الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


18كانون1/ديسمبر اليوم العالمي للغة العربية .. (ج2/ والأخير) مؤامرات على اللغة العربية!!

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2018 / 1 / 2
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


السياسة ـ على المستويين المحلي والخارجي ـ كما هو معروف عنها، مليئة بالدسائس والمؤامرات خدمه لمصالح دولية وإقليمية وحتى محلية، وهي مصالح متضاربة مع بعضها بقوه في أغلب الأحيان.. وكثيراً ما يؤدي هذا التضارب في المصالح، إلى حدوث مشاكل وقيام دسائس ومؤامرات بين الكل، والكل على الكل، وفي بعض الأحيان تتحول تلك (المؤامرات) إلى تهديد وجودي لبعض الأمم، يهدد جميع مقومات وجدوها الإنساني بكل تفاصيله، كاللغة والقيم والمعتقدات.......................الخ !!
لكن هنالك كثيرون ـ عن جهل أو مصلحه ـ ممن لا يعترفون بهذه البديهية ويريدون أن يقنعوننا بعكسها، ويفهموننا بأن (لا وجود لمؤامرات) ودسائس في السياسة وبين السياسيين محلياً ودولياً.. وكأنهم بهذا يريدون أن يقولا لنا بأن عالم السياسة هو (عالم ملائكي) وعالم مثالي، وليس فيه إلا الخير والحب والجمال والأخلاق الحميدة، وليست فيه أية دسائس ومؤامرات وترصد ومخابرات........الخ .
وقد أريد بفكرة (نفي المؤامرات) هذه عن السياسات الدولية والمصالح الاقتصادية والإستراتيجية للإمبرياليين، والمجافية للمنطق والواقع الفعلي الذي يعيشه العالم..أرادوا لهذه الفكره أن تشيع بين العراقيين بعد احتلال العراق تحديداً، كي تقنعهم بأن بلادهم قد احتلت بسبب سياسات النظام السابق وحدها، وليس وفق خطه مسبقة أعدت لاحتلال وطنهم، خدمة لمصالح اقتصادية وسياسية وإستراتيجية امبريالية!.

وقد كثر ترديد عبارة “نظريه المؤامرة” كثرة مفرطة، وبشكل فج وماسخ وممجوج بعد احتلال الأمريكان للعراق تحديداً، فأصبحت عبارة “نظريه المؤامرة” لازمه لكل حديث وندوه وبرنامج إذاعي أو تلفزيوني يجريها من يطلقون على أنفسهم صفه “محللين سياسيين أو إستراتيجيين!!” والذين تكاثروا ـ كخلايا سرطانية ـ كثره مفرطة في الفترة نفسها!.
فكانوا بعبارة (نظرية المؤامرة) يبدأن حديثهم وبها ينتهون.. فقد أصبحت هذه العبارة عند هؤلاء المحللين كـ (البسملة) في الصلاة أو الحديث النبوي الشريف أو تلاوة القرآن الكريم، ولا يصح عندهم حديثاً أو تحليلاً أو مقولة إلا إذا بدأها متحدثهم بعبارة “إني لا أؤمن بنظريه المؤامرة” والتبرؤ منها!!)) من مقال لنا بعنوان : ((نظريه المؤامرة ..أم.. مؤامرة النظرية؟)) نشر على "موقع مقال": رابط: https://www.facebook.com/MqqalCOM/videos/2040428752847395/

فكل من يتكلم عن وجود مؤامرة على العرب وعلى شعوب العالم الثالث، يتهم ـ عند هئولاء ـ بأنه يؤمن بـ " نظرية المؤامرة" ، لأنهم يعدون نظرية المؤامرة (نظريه وهمية) لا وجودة لها، إلا في (عقول مريضة ومتخلفة) ترمي بمشاكلها وفشلها على الآخرين!!
*****
لكن دعونا من السياسة والسياسيين ودسائسهم ومؤامراتهم، وتعالوا معنا إلى مجال آخر بعيد عن المصالح السياسية والاقتصادية والإستراتيجية المباشرة، التي ينفون عنها صفة "المؤامرة" ووصفتها المذمومة من قبلهم.. تعالوا معنا إلى مجال آخر بعيد كل البعد عن السياسة والسياسيين والمصالح السياسية والاقتصادية.. تعالوا معنا إلى مجالات أخرى كمجال اللغة مثلاً، ودعونا نرى معاً : هل أن ما حدث مع اللغة العربية تحديداً ـ سنذكره تالياً ـ يدخل ضمن معنى ومجال المؤامرة .. أم أنه ينتمي إلى مجال آخر؟ ........دعونا نرى إذاً :

في عام 1899 خصص المستشرق الكونت " قسطنطين أولوسكي " مبلغ مليون فرنك من تركته، للشعب (الشرقي) الذي
يبادر بترك الحروف العربية واستعمال الحروف اللاتينية بدلاً منها في كتابة لغته الوطنية........... فلماذا هذا التبرع السخي!!؟؟ (1)
أما المستشرق الانكليزي "مرغليوت" فقد أرسلته وزارة المستعمرات البريطانية من لندن، إلى كل من دمشق والقدس وطهران للغرض نفسه قبيل الحرب العالمية الثانية، وبذلت في ذلك التاريخ جهوداً كبيرة ومضنيه في محاربة الحرف العربي، ومحاولات مستميتة لإبداله بالحرف اللاتيني.....................فلماذا أيضاً؟

وتبعت هاتين المحاولتين محاولات كثيرة مشابه لا مجال لذكرها جميعها، لكن الأهم أضيف إلى أهداف إبدال الحروف العربية بالحروف اللاتينية هدف آخر، تمثل بمحاولات مستميتة لفرض استخدام (اللهجات العربية المحلية) لكل قطر عربي وكتابتها بالحرف اللاتيني، واستخدامهما في الخطابات والمكاتبات الرسمية والمعاملات اليومية، بدلاً من (العربية الفصحى)! كي تتحول كل لهجة عربية إلى لغة قائمه بذاتها، وعندها فتنتهي اللغة العربية الفصحى وتكف عن أن تكون لغة مشتركة لأمة كبيرة واحدة، ويتحول على أساسها كل قطر عربي إلى أمه قائمه بذاتها لا تربطها بباقي الأقطار العربية أية رابطة ومن أي نوع، فتتمزق بهذا الأمة العربية وتختفي من الوجود تدريجياً!!

وقد وجدت هذه المحاولات والدعوات الاستعمارية، والجهود الغربية المبذولة لأجل تحقيقها، صدىً لها عند بعض العرب :

ومن أوائل من ساروا على هذا المنهج المعادي للعرب ولغتهم القومية من العرب وبدفع من الدوائر البريطانية، هو القاضي المصري (حمدي بك) الذي دعا إلى تقليص عدد الحروف العربية، وذلك في العام !1906.
وفي العام 1921 وبدفع من المخابرات الأمريكية، وصل إلى مصر المغترب اللبناني المهندس (نصري خطار) مجدداً هذه الدعوة للتخلي عن الحرف العربي، ومقترحاً حروفاً عربية بديلة للحرف العربي الحالي، وقد نشر مقترحه هذا في [مجلة المصور: عدد/ 1163].. وكانت المفاجئة أن هذه الحروف البديلة المقترحة، كانت عبارة عن صورة مقلوبة للحروف العبرية (بالضبط)!.
وتابع دعوة إبدال الحروف العربية بغيرها، الماسوني المعروف (حنا أبو راشد) إذ اقترح حروفاً لتسهيل الطباعة العربية، اسوة بما فعله أتاتورك في تركيا!.
ويذكر أن الماسونية قد نجحت في دس أنواع من الخطوط العربية وبأشكال متنوعة، لكن جميعها كانت تقارب العبرية كثيراً، ويمكننا أن نجد كثيراً منها في بعض الخطوط والحروف التي تصعب علينا قراءتها بسهوله.. ونذكر في هذا الشأن [بعض خطوط الكومبيوتر] وكذلك (جريده بابل) العراقية، والتي كان يشرف عليها عدي صدام حسين نجل الرئيس العراقي السابق، فقد كانت تستخدم حروفاً غريبة تصعب قراءتها على المتخصص والمتمرس، وليس على الإنسان العادي وحده!!
*****
من ناحية أخرى، فقد كتب المستشرقون الغربيون في كل لهجة من اللهجات العربية المحلية، محاولين جعلها بديلاً للعربية الفصحى :
فقد كتب [أمانويل ماتسون] ((لغة بيروت العامية)) بالفرنسية عام 1911 !!
وكتب [فلويس ماسينيون] ((لهجة بغداد العامية)) بالفرنسية أيضاً، وطبع الكتاب في مصر عام !! 1913
وكتب [بريتسر] ((عامية دمشق)) بالألمانية وطبعها في هانوفر سنة !! 1924
وكتب [لويس مرسير] ((عربية مراكش)) بالفرنسية وطبع بباريس سنة !!1925
كذلك كتب بالفرنسية [بين سميل] ((لغة مراكش العامية وقواعدها))!!

وانسجاماً مع القاعدة التبشيرية القديمة التي تقول: ((الشجرة يجب أن يقطعها أحد أصحابها)) فقد تولى فيما بعد بعض العرب هذه المهمة بدلاً من المستشرقين الغربيين أنفسهم :

فقد وجدت (دعوة العامية) لها صدىً كبيراً في كتابات [اسكندر معلوف وأبنه عيسى] وكذلك [الأب روفائيل نخلة] الذي كتب ((قواعد اللهجة اللبنانية السورية)) بالفرنسية، وجعل النصوص العربية بالحرف اللاتيني ، ثم تلاه [شكري الخوري] في ((التحفة العامية في قصة فينيانيوس)) بالعامية، وقد نشراها [القس لاي اليسوعي والخوري مارون غصن] في كتاب عنوانه ((في متلو هلكتاب))!!
وأخيراً كتب [سعيد عقل] في (( يــارا)) شعراً بالعامية اللبنانية وبالحرف اللاتيني!!

وفي مصر تولى الدعوة للعامية كثيرون منهم [لطفي السيد] و [سلامة موسى] في كتابة ((اليوم والغد)) وداعية الفرعونية [لويس عوض] في كتابه ((بلوتولاند وقصائد أخرى من شعر الخاصة)) وأسماء كثيرة أخرى منهم عبد العزيز فهمي وجورجي صبحي وغيرهم كثيرون!!

لكن، ومع كل هذا الجهد الكبير الذي بذل لأضعاف اللغة العربية الفصحى، وإعلاء شأن العامية على حسابها، كي يتم بعدها تحويل الأمة العربية إلى أمم وشعوب متعددة.. فقد فشلت كل تلك الجهود والدعوات للاتينية والعامية، وبقيت اللغة العربية ـ رغم ضعفها الشديد الآن ـ قوية ومصانة بالقرآن الكريم وبتمسك أبنائها العرب بها(2)
[email protected]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) معروف أن جميع أمم الشرق وشعوبه كانت تستخدم الحرف العربي في كتابة لغاتها الوطنية، وبعضها لا زال يستخدمه حتى الآن كإيران وباكستان وأفغانستان ودول إسلاميه أخرى.. ومعروف أيضاً مدى أهميه اللغة العربية لهذه الشعوب المسلمة، وكذلك لغلبه المفردات والكلمات العربية على لغات هذه الشعوب وفي صميم تكوينها.. و [كما ذكرنا في ج1] من هذا المقال، فأن نسبه المفردات العربية في اللغة الفارسية مثلاً هي: %60,67 وفي التركية %65,30 ، وفي الأوردية %41,95 ، وفي الطاجيكية %46,39 ، وفي الأفغانية%56,99 .........الخ!!

(2) المصدر: كتاب: ((البابية والبهائية ومصادر دراستهما)) للأستاذ عباس كاظم مراد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على