الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة اكتوبر الاشتراكية – التاريخ والحاضر (10)

خليل اندراوس

2017 / 12 / 10
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا



**اقتراح لينين
في عام 1921 اقترح لينين اجراء تطهير في الحزب وقد دعا الحزب ان يطهر صفوفه من جميع العناصر التي اندست في صفوفه، من جميع العناصر الغريبة عنه، من جميع العناصر غير النظيفة وغير الثابتة من جميع الشيوعيين الذين تطبعوا بالطباع البيروقراطية وأسفرت عملية التطهير عن تحسين قوام الحزب وتعزيز وحدته. ولكن وللأسف بعد لينين وعلى مر السنين لم يستطع الحزب الشيوعي السوفييتي ان يتخلص من العناصر غير النظيفة وغير الثابتة


وفي هذه الاثناء كان وضع روسيا قبل ثورة اكتوبر الاشتراكية ما يزال يتفاقم من سيسئ إلى اسوأ واشتد الخراب واشتد نقص الخبز واللحم والسكر واحدق خطر المجاعة، وكان غلاء المعيشة في تصاعد مستمر وكانت البرجوازية تتعمد تشديد الخراب أملا منها ان تخنق الثورة.
كان لينين يتتبع مكائد اعداء الثورة بانتباه، وقد نبه الحزب والشعب إلى ان البرجوازية وكبار ملاكي الاراضي والضباط الرجعيين يحضرون مؤامرة على الثورة (ثورة فبراير / شباط 1917) ودعا إلى اليقظة والاستعداد للوقوف بوجه العدو وقد وقع ما تنبأ به لينين وقامت البرجوازية بمحاولة للتنكيل بثورة فبراير.
فتنفيذا لأوامر الاستعماريين الروس والأجانب نظم الجنرال كورنيلوف في 25 آب/اغسطس عصيانا معاديا لثورة فبراير وزحف بجيوشه إلى بيتروغراد، وكان يريد تحطيم الثورة والاستيلاء على السلطة بيديه وتنصيب نفسه ديكتاتورا عسكريا وترأس حزب البلاشفة نضال الجماهير الشعبية ضد عصيان كورنيلوف، وتم تحطيم عصيان كورنيلوف في غضون بضعة ايام.
واتضح للعمال بخبرتهم ان لينين والبلاشفة هم الوحيدون الذين يدافعون حقا وصدقا عن مصالحهم الاساسية، وانعطفت الجماهير الشعبية بقوة نحو البلاشفة وأخذت تنتخبهم في مجالس السوفييت خلال الاشهر آب – ايلول اصبح مجلسا بيتروغراد وموسكو بلشفيين، وارتفع نفوذ مجالس السوفييت واصبحت ذات قوة كبيرة.
في ذلك الحين كان لينين في مخبئه بفنلندا، وكان مطلعا على تفاصيل الوضع في البلاد، وان عميق اطلاع فلاديمير ايليتش على الماركسية وبراعته الفائقة في تطبيقها على النضال العملي قد ساعداه على تبين كنه الاحداث بسرعة وعلى رسم الطريق الصحيح لنشاط الحزب، وعلى رسم استراتيجية الحزب وخطته. فقد وضع لينين امام لجنة الحزب المركزية بحزم مهمة الاستعداد العملي للانتفاض المسلح وللاستيلاء على السلطة وبناء على ارشاداته طرح الحزب من جديد شعار: "كل السلطة لمجالس السوفييت" الشعار الذي كان بمثابة نداء إلى الانتفاض المسلح على الحكومة البرجوازية والى ديكتاتورية البروليتاريا.
وقد أيد هذا الشعار اكثر من 250 مجلسا من مجالس السوفييت في البلاد وكان لينين مضطرا إلى اعطاء ارشاداته عن طريق الرسائل والمقالات وفي اواسط ايلول ارسل لينين من فنلندا إلى اللجنة المركزية والى لجنتي الحزب في بيتروغراد وموسكو رسالتين: "يجب على البلاشفة ان يأخذوا السلطة" و "الماركسية والانتفاض المسلح".
وقد كتب لينين يقول: "بوسع البلاشفة ومن واجبهم بعد ان اصبحوا الاكثرية بمجلسي السوفييت في العاصمتين... ان يأخذوا سلطة الدولة في ايديهم". ولاحقا أشار لينين إلى ان التباطؤ في الانتفاض لا يجوز وأنه "يجب الإقدام على الانتفاض فورا".
وفي تلك الفترة دمغ لينين بوصمة خيانة الطبقة العاملة كامينيف وزينوفييف اللذين عارضا الانتفاض المسلح وأفشيا للبرجوازية قرار الحزب الذي كان يجب ان يبقى في طي الكتمان بنشرهما في جريدة المناشفة "نوفايا جيزن" بيانا يعلنان فيه انهما لا يوافقان لجنة حزب البلاشفة المركزية، وشجب لينين كذلك سلوك الخيانة الذي سلكه تروتسكي إذ طلب باصرار تأجيل الانتفاض المسلح، الامر الذي كان يفضي عملا إلى اخفاقه.
وطلب فلاديمير ايليتش لينين بكل الحزم البدء بالانتفاض المسلح قبل افتتاح المؤتمر الثاني لمجالس السوفييت المقرر انعقاده في 25 تشرين الاول/اكتوبر لكي تتاح بذلك فرصة سبق القوى المعادية للثورة، القوى التي كانت تستعد لتحطيم الثورة.
وبناء على اقتراح لينين بدأ الانتفاض المسلح في 24 تشرين الاول/اكتوبر وفي ساعة متأخرة من الليل وصل لينين إلى صمولني الذي كان مقرا لهيئة اركان الانتفاض المسلح وأرسلت الاوامر ببدء العمل إلى المعامل والمناطق والوحدات العسكرية وأخذت فصائل الحرس الأحمر تشغل المراكز التي كان لينين قد اشار اليها.
وقبيل انبلاج صباح 25 تشرين الاول (اكتوبر) كان الثائرون العمال والجنود والبحارة قد استولوا على محطة التليفون ودائرة البرق ومحطة الراديو والجسور على النيفا، ومحطات السكك الحديدية وأهم دوائر العاصمة. ولقد انتصرت انتفاضة – ثورة اكتوبر المسلحة، حيث اسقطت سلطة كبار ملاكي الاراضي والرأسماليين وفي ليل 25 تشرين الاول/اكتوبر شنت الوحدات الثورية الهجوم على القصر الشتوي واحتلته واعتقلت اعضاء الحكومة المؤقتة.
في قيادة ثورة اكتوبر تجلت بكل وضوح عبقرية لينين بوصفه زعيم الجماهير وبوصفه استراتيجيا حكيما لا يعرف قلبه الرهبة ويرى بوضوح سبل تطور الثورة. وبعد انتصار الثورة لعب لينين الدور الاساسي في تأسيس الدولة الاشتراكية الاولى في العالم وحزب البلاشفة الذي وضعت بين يديه مقاليد الدولة بنتيجة انتصار ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى قد نفذ العهود التي كان قد قطعها للشعب، فقد نادى بالسلام واعطى الشعب الحرية والارض ولينين كان اول من كشف عن اتفاقية سايكس بيكو الاستعمارية الكولونيالية وأعلن عن رفضها.
ووضع لينين مهمة جذب الجماهير الغفيرة من العمال والفلاحين إلى الاشتراك النشيط في بناء المجتمع الجديد بعد الثورة، وكان لينين يعتبر نشاط الجماهير الخلاق اهم وسائل بناء المجتمع الاشتراكي. وفي تشرين الثاني سنة 1917 وجه لينين نداء "إلى السكان" دعاهم فيه إلى الالتفاف حول مجالس السوفييت وان يقدموا بجرأة على ادارة الدولة وكان إذ يتكلم في مختلف الاجتماعات يدعو الجماهير دون كلل إلى بناء الحياة الجديدة.
في 11 آذار سنة 1918 انتقلت الحكومة السوفييتية إلى موسكو التي اصبحت عاصمة الدولة السوفييتية، وأصبح الكرملين مقرا لمجلس مفوضي الشعب وللجنة التنفيذية المركزية لعامة روسيا، وانتقل لينين إلى الكرملين.
كتب احد اعضاء الحزب القدماء كاربينسكي يقول عن لينين: "ثمة سمة حياتية قل ان تصادف جعلت من فلاديمير ايليتش انسانا من الافذاذ وأعني ما اتصف به من العناية والانتباه واللطف والبساطة والتواضع في علاقاته لا مع الرفاق وحسب، سواء في ذلك عضو اللجنة المركزية او عضو الحزب البسيط، بل في علاقاته مع الناس بوجه عام مع الشخصية المرموقة ومع الكناسة المتواضعة".
كان لينين يؤمن بالجماهير اعمق الايمان، وكان يطلب باصرار جذب النساء إلى العمل النشيط، وكان لينين يقول ان قضية البناء الاشتراكي تصبح قضية وطيدة حين تشترك في الحياة الاجتماعية الملايين من النساء.
كذلك كان لينين صديق الشبيبة وبتوجيهه جرى انشاء الكومسومول (اتحاد الشبيبة الشيوعي) وفي خريف عام 1920 القى لينين خطابا في المؤتمر الثالث للكومسومول، كان لينين على الدوام يربط بين مصالح ومهام الحزب البلشفي والطبقة العاملة وجميع الكادحين في روسيا وبين مصالح ومهام الحركة العمالية والشيوعية الاممية.
وبعد انتصار الثورة – ثورة اكتوبر الاشتراكية سار الحزب الشيوعي تحت قيادة لينين بالشعب السوفييتي بمهارة عبر جميع محن الحرب الاهلية وكان لينين يرى في وحدة الحزب الشيوعي ينبوعا من ينابيع قوة الحزب. وفي تلك الفترة أي بعد انتصار ثورة اكتوبر تسرب إلى الحزب الشيوعي السوفييتي (كما يتسرب الآن في العديد من الاحزاب الشيوعية) عدد من الذين كانوا فيما مضى اعضاء في حزبي المناشفة والاشتراكيين الثوريين والبوند وكان قسم من اعضاء الحزب لا يتصفون بالرسوخ السياسي، وظهرت فرقة معادية للحزب على رأسها تروتسكي وبوخارين وغيرهما.
في عام 1921 اقترح لينين اجراء تطهير في الحزب وقد دعا الحزب ان يطهر صفوفه من جميع العناصر التي اندست في صفوفه، من جميع العناصر الغريبة عنه، من جميع العناصر غير النظيفة وغير الثابتة من جميع الشيوعيين الذين تطبعوا بالطباع البيروقراطية وأسفرت عملية التطهير عن تحسين قوام الحزب وتعزيز وحدته.
ولكن وللأسف بعد لينين وعلى مر السنين لم يستطع الحزب الشيوعي السوفييتي ان يتخلص من العناصر غير النظيفة وغير الثابتة لا بل حتى الخائنة، ومثل على ذلك ما نشر في وسائل الاعلام وخاصة المحطة الفضائية روسيا اليوم حيث قدمت دلائل تؤكد وبأن احد مستشاري جميع البلدان، ومن اقواله "لا يمكن ان تنتصر الاشتراكية على الرأسمالية الا اذا اصبحت انتاجية المجتمع الاشتراكي ضعفي انتاجية المجتمع الرأسمالي" وقال ايضا "ان الشيوعية تتطلب قاعدة مادية تكنيكية متطورة جدا، تتطلب نهوض القوى المنتجة نهوضا عاصفا، تتطلب ارتفاع انتاجية العمل ارتفاعا مطردا". وبرأي كاتب هذه السطور في هذا المجال، لا بل هذا المجال الاساسي الذي فشلت به، تجربة بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي.
في الساعة السادسة والدقيقة 50 من 21 كانون الثاني سنة 1924 توفي لينين من نزيف في المخ. ولكن اللينينية ستبقى قوة وفلسفة فعالة وعظمى وعلى الاحزاب الشيوعية اثراء الماركسية – اللينينية في الظروف التاريخية الجديدة، والعمل على منع تشويهها من قبل الانتهازيين والمنحرفين والمرتزقة ومن سائر اعداء الفكر والايديولوجية الماركسية اللينينية.
ستبقى ذكرى انتصار ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى وذكر لينين، تعيش خلال العصور والدهور فانتصار الاشتراكية قادم لا محال وبقدر ما يبتعد عنا هذا اليوم – ذكرى انتصار ثورة اكتوبر، بقدر ما تزداد اهمية دراسة تجربة بناء الاشتراكية والتي فشلت في الاتحاد السوفييتي ولكن كما قال ماركس "تجربة بناء الاشتراكية قد تفشل مرة او مرتين او اكثر ولكن ستنتصر في النهاية". لذلك علينا استخلاص الدروس والعمل على نشر الفكر الماركسي – اللينيني بين جماهير الشعب الواسعة و"خاصة" الطبقة العاملة ومهم جدا ان نؤكد على اهمية دور البروليتاريا عالميا في مواجهة الامبريالية وخاصة في المرحلة الراهنة حيث تزداد يوما بعد يوم عدوانية طبقة رأس المال والشركات العابرة للقارات وشركات تجارة السلاح، فهذه التطورات تهدد الوجود الانساني وتهديد الولايات المتحدة الامريكية بالقيام بعدوان عسكري استباقي ضد كوريا الشمالية لأكبر دليل على همجية وبربرية الامبريالية العالمية.
لذلك نقول بأن مهمة الطبقة العاملة والاحزاب الشيوعية والشعوب المضطهدة المباشرة والضرورية الآن التصدي لسياسات العدوان الامبريالية عالميا، وسياسات اسرائيل والرجعية العربية في المنطقة.
ان تمزق الاتحاد السوفييتي منذ عام 1989 أخر لفترة مديدة "اعادة التشكيل" للعالم روحيا وماديا وسياسيا باعتبارها الوحيدة القادرة على منع "الانتحار الكوكبي"، ولكن هناك جهود تقوم بها مثلا الصين مثل عقد لقاءات وندوات دولية في بكين حول التطور التضامني للعالم لإعادة الحياة إلى "طريق الحرير" القديمة باستخدام وسائل تقنية هائلة توفرها بين ايدينا العلوم المتطورة الحالية، فالحل البديل للانسانية هو التطور "التضامني" كبديل للعولمة الامبريالية المجرمة بحق البشر والثقافات بحق الشعوب المضطهدة والتعاون الاقتصاد والسياسي بين الصين وروسيا وخاصة بعد فرض الحصار الاقتصادي الذي فرض على روسيا من قبل الغرب لأكبر دليل على امكانية خلق محور بديل يتحدى ويواجه الامبريالية الامريكية والغربية ليس فقط اقتصاديا لا بل أيضا سياسيا وعسكريا وانتصار هذا المحور في سوريا سيكون له ابعاد ايجابية تاريخية ليس فقط في منطقة الشرق الاوسط لا بل في العالم اجمع، وعلى مستوى تطور المجتمع الانساني عامة".

///مراجع الدراسة:
لينين – المختارات
لينين – ترجمة حياته – موجزة عن الطبعة الروسية المعدة من قبل معهد الماركسية – اللينينية – موسكو 1960
لينين – مقالات وخطابات لمناسبة اعياد ثورة اكتوبر
الاتحاد السوفييتي – لمحة تاريخية موجزة – تأليف غوسيف ونعوموف – اصدار دار التقدم موسكو – الترجمة إلى اللغة العربية – 1977
عشرة ايام هزت العالم – تأليف جون ريد – دار التقدم موسكو – 1987 الترجمة إلى اللغة العربية
في منعطف التاريخ – كوروليوف – اصدار دار التقدم موسكو 1987
الناس والعلم والمجتمع – دار التقدم موسكو – اعد الكتاب فريق من المؤلفين
القيصر – تأليف عصام عبد الفتاح – الناشر – كنوز للنشر والتوزيع القاهرة
تاريخ ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى – الترجمة إلى العربية 1977. اصدار دار التقدم موسكو. هيئة التحرير سوبوليف (رئيس هيئة التحرير) تروكان. جيمبلسون ترجمة دكتور سامي عمارة
ماركس انجلز – بصدد الثورة الاشتراكية – الترجمة إلى اللغة العربية – 1983 اصدار دار التقدم موسكو
رقعة الشطرنج الكبرى – زبغنيو بريجنسكي
الاتحاد السوفييتي – الترجمة إلى اللغة العربية – دار التقدم 1979
الارهاب الغربي – روجيه جارودي – ترجمة سلمان حرفوش – الناشر – دار كنعان دمشق
(انتهى)
غورباتشوف كان عميلا لـ سي.آي.إيه.
هذا بالاضافة إلى تحول الحزب إلى نوع من الادارة البيروقراطية للدولة السوفييتية، خلال نضاله السياسي وجه لينين انتباها كبيرا لتعزيز الصداقة بين الشعوب وربط لينين بين بناء الاشتراكية وتحقيق الثورة الثقافية.
وكان لينين يقدر ويشجع العمل الجماعي اسمى التقدير والتشجيع وكان يرى في الجماعية مبدأ من اهم مبادئ قيادة الحزب، وكان يؤمن ايمانا لا يعتريه الشك بأن الاشتراكية بوصفها نظاما ارقى بالقياس إلى الرأسمالية ستنتصر في نهاية المطاف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا