الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج النسق(6)

ماجد الشمري

2017 / 12 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كارل هنريك ماركس/ولد في مدينة ترير عام1818وتوفي في لندن عام1883-اقتصادي ومفكر نظري وناقد،ومناضل سياسي عمالي،وديمقراطي انساني النزعة.هو الاكثر شهرة وتأثيرا في القرن العشرين ولازال.تأثر بديالكتيك هيجل ومنطقه،ونقد فلسفته المثالية عن الروح- والفكرة المطلقة.وكان لطروحات هيجل عن الاغتراب الانطولوجي والسياسي دور في تطور فكرة ماركس عن الاغتراب.فهيجل كان يرى:بأن الاغتراب في جوهره هو اغتراب انطولوجي،صاحب الانسان منذ بدء وجوده كأنسان،بين الفرد كذات،وبين الفرد كموضوع.وان كل مايبدعه او ينتجه:اللغة،الفن،الدين،العلم،الخ،ينفصل عنه،ويصبح موضوعا خارجيا،وغريبا عن الذات كأشياء مادية موضوعية.ومن هنا تجد الذات اغترابها كعقل ووعي بذاتها خارج العالم الموضوعي.وبصفته كائنا روحيا لايتحرر الانسان من استلابه الا بممارسة نشاطه الاجتماعي-الاقتصادي وتطوره التاريخي.وسيزول الاستلاب عندما يتطابق جوهر الانسان الذاتي مع نهاية التاريخ المكتمل تحققه بالدولة البروسية!.كما تأثر ماركس ايضا بفيورباخ وافكاره عن الاغتراب الديني،وهو العنصر الاساسي في مذهب فيورباخ المادي،وهو:نقد استلاب ماهية الانسان الناجمة عن اللاهوت،والذي شكل في نفس الوقت نقلة ايديولوجية لدى ماركس في تحليله الخاص لاغتراب العمل،نقدا للاستلاب الفعلي في السلعة،للماهية الانسانية لقوة العمل.ذلك الاستلاب المدمر والذي يفرزه المجتمع الرأسمالي،مجتمع الملكية الخاصة،كما يفرز ايضا السعي المحموم الى الربح والمزاحمة والنزعة الفردية والانانية التي تسحق العمال بعقبها الحديدية التي لاترحم.
اعتمد ماركس على "جوهر المسيحية"لانضاج افكاره عن اغتراب العمل.وكماساهم برونو باور بكتابه المسألة اليهودية"في تبيان المنهج الاجتماعي لماركس في نقده لباور كاختلاف في الرؤية للمسألة اليهودية.جرى الامر كذلك بالنسبة لماكس شتيرنر في كتابه"الاوحد وملكيته"والذي نقده ماركس بقسوة في الايديولوجيا الالمانيةعام1845-1846وكان نقده لباور وفيورباخ وشتيرنر اكبر الاثر في نضوجه وتطوره الفكري بأتجاه الجدل المادي والتاريخي والتفرغ لنقد وتحليل الاقتصاد السياسي الرأسمالي،والسعي للتنظيم العمالي الاممي والنشاط السياسي الثوري.عالج ماركس موضوعة الاغتراب وفي ذهنه فيورباخ في عدة مؤلفات:المخطوطات الاقتصادية-الفلسفية1844 وفي العائلة المقدسة1844و الايديولوجيا الالمانية1846وكذلك في رأس المال تناول العمل المغترب بتركيزه على الجانب الاجتماعي-الاقتصادي الاكثر نضجا وفهما وبعيدا عن انسانوية واخلاقية المخطوطات لماركس الشاب الذي لم يتحرر بعد من فيورباخ في حينه.والمخطوطات التي لم تنشر الافي عام1932بعد اكتشافها من قبل ديفيد ريازانوف-والذي كان له كل الفضل في جمع وترجمة ونشر تراث ماركس من نصوص وكتابات كانت ستضيع لولاه وقد اجزل له ستالين في الكرم والجزاء كجزاء سنمار!-ورغم ان النص كا ن يفتقد الكمال لضياع اجزاء وصفحات كثيرة منه الا انه يعتبر النص الاول الذي عالج فيه ماركس مفهوم الاغتراب كمغايرة بدائية لاغتراب فيورباخ الديني،والذي اعتمد عليه ماركس-كما قلنا- واقتبس منه،وارسى عليه تعديله لمسألة الاغتراب على اسس فلسفية-اجتماعية-اقتصادية من خلال طرحه للعمل المغترب.
ادرك ماركس بعكس فيورباخ ان الاغتراب-الاستلاب ليس له طابع ديني وحيد فقط،وانما تجلى ايضا وخصوصا في المضمار السياسي والاجتماعي،وان ألغاء الاغتراب لايتطلب نقد الدين فحسب،بل ونقد الدولة والمجتمع ايضا.ومايبدو لدى هيجل وفيورباخ ان الاغتراب سبب لشقاء الانسان،هو عند ماركس نتيجة للملكية الخاصة والمنافسة والصراع الطبقي الذي ينبثق بأغتراب العمل والرأسمال معا.ومن خلال تحليل ماركس لمفهوم الاغتراب لدى هيجل وفيورباخ،اكتشف مفهوم الصراع الطبقي كعامل رئيسي في التحولات الاجتماعية والتاريخية.وبهذا تجاوز ماركس بمفهومه المتميز للاغتراب،كل ماتصوره هيجل وفيوباخ عن الاغنراب،كأغتراب سياسي عند هيجل،واغتراب ديني غند فيورباخ.
في كنابه المشترك مع انجلز "الايديولوجيا الالمانية" يقول ماركس:"ان الانسان من حيث هو انسان هو من انتاج المجتمع،كما ان المجتمع هو من انتاج الانسان،فالفاعلية والعمل مضمونهما اجتماعي وكذلك اصولهما.لدينا اذن طبيعة اجتماعية وانسان اجتماعي.والدلالية الانسانية للطبيعة ليس لها وجود الا بالنسبة لوجود الانسان،ولكون اساس وجود الانسان من اجل الآخرين،ووجود الآخرين من اجله،عندئذ،وعندئذ فقط،تكون الطبيعة اساسا لخبرة الانسان الانسانية،وعنصرا حيويا للحقيقة الانسانية،ويصبح الوجود الطبيعي للانسان هاهنا وجودا انسانيا،وتصبح الطبيعة ذاتها انسانية بالنسبة للانسان..وهكذا يصبح المجتمع هو الوحدة النهائية للانسان والطبيعة،اي هو الاحياء الحقيقي،والسمة الطبيعية للانسان،والسمة الانسانية للطبيعة".في هذا النص الباهر الطويل الذي اوردناه تتجلى رؤية ماركس المادية الواقعية الثاقبة-رغم الصوت الفيورباخي الذي يتردد صداه مابين السطور-وهي رؤية مكثفة ترمز لاسلوب تحرير الانسان من الاغتراب عن الطبيعة وعن ذاته والآخر الاجتماعي،حيث ينتمي الانسان من جهة:هو انه منتج لحياته،الى طبيعته الكلية التي كانت مغتربه عند نشأة المجتمع.وهذا يعني ان هناك اغترابا آخر هام و اكثر اساسية وواقعية من الاغتراب السياسي والديني هو اغتراب العمل في المجتمع الطبقي،وكل اغتراب آخر هو نتيجة مترتبة على هذا الاغتراب.هنا يقطع ماركس جازما بعلية العمل المغترب كأساس لكل الاغترابات المستجدة والطارئة،كما قطع فيورباخ بدوره بعلية الاغتراب الديني وكل الاغترابات المترتبة عليه.ورغم التشابه في الاستدلال المنطقي الا ان ماركس هو الاكثر مادية وتشخيصا وجذرية لاغتراب العمل المادي-الواقعي والمغاير والمعاكس لاغتراب فيورباخ الديني...
ويقول ماركس ايضا:"ان اساس النقد اللاديني على النحو التالي:ان الانسان هو الذي يصنع الدين،وليس العكس،فالدين في حقيقته،هو الوعي الذاتي للانسان طالما انه لم يجد او فقد نفسه،بيد ان الانسان ليس مجردا،وجالسا على قدميه خارج العالم،بل انه العالم الانساني والدولة والمجتمع،وهذه الدولة وهذا المجتمع هما اللذان يصنعان الدين،والدين،عندئذ،يصبح هو وعي العالم مقلوبا،لانهما عالم مقلوب.ان الدين هو النظرية العامة لهذا العالم،انه موسوعته الموجزة،انه منطقه في اسلوب شعبي،انه شرفه الروحي،انه حميته،وازعه الاخلاقي،اساس التعزية والتبرير،انه التحقيق المذهل للوجود الانساني طالما الوجود الانساني يخلو من الوجود الحقيقي،ولهذا فأن النضال ضد الدين هو نضال بطريق غير مباشر،ضد هذا العالم ذو الرائحة الروحية العطرة المتمثلة في الدين".-هنا ايضا نعثر على فيورباخ متواريا،نفس الروح والرؤية،بتعبير اكثر رومانسية وارفع ادبيا،واكثر مادية-.كان ايراد هذا النص الطويل ضروريا لتبيان ماكان يعنيه ماركس هنا في هذا الاقتباس،وهو:ان الاغتراب الديني لايمكن ان يتلاشى ويزول بمجرد النقد النظري للظاهرة الدينية،وانما يحدث ذلك بالممارسة النضالية ضد الظروف الاجتماعية المادية التي ولدته،لابالمثالية الهيجيلية،ولابالمادية الفيورباخية.وهنا نطرح سؤالا:ماهي تلك الظروف المادية التي تنتج الاغتراب بالنسبة لماركس؟.والاجابة حسب اعتقادنا هي:ان تحليل ماركس للاقتصاد السياسي الرأسمالي،وبكشفه عن فائض القيمة،توصل الى ان التطور التاريخي الجدلي هو المصدر الوحيد لاعظم اغتراب للانسان العامل عبر تاريخه الطبقي.ففي المعادلة التي ادرجها ماركس في رأس المال:ن-س-ن،هذه الصيغة التي يبدو فيها ان المال هو الذي ينتج الانسان.في حين ان الاصل هو الانسان،الانسان هو من ينتج رأس المال.وهذا في الحقيقة هو مصدر اغتراب لا العامل وحسب،وانما الرأسمالي ايضا في كل العملية الرأسمالية للانتاج.ومع ان كل منهما-العامل والرأسمالي-هو نقيض الآخر،ولكن مايوحدهما هو هذا التناقض عينه الذي يجمع بينهما.فالرأسمالي مضطر ومن اجل الحفاظ على وجوده ان يحافظ على وجود نقيضه العامل.اما من زاوية العامل،فهو مضطر الى ازالة وجوده،وبالتالي ازالة وجود نقيضه الذي هو شرط وجوده كعامل،اي الرأسمالي.والفرق بينهما هو قي نوعية ودرجة الاغتراب.فالرأسمالي في اغترابه الذاتي يجد قوته وسلطته وخيره في هذا الاغتراب.اما العامل فأغترابه مؤلم وسبب تعاسته وشقائه،وعاجز لاحول له ولاقوة في تغيير واقعه البائس،ووجوده لاانساني بكل المعايير،ومستلب في كل علاقاته الاجتماعية حتى داخل اسرته وعلاقاته الحميمة!.
..............................................................................
يتبع.
وعلى الاخاء نلتقي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص