الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسّان يخفق مرّّة أخرى

اسراء العكراوي

2017 / 12 / 14
الادب والفن


لا يقل حسن الختام في القصيدة أهمية عن حسن المطلع او الاستهلال لدى العرب من نقاد الشعر ، وقد جَهِد الشعراء في جعل خواتيم قصائدهم ابياتا حسنة السبك لها من حلو الالفاظ ورشاقة المعنى وقوته ما يقع في نفس السامع موقعا راتباً تتم به عمارة القصيدة ويبلغ به الشاعر قصده .
وقد اعتاد الشعراء على انهاء قصائدهم بما يتناسب مع اغراضها فتنتهي قصائد الرثاء عادة بالعزاء والدعاء بالسقيا لقبر المرثيّ، وبالفخر في قصائد المدح وهكذا.
وبين يدي قصيدة حسان بن ثابت الهمزية في مدح الرسول (ص) ((عفت ذات الاصابع فالجواء)) نقف عند بيت الختام الذي مدح به حسّان نفسه قائلا:
لساني صارمٌ لا عيبَ فيه وبحري لا تكدّرهُ الدلاءُ
وظاهر البيت أنه مدحٌ لبيان الشاعر ومقدرته الشعرية وصفاء طبعه الذي لا يكدره شيء ؛ لكن ، عند التأمل في هذ البيت نتساءل : هل أفلح حسان في الفخر بنفسه على سنن العرب هذه المرة؟ أم أخفق كما كان منه حين اقلل جفانه وأسيافه في قوله :
لنا الجَفنات الغر يلمعن في الضحى وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
فخالف سنن العرب الفنية في الفخر التي تقتضي أن يكون اطلاق الصفة المحمودة بأشد صور المبالغة وأعلاها سقفا؟، فإذا نحت الصفة نحو الوسطية غاب معنى الفخر بها والمدح لها ، وهنا وجد النابغة ثغرة للنقد ودلالة معكوسة لمعنيي الكرم والشجاعة الذَين يعرفهما العرب.
إن حسّان يشبّه لسانه بالصارم الذي لا عيب فيه ، ولكن العرب تفخر بالصارم ذي الفلول او المثلّم، إذ أنه يدل على كثرة المقارعة وشدة صولات حامله ، وفي هذا المعنى انشد النابغة:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهنَّ فلول من قراع الكتائبِ
وتابعه في هذا المسلك العديد من الشعراء منهم ابو تمام في قصيدته التي رثى بها محمد بن حميد فقال:
وما مات حتى مات مضرب سيفه من الضرب واعتلّت عليه القنا السمرُ
فدليل شجاعة المحارب وكثرة ممارسته القتال فلول سيفه، أما اذا كان الصارم لا عيب فيه كصارم حسان بن ثابت فهذا يدل على أنه لم يبارز به اصلا ولم يقارع به عدوا! ، وإن كان في الحقيقة قد نصر به دين الله ورسوله فحظي بلقب شاعر الرسول(ص).
أما الشطر الثاني من البيت نفسه ففيه مورد آخر للطعن في فخر حسان فقد اعتاد العرب على تشبيه الكرم بالبحر لسعته وكثرة خيراته واحتياج الناس اليه وكثرة قصدهم له ، أما بحر حسّان فلا تكدره الدلاء أي لا يغرف منه أحد!
ربما كان ما قلناه أحد الاسباب التي دعت علماء الادب في ذلك العصر الى القول إن شعر حسان قد ضَعُف بعد الاسلام، وربما يكون هاجسا لدى الشعراء ومُذكّرا لهم بضرورة تقليب كلامهم وتنقيته قبل إطلاقه، خاصة في ختام القصيدة إذ إنها مما يعلق في ذهن السامع والقارئ على حد سواء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو


.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد




.. بسبب طوله اترفض?? موقف كوميدي من أحمد عبد الوهاب????


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم