الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التمرد أم الثورة ... أيهما أجدى ؟؟

ماهر رزوق

2018 / 1 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لطالما تساءلت و أنا أراجع صور الذكريات من أجل قراءة صحيحة و موضوعية للماضي الثقافي و السياسي و الديني الذي عشته و تخبطّتُ في تناقضاته المتزايدة كلما غصت أكثر ، أو بالأحرى قرأت أكثر : ترى هل كنت أنا متمرداً أم ثورياً ؟؟

أعيد اليوم طرح هذا السؤال لأنني أعتقد أن الإجابة عليه وصلتني أخيراً عن طريق (ألبير كامو) الروائي و الفيلسوف الفرنسي_الجزائري ، المشهور بروايته (الغريب) ... حيث يشرح في كتابه (الانسان المتمرد) ، الفرق بين المتمرد و الثوري ،، فيقول بما معناه أن المتمرد يمتلك عقلاً مستقلاً و حراً ، في حين أن الثوري هو شخص تسلطي ، يعقلن القتل دائماً ....
و في ضوء هذه الاجابة ، أجد نفسي شخصاً متمرداً أكثر من كوني ثورياً ... فغالباً ما يكون الثوري معجباً إلى حد كبير بالمتسلط الذي يثور عليه ، بل و متأثراً بطرقه المؤدلجة في التعامل مع الظروف و المختلفين و التابعين ... غالباً ما يكون همه الوحيد هو أن يكون هو ذلك المتسلط !!

فحسب د.مصطفى حجازي فإن الثائر في عالم التخلف ، هو غالباً شخص حاول أن يتماهى بشخصية المتسلط و أن يتقرب منه و يتحامى به ... لكنه عندما فشل في ذلك و عانى من ضغوطات المتسلط و ظلمه ، فإنه عمد إلى الانفجار في ثورة شاملة على كل رموز التسلط ، بما فيها مؤسسات الدولة و المرافق العامة ... لكنه مع ذلك ، و عندما ينجح في مسعاه ، فإنه يتعامل مع السلطة (التي كانت هدف الثورة أساساً) بنفس الطريقة التي تعامل بها المتسلط السابق ، فيتحول بذلك إلى متسلط جديد و هكذا ...
و يعود ذلك إلى عدم توفر الثقافة الحرة في هذه المجتمعات ، التي لا تمتلك مثالاً مخالفاً لمثال التسلط لتعود إليه كمرجع للحكم ... فهو مرجعها الوحيد ، و برغم فشله ، فإنه يبقى هو المرجع الأكثر أماناً ... كما يضاف إلى ذلك ، أن ذلك الثائر لم يقم بالثورة بغية التوصل إلى أهداف سامية ، كالديمقراطية و التعددية و العلمانية ، و إنما قام بها كردة فعل على عدم نجاحه في التقرب من المتسلط و التماهي به !!

بينما مصطلح التمرد ، كان هو اللفظ الأكثر قرباً إلى نفسي ، لأنه يصف الانسان الحر ، الذي يرفض الخضوع للعقل الجمعي و إيديولوجياته المعهودة ... الشخص الذي يتفق مع الحريات العامة و لا يتفق مع استغلال الديمقراطية للوصول إلى أهداف استبدادية ... الشخص الذي يتمرد على سياسة القطيع التي تفرضها عملية الانضواء تحت جناح حزب أو دين أو حركة معينة !!

كان هذا المصطلح هو الاجابة الحقيقة عن تساؤل قديم أرّقني ، و أنا أعاتب نفسي على خياناتي المتكررة للجماعات و شعاراتها الرنانة ، و تخاذلي عن الانخراط في التحركات الغاضبة و المتفجرة هنا و هناك ...

لماذا إذن لا نكون كلنا متمردين ، لا نقبل أن تتم أدلجتنا لخدمة مصالح جماعة تأوينا و تحمينا ، بينما ترفض الجماعات الأخرى و تعاديها ... تحلم بالحرية و تطالب بها ، بينما تمارس الاضطهاد و الظلم على كل الجماعات الأخرى المخالفة لها ...؟؟

في الحقيقة علينا أن نكون جميعاً ، متمردين و ليس ثوريين ... فالتمرد هو الوحيد الذي يضمن لنا النجاح و التطبيق العملي للديمقراطية و العلمانية ، اللتان بدونهما لن نكف عن التخوين و خوض الحروب الاهلية و ممارسة التخلف في كل جوانب الحياة المختلفة و على كل الأصعدة ، بداية من الأسرة و حتى الدولة !!



المصادر :

_ ألبير كامو (الانسان المتمرد)
_ د.مصطفى حجازي (التخلف الاجتماعي : سيكولوجية الانسان المقهور)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 91-Al-baqarah


.. آلاف اليهود يؤدون صلوات تلمودية عند حائط البراق في عيد الفصح




.. الطفلة المعجزة -صابرين الروح- تلتحق بعائلتها التي قتلها القص


.. تأهب أمني لقوات الاحتلال في مدينة القدس بسبب إحياء اليهود لع




.. بعد دعوة الناطق العسكري باسم -حماس- للتصعيد في الأردن.. جماع