الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التخلف بنية اجتماعية

عثمان عبدالله مرزوك
ناقد و باحث و اكاديمي

(Othman A. Marzoog)

2017 / 12 / 8
التربية والتعليم والبحث العلمي


التخلف: هو كتلة مغلقة قوية متماسكة بيئية التكوين وهو الاصل في نشوء المجتمعات. بمعنى ان الخروج من التخلف الى الازدهار هو حالة طارئة تمر بها المجتمعات ولا يمكن ان تكون بدون جهود متينة للعقل النقدي الخارج عن بنية التخلف الصلدة.
الحصون المنيعة التي يشيدها التخلف للحفاظ على بنيته وحمايتها تكمن في حجب مواقع النهوض التي تتفرع عنها باقي العوائق. وكل مجتمع يعيد ذاته مرار وتكرارا وفق المنهجية المتعارف عليها, الا في حالة حصول هزة عنيفة تصُدِع البناء الكتلوي المغلق للتخلف.
ان الانسان يولد وعاء فارغ لم يتشكل لدية وعي فردي وقدرات نقدية, يتم ملئ هذا الوعاء من المجرى العظيم للمجتمع ليكون اضافة كمية للبنية المغلقة للمجتمع المتخلف. وحين يكبر هذا العنصر يكون جنديا مطيعا مجذوبا لما هو داخل مجتمعة ومناهضا لما هو خارجه. ان هذا الانسان يصير عقلا مأسورا في الفكر والسلوك ولا يستطيع نقد هذا الفكر اذ هو لا يعرف انه مأسور , وانى له ان يعرف وهو يعتقد جازما انه الفكر الامثل لبناء مجتمع مثالي متماسك حتى ولو كان يعيش تحت وابل الرصاص وهمس الفساد وجوع البطون. هذا هو تطور الانسان التلقائي في مجتمع متخلف ولا يشذ عن ذلك غالبة حاملي الشهادات العليا والسفلى سواء حملتهم ام حملوها.
لكن يبقى الشواذ المنبوذون من المجتمع في اغلب الاحيان, وعلى امتداد الرؤية في خط الزمن وهذا شان المفكرين الكبار امثال كوبرنيكوس, و غاليليو, وابن رشد, وابن عربي, وجلال الدين الرومي. وهؤلاء تكونت لديهم الملكة الفردية النقدية من بين الكثيرين الذين كانوا مجرد مرددين للأفكار الشعبوية المجتمعية في زمانهم.
الفكر والعادات والتقاليد المجتمعية غير قابلة للتمحيص والتدقيق لكونها الاساس الذي يجب ان يقام عليه البناء, وهي تكونت بدون وجود الملكة النقدية اساسا. التفكير النمطي هو سلوك تلقائي يقوم به كل من يمتلك عقل, لكن التفكير الفعال لا ينشئ تلقائيا مطلقا, بل هو عملية بنائية تبدء بالحب والايثار والشغف, وليس بالنجاح وعبور مرحلة دراسية.
المدرسة العراقية مجرد اداة اسر وخلق صدى, فالطالب المتفوق لا يمكن ان يكون كذلك لمجرد لنيله درجات عالية, لكونه حفظ و اعاد تسجيل ما حفظه على ورقة الاختبار, لان مسجل الهاتف سيكون اكثر دقة وحفظا منه حتما. ان عقم التفكير الذي يصاب به اغلبية الخريجين ناتج عن الحقن التلقينية التي يتلقاها الطالب, والذي بدلا من توسيع الآراء له واعطائه حرية الاختيار المنطقي, يحجر عليه بالنص المنهجي. ففي دراستي في جامعة بغداد يشير استاذي الحديث العهد الي والى زميل لي ان لا نسبر غور مسرحية صامويل بكت "في انتظار كودوا" لأنها ستؤثر في تفكيرنا كما يرى!! وهذا هو الاساس الذي تسير عليه الاغلبية لان التنميط لا زال يقيد استاذا حاصل على شهادة الدكتوراه ولم يفلت منه مع الاسف.
التساؤل الذ ي يأتي به الطفل الى الحياة يقتله المجتمع المتخلف بالتلقين المستمر, رغم ان التيه هو الطريق الى الطريق المستقيم. ليتحول العقل الى مأسورا غير مأسوف عليه بدلا من فاعلا يشار اليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطاولة المستديرة | الشرق الأوسط : صراع الهيمنة والتنافس أي


.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية




.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ


.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع




.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص