الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحية خالصة للحوار المتمدن في ذكراه 16

عذري مازغ

2017 / 12 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرا ما كتبت عن الحوار المتمدن كإطار فكري متنوع مبهر وقيم، إلا اني اعدل عن انطباعي في آخر لحظة لسبب يمنعني هو نوع من الشعور بالغرور، الغرور لأني اعتبره جزءا يمثلني وثانيا كنت أتمنى للمواقع اليسارية أن تتمثل بجزء منه، ومن ثقافته المتفتحة، اليسار عادة يجب أن يكون إطارا لتجمع الكادحين، أحزاب الطبقة العاملة كما يقال، وفي كثير من الأدبيات اليسارية، إطار للتحالفات الأجتماعية المهيمن عليها سياسيا، كم رائع أن يكون اليسار بهذه الصفات الغرة، أن تشعر بأنك في دفء أحضان متنوعة، لكن عادة ، ما أن تقترب لجهة منه وتختلف حواريا في استراتيجية النضال إلا وتشعر انك مرفوض برغم أنك لا تنتمي إلى استراتيجيته، بمعنى انك تحاور من خارج أية استراتيجية أصلا لأنك غير منتمي أصلا ليؤاخذك هذا أو ذاك، في الحوار المتمدن، لا تجد هذا الإقصاء، حتى الذين يشرفون عليه، ربما لا توحدهم استراتيجية معينة، يشبه إلى حد ما، أقصد مدرسته، تشبه إلى حد ما مدرسة إخوان الصفاء كما يقدمها الكاتب اللبناني العظيم حسين مروة في كتابه "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية" لو كان الحوار المتمدن حزبا يساريا لكان جماهيريا بالفعل، هو مؤسسة متفتحة على الجميع، حتى على أولئك الذين يناقضون تماما أطروحات الأيديولوجية اليسارية. في الحوار المتمدن نلمس تماما تلك التربة التي، بتكرار عظيم، كان مهدي عامل يشرحها في كتاباته كلها، تلك التربة التي تمثل وحدة التناقضات التي يرفضها الكثير من داخل كتاب الحوار المتمدن نفسه، فالكثير يطرح نفسه نقيضا ويرفض أن يكون في وحدة تناقض تمثلها مؤسسة الحوار، أتذكر أن البعض حاول نسخ تجربة الحوار، لكنه لسوء الحظ او لحسنه، لم ينجح في ذلك لسبب بسيط، كانو من البداية يمارسون السلوك البعثي في تناول الموضوعات، السلوك الذي هم في شعاراتهم ضد له، ويلزمون الكاتب بطريقة غير مباشرة ان يكون محدودا تماما في طروحاته بما يلائم توجههم، أو أن يكون كاتبا غرا لا يلامس بشكل مباشر أو غير مباشر قضيتهم، بينما الحوار المتمدن ينشر حتى تلك التي تتناقض وتوجهه الأيديولوجي. إن الحوار المتمدن يمثل الوجه الحقيقي لما يجب أن يكون عليه اليسار في بلداننا المتنوعة القوميات والثقافات واللغات، اليسار قبل ان يتبنى الجماهيرية ملزم بالفعل أن يتجاوز التدجين الإيديولوجي لتيار مهيمن داخله لأن زمن الإستقطاب ولى ، الجماهيرية هي أن تأخذ مختلف مواقف الجمهور أو القطيع... نحن في زمن تفجر المعلومة، نحن في زمن تنولد فيه ثورة على الديموقراطية نفسها، هذه التي تسمى ديموقراطية التمثيل والإنابة، ديموقراطية فيها الكثير من القرود الآدمية تبشر بانتهاء عهد سركها وبهلوانيتها وهي الآن لا تعطي في فرجتها سوى الملامح الاخيرة لانتهاء مسرح التهريج.
لا يمكن بالفعل مقارنة موقع للكتابة بموقع حزبي جديد يساري، برغم ولادة أحزاب جديدة، لازالت لم تهضم القفزة النوعية التي يجب أن تحدد صيرورتها، بينما الحوار المتمدن لا زال يسير فيها دون تراجع، الحوار المتمدن جمهر الكتابة كسلوك فاعل ويفعل بينما الحزب الجديد، كبوديموس مثلا، لأسباب الهواجس الإنتخابية، وأمام الضغوط للسياسات المهيمنة، أجل (بتشديد الجيم) أو انكر الكثير من المواقف أرضاء لوسائل الإعلام الإيمبريالية، يخجل ان يصرح أنه حزب شيوعي، وانه يؤيد الثورة الفوليفية في أمريكا اللاتينية، ويتردد في إعلانه أن توجهه ماركسي إضافة إلى تراجعات قاتلة بخصوص قضية الحلف الاطلسي والقضايا التي تشكل أولوية الإتحاد الراسمالي الأوربي إضافة إلى هيكليته التي تحولت من حزب القرار فيه للجماهير إلى حزب هو نفس النسخة للأحزاب اليسارية الكلاسيكية التي تعتمد الهيكلة الهرمية، تحول من حزب أرضيته هي مواثيق حركة 15M إلى حزب ارضيته هي نفسها أرضية الأحزاب الكلاسيكية مع التشبث ببعض مواقف الحركة.
بخصوص الحوار المتمدن، ما يمثل فيه هذا النوع من الهرمية هي تلك الحوارات التي ينظمها، فهي غالبا حوارات لقادة أحزاب ومنظمات ونقابات، نخبة سياسية أو مثقفة معينة في الوقت الذي سيرا على نهج تفتحه عليه أن يدعو للحوار اولئك الذين لا موقع لهم أيضا، كم جميل أن نسمع طروحات غير موجهة. كم جميل أن نسمع ليساري يدوس على الكثير من مواقف تيارات بعينها يسارية كالحركة الماوية، التروتسكية، اللينينية وهلم جرا...فما يهمنا في اليسار هو تحطيم هذه الصنمية الأيديولوجية وخلق دينامية جديدة في الفكر الثوري اليساري.
ختاما، كم تمنيت أن تكون أحزابنا اليسارية قد خففت من قيودها في طرح الراي المخالف في مواقعها وجرائدها كما الحوار المتمدن، فكتابة طروحات مناهضة للحوار المتمدن لا ينفي يساريته ولا هي نفت توجهه
تدفق المعلومات في الحوار المتمدن هي بسبب تفتحه، واجتهاداته في طرح أمور جديدة هي نتيجة لذلك.
الحوار من موقع مرجع مختلف لا يعني بالضرورة يمس مرجعية اليسار لتيار معين (الذي لا يقتل يسمن بالضرورة) وطرح راي مخالف للتوجه العام هو استئناس بالتوجه اكثر منه عداء.
من خلال ادبيات الحوار المتمدن يمكننا خلق أممية يسارية جديدة تعترف بالتنوع والإختلاف وتتوحد في الضروري في قضايانا الإقليمية.
يمكننا أن نتوحد على أساس من الإختلاف من خلال تفهم نوع قضايا أقاليم وجهات أو دول معينة.
كن ما شئت من اليسار بالشكل الذي يجب ان تقتنع أني ايضا من الما"شئت" الآخر.
ختاما تحية خالصة للحوار المتمدن وكل المشرفين عليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات