الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموت عند العرب قبل الإسلام

سعد سوسه

2017 / 12 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لقد شغلت فكرة الموت ذهن الإنسان في الجاهلية قبل الإسلام وكان لعرب الجاهلية على إختلافهم آراء في هذه الفكرة ،فالموت في كلام العرب : السكون 0 يقال مات بمعنى سكن 0وهذا هو المعنى المفهوم للموت عند الجاهليين 0 فالمراد من الموت هو سكون الجسد بعد مفارقة الروح له 0 وقد حار الجاهليون ، كما حار غيرهم في تفسير ظاهرة الموت ، وكيفية وقوع الموت وحدوثه 0 وقد عده بعضهم حدثاً طبيعياً ، يحدث للإنسان كما يحدث لأي شيء آخر في هذا الكون من التعرض للهلاك والدمار 0 وعده بعض آخر مفارقة الروح للجسد 0 وهم الذين اعتقدوا بوجود جسد وروح أي ثنائية الروح والجسد 0 وعده آخرون موت للنفس ، وبوفاة النفس يتوفى الجسد ويصيبه السكون 0 فالموت عندهم مفارقة الروح للجسد، فإذا مات الإنسان خرجت روحه من أنفه ، أو من فمه ، فينفض الإنسان نفسه 0
أما عن البعث فلم يكن كثير من الجاهليين يؤمنون بالبعث كما يتبين ذلك من القرآن الكريم فالعرب كانوا أصناف فصنف منهم أنكروا الخالق والبعث والإعادة وكانوا يرون أن الموت نهاية ، وأنهم غير مبعوثين ، وأن البعث بعد الموت شيء غير معقول ، و صنف آخر أنكروا الخالق وقالوا بالطبع المحيي والدهر المفني . فهم كانوا يعتقدون أن الموت والحياة هو عبارة عن تركب وتحلل فالجامع هو الطبع والمهلك هو الدهر0 وصنف أقر بالخالق وإبتداء الخلق والإبداع ولكنه مع ذلك أنكر البعث والإعادة .
كذلك فإن أغلب أهل الجاهلية لا يؤمنون بثواب ولا بحساب ولكنهم كانوا يتعبدون للإله ويتقربون للأصنام ، ويقدمون القرابين و النذور لأن العرب في الجاهلية كانوا يفعلون ذلك لمصلحة دنيوية في هذه الحياة الدنيا إذ كانوا يفعلون ذلك لترضى عنهم الآلهة ولنفع ولزيادة في المال أو لتدفع عنهم الشر والأذى وعيون الحساد في هذه الدنيا ، أما الآخرة فلا علم لهم بها وما خوفهم من الآلهة الإ لاعتقادهم أنها تضرهم وتهلكهم وتنزل بهم الشر في هذه الدنيا وكان العرب قبل الإسلام يعتقدون أن أرواح البشر تستحيل بعد مفارقة الأبدان إلى طير وهذه عقيدة شملت أكثر الشعوب القديمة فآمنوا بأن بعض فصائل الطيور أرواح الموتى إذ إن من العرب من يعتقد التناسخ فيقول : إذا مات الإنسان أو قتل إجتمع دم الدماغ واجزاء بنيته فإنتصب طيراً ( هامة) فيرجع إلى رأس القبر كل مائة سنة 0 كما أن من العرب من كان يعتقد التوحيد ، ويؤمن بيوم الحساب ، وممن كان يعتقد التوحيد ويؤمن بالحساب ( قس بن ساعدة الأيادي ) وقال في مواعظه : كلا ورب الكعبة ، ليعودن ماباد ، ولئن ذهب ليعودن يوماً وأنشد في معنى الإعادة :
ياباكي الموت والأموات في جدثٍ عليهم من بقايا بزهم خرق
دعهم ، فإن لهم يوماً يصاح بهم كما ينبه من نوماته الصعق
كما إن فريقاً من الجاهليين كما يقول أهل الأخبار ( كان يؤمن بالبعث وبحشر الأجساد بعد الموت ويستشهدون على ذلك بـ ( العقيرة ) وتسمى ( البلية ) أيضاً 0 والبلية الناقة التي كانت تعقل ( أي تربط ) عند قبر صاحبها إذا مات حتى تموت جوعاً وعطشاً ويعتقدون أنه يحشر راكباً عليها 0 ومن لم يفعل معه ذلك حشر راجلاً ، أي حشر على قدميه)( ) وكانوا (يسمون الناقة ( بلية) والخيط الذي تشد به ( ولية)0 وقال بعضهم يشبه رجالاً في ( بلية ) بأنهم كالبلايا في أعناقها الولايا).
ولم تتحدث الكتابات الجاهلية عما سيحدث للإنسان بعد موته 0 وكل ما ورد فيها هو توسل إلى الآلهة بأن تنزل غضبها على كل من يحاول تغيير قبر أو إزالة معالمه أو دفن غريب فيه .


المصادر

- علي ، جواد : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ، ج6 ، ص 23 0
- الشهرستاني : الملل والنحل ، تخريج محمد بن فتح الله بدران ، مكتبة الآنجلو المصرية ، ط2 ، القاهرة، بدون تاريخ، القسم الأول ، ص 244
- الشهرستاني : الملل والنحل، القسم الأول ، ص 245 0 وكذلك غرابة : ابن سينا بين الدين والفلسفة ، ص17 0
- داود ، جرجس : أديان العرب قبل الإسلام ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ، بيروت ، 1981 ، ص 379 0
- الحوت ، محمود سليم : في طريق الميثولوجيا عند العرب ، دار النهار للنشر ، ط2 ، بيروت ، 1979 ، ص 114 0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م