للقطبية الجنوبية" أنتاركتيكا". وبالنّظر إلى أن 93 في المائة من الحرارة الناجمة عن الارتفاع الحراري العالمي ناتج عن الأنشطة البشرية التي تذهب إلى المحيط، وأن هذه المياه الحارة في المحيطات التي تلتقي بالهوامش العائمة للصفائح الجليدية في أنتاركتيكا، فإن احتمال حدوث ذوبان جليدي سريع في العالم وإمكانية صهر الجليد في درجة 2 مئوية احتمال كبير.
وفي المناطق القطبية، من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة السطحية مرتين عن المتوسط العالمي، وذلك بسبب ظاهرة تعرف باسم التضخيم القطبي. ومع ذلك، لا يزال هناك أمل في تجنب العالم لسيف ديموقليس، كما تشير الدراسات إلى أن خفض كبير في الغازات الدفيئة على مدى العقد المقبل يعني أنه يمكن تجنب ارتفاع مستوى سطح البحر ذلك الاحتمال الذي لا رجعة فيه. ولذلك فمن الضروري الحد ّمن مستويات انبعاث ثاني أكسيد الكربون الآن ، لصالح الأجيال المقبلة، أو التكيف مع عالم يتم فيه إعادة رسم المزيد من شواطئنا بشكل كبير.
وهذه مسألة علمية ومجتمعية على حد سواء. ولدينا خيارات: توفر الابتكارات التكنولوجية طرقا جديدة للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتقدم حقيقة لمستقبل منخفض الكربون. وقد يساعد ذلك على تقليل ارتفاع مستوى سطح البحر اعتباراً من أنتاركتيكا وجعل التخفيف قابلا للتطبيق.
وبالنظر إلى ارتفاع مستوى سطح البحر الذي يمكن أن يعني المجتمعات البشرية في جميع أنحاء العالم، يجب أن نحافظ على وجهة نظرنا الطويلة الأمد في أنتاركتيكا" القارة القطبية الجنوبية" بوصفها القارة النائية والمعزولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م