الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرض الموت

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2018 / 1 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



تعاني مصر من نقص في كل شئ عدا شيئين "الموت واللصوص" فكلاهما ينتشر بها كالفيروسات الوبائية بلا أمل في إختراع علاج أو مصل في المستقبل القريب.

في مصر تتجمع كل أسباب الموت حتى لتبدو الحياة فيها شئ شاذ وعجيب ومثير للدهشة، ففيها أعلى معدلات الوفيات من حوادث الطرق حيث أن الطرق تمهد بلا قواعد ولا توضع بها إشارات مرورية ولا يلتزم أي سائق بقواعد المرور وفوق ذلك لا يوجد إسعاف ومستشفيات مجهزة يمكنها علاج ضحايا الحوادث للحفاظ على أرواحهم، ولذلك فإن الخروج من المنزل في حد ذاته يبدو مغامرة غير محسوبة العواقب.

وبعيدا عن الحوادث فأنت في مصر معرّض للإخفاء القسري والتعذيب حتى الموت في أقبية المخابرات والأجهزة الأمنية لا لشئ سوى أنك صدحت بقول الحقيقة التي يعرفها الجميع، وقد يكون مصيرك تلفيق التهم لك وإعدامك بدم بارد دون أن يكون لحياتك قيمة في بلد أرخص ما فيها الإنسان.

وحتى ولو لم تكن ناشطا أو حقوقيا، فأنت لن تسلم من غضب السادة الذين لا يحكمهم قانون ويفعلون ما شاء لهم في البلاد والعباد، كما حدث مع العربجي المسكين مجدي مكين الذي تجرأ حماره على الإقتراب من سيارة الباشا فلم يطلع عليه النهار وهو حي ومات من التعذيب ولم يفلح في إقناع الباشا أن الخطأ كان خطأ الحمار!

إن هؤلاء لهم في كل يوم ضحية وفي كل يوم قتيل جديد والكل معرض لأن يفقد حياته إذا ما قابلهم أو مر من أمامهم وكان مزاجهم معكّر لأي سبب من الأسباب كما حدث مؤخرا مع "عفروتّو" الشاب الصغير البعيد عن السياسة والذي قضي في قسم المقطم تحت التعذيب.

وإذا حالفك الحظ ولم تكن أحد ضحايا حوادث الطرق أو ضحية أحد هؤلاء الخارجين عن القانون الذين يدّعون تمثيل القانون فأنت معرّض للموت مرضا بسبب سوء الخدمات الصحية وانتشار السلع المغشوشة والفاسدة والمريضة بالأسواق، فلدينا حكومة تستأنف على حكم برفض إستيراد القمح المصاب بفطر الأرجوت بكل صفاقة ووقاحة فإذا لم يكن مصير القمح المريض بطون المصريين فمن إذا سيأكله!

وإذا حالفك الحظ أيضا ونجوت من المرض فقد يكون مصيرك الموت قهرا بسبب عدم وجود فرص عمل بعد أن استولى العسكر عى كافة الفرص صغيرها وكبيرها ولم يتركوا لأحد إلى جوارهم فرصة للعمل والإرتزاق الحلال.
أو قد تموت قهرا على حال بلادك التي نهبت ثرواتها وتم التخلي عن اثارها ونيلها وثرواتها من ذهب وغاز وغيره لصالح مجموعة من اللصوص الذين لا يشبعون ومهما بلغ رقم حساباتهم في البنوك من ضخامة.

لا شئ في مصر له مستقبل أو ينمو إلا القهر وإلا المرض وإلا الفقر وإلا الموت فهذه هي مصر العسكر الغير صالحة للحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا