الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عهد والذكور العرب

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2017 / 12 / 21
مواضيع وابحاث سياسية



عندما قال السيسي جملته الشهيرة "نحن نقاتل الإرهاب بالنيابة عن العالم" كان الأمر يدعو للسخرية أكثر من أي شئ أخر، فكل التقديرات الدولية تقول أن المسلحين في سيناء لا يزيد عددهم عن مئات قليلة، يواجهون جيش نظامي مسلح بأحدث الأسلحة ووسائل الإتصال، ويصل تعداده لملايين الجنود.

ولا يخفى على أحد أن المعارك في تلك المنطقة امتدت لسنوات دون أن يبدو في الأفق أي أمل في انتهائها قريبا، بل أن هؤلاء المسلحون أصبحوا يقومون بعمليات نوعية مؤثرة مثل عملية الواحات أو عملية استهداف زيارة وزيري الدفاع والداخلية، وهو أمر يوضح مدى تنظيمهم وقدرتهم على الرصد وتحديد الأهداف.

ووسط كل ذلك يرزح الشعب المصري تحت أعباء الغلاء والديون ويواجه أزمات في العمل وفي الخدمات وتوفير الأمن وبسبب هذا الإرهاب يُغلق كل فم وتحجب الصحف وتفرض الطواريء وتدخل البلد بالكامل في سجن يبدو مؤبدا.
إن ما يتعرض له الشعب من قهر وتنكيل وتضييق وغياب كامل للقوانين جعله يفقد شيئا فشيئا كل ما يميزه كمنتمي لجنس الإنسان، فلا يفزع لمقدسات تنتهك ولا يؤرقّه ظلم ولا يهتم بضياع مقدراته ونهب ثرواته.

أصبحنا نشاهد مصري في الكويت يُضرب بدون إبداء أي رد فعل حتى يرقد في العناية المركزة، وأخر يُطعن في السعودية بدون سبب وجيه، وثالث يقوم أمين شرطة بإلباسه قميص نوم حريمي ليقول على نفسه "عاهرة" فيصوره وينشر الفيديو بين أهله وجيرانه وزملائه في العمل ليموت أبوه بحسرته وتتركه خطيبته ولا يستطيع أن يواجه زملائه في العمل بعد ما ناله من تجريس ومهانة.

وعلى الرغم من أن كل من اعتبر هذا التسجيل مهين وينتقص من رجولة صاحبه معرّض هو شخصيا لأن يفعل به ما هو أكثر من ذلك إلا أنه وياللعجب وجد هؤلاء في الأمر ما يثير سخريتهم بدلا من أن يقرأوا الفاتحة على روح الرجولة والنخوة والشهامة والكرامة في هذا البلد المنكوب.

قارن هؤلاء بالفتاة الفلسطينية عهد التميمي والتي واجهت كتيبة مسلحة بقبضتها الصغيرة ومن قبلها الطفل الجنيدي لتعرف من هو الشعب المحتل ومن هو الذي يواجه الإرهاب بالنيابة عن العالم حقا وفعلا!

إن شجاعة الأطفال في فلسطين على الرغم من أن كل منهم له أب أو أم أو خال أو عم أو أخ شهيد أو معتقل لأمر يدعو إلى الفخر والإعجاب، بينما ما يتحمله أبناء الشعب المصري الذين رضوا بالعبودية وفضلوا الفتات على العزّة والكرامة لهو شئ مخزي ومهين!

والكل في العالم العربي – عدا الأراضي الفلسطينية – قابع تحت نير طرائق عديدة من الإستعباد، فالحكومات الإستبدادية لا تعدم سبل التطويع والتدجين وستجد كل الأساليب القديمة والمبنكرة بهذا الشأن تطبق في العالم العربي من محيطه إلى خليجه!
بالطبع لا أمل في أن تحيي قبضة عهد ما مات من كرامة ونخوة في نفوس الذكور وأشباه الرجال الذين ينتشرون في ربوع المنطقة، ولكن لعلها تكون مثل وقدوة لأجيال قادمة تعي معنى الكرامة والعزّة وسيأتي ذلك اليوم حتما!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار