الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-النفط مقابل مياه الرافدين- شعار تفريطي وخياني

علاء اللامي

2018 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


مع اقتراب كارثة تجفيف نهر دجلة و قطع مياهه لملء بحيرة سد أليسو التركي في شهر آذار- مارس القادم، عاد بعض الكتاب والساسة والناشطين الى رفع الشعار التفريطي والكارثي "النفط مقابل المياه"، والذي مفاده أن يشتري العراق مياه نهريه الرافدين، واللذين استمد اسمه القديم منهما بلاد ما بين الرافدين "= ميزوبوتاميا، باللغة اللاتينية خلال عهد الإمبراطور تراجان116 م، وباللغات الأقدم كالعبرية التوراتية والهيروغيلفية المصرية بلاد نهرين" بكميات من النفط العراقي المجاني أو شبه المجاني يقدمه العراق إلى تركيا لتسمح الأخير بإطلاقات مائية من المياه التي تحتجزها خلف المئات من سدودها! وفي هذه المناسبة والظروف البالغة الحلكة أعيد هنا فقرات من الفصل السابع من كتابي " القيامة العراقية الآن -كي لا يكون بلاد الرافدين بلا رافدين" والذي ناقشت فيه هذا الشعار ومدلولاته وأهدافه في مقالة نشرها سنة 2009 حين طرح للمرة الأولى ثم ناقشته بشكل أوسع واقتبست بعض فقرات تلك المقالة في الفصل السابع من الكتاب المذكور. وقبل نشر هذه الفقرات أسجل هنا أن رفع هذا الشعار وتطبيقه يعني كارثة محققة من جميع الوجود للأسباب التالية:
*هذا الشعار يعني موافقة صريحة على وجهة النظر التركية التي مفادها أن الرافدين نهران تركيان وان مياههما مياه تركية ونحن نشتري هذه المياه التركية بنفطنا ومعلوم ان وجهة النظر التركية مخالفة في الصميم لجميع القوانين الدولية وخاصة منها بنود "اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية لأغراض غير ملاحية" لسنة 1997 فتركيا تعتبر دجلة والفرات نهرين تركيين عابرين للحدود( Transboundary). ومن يرفع هذا الشعار "النفط مقابل المياه" فإنما يطبق مقولة رئيس الوزراء التركي الأسبق سليمان ديميريل الذي قال (إذا كان النفط للعرب فالمياه لتركيا وطالما نحن لا نطالبهم بشيء من نفطهم فعليهم ألا يطالبونا بمياهنا)!
*أن عقد صفقة من فوق الطاولة أم من تحتها تعني أننا تنازلنا عن كل حقوق العراق وشعبه في مياهه وستكون المياه ذات السعر المتغير سكيناً على رقبة الاقتصاد العراقي وعلى استقلال وسيادة العراق في المستقبل القريب والبعيد.
*أي اتفاقية من هذا النوع ستعني تفريطا حتى بحقوق الأجيال القادمة من العراقيين فالرافدان ليسا ملكا خاصا بهذا الجيل الحالي من العراقيين فقط.
*وهي تعني أن النظام العراقي الذي يوافق على صفقة كهذه سيثبت سابقة تفريطية ستضر بالشعوب في بلدان مصبات الأنهار التي تعيش وضعا خطيرا كوضعنا ومهددة بورها بسدود بلدان المنابع كدولة مصر التي بدأت تعاني من سد النهضة الأثيوبي والشعب السوري الذي يتأثر بدوره بالسدود التركية.
أدرج هنا الفقرات المختارة من الفصل السابع من كتاب " القيامة العراقية الآن" :
1-مما يدخل في باب المتاجرة بمياه الرافدين، يمكن أنْ ندرج مشروعاً تركياً آخر لبيع المياه العذبة إلى الكويت عبر العراق تحدثت عنه وسائل الإعلام سنة 2008. ويبدو أنَّ هذا المشروع إنما أريد به استفزاز الجانب العراقي ليس إلا، مع إننا لا نستبعد أنْ تقوم تركيا بتفعيله متى أرادت طالما بقيَّ العراق دولة هامشية وضعيفة ومرتهنة حتى في موضوع تصدير نفطها شبه القسري عبر تركيا، وليس فيه من يجرؤ على الدفاع عن حقوق الشعب).
2-لقد طرحت أنقرة عدة مشاريع لتحقيق هذا الهدف كان آخرها ما أعلنت عنه شركتان تركية وكويتية مطلع الشهر الجاري – كانون الأول/ ديسمبر 2008 - بنقل المياه العذبة إلى الكويت، عبر العراق وهو مشروع طرح دون الرجوع إلى العراق أو التشاور معه أو إبلاغه، الأمر الذي عدته وزارة الموارد المائية العراقية تصرفا "غير ممكن" كما يوضح مدير عام المورد المائية في الوزارة العراقية عون ذياب. ويضيف ذياب في تصريح لإذاعة العراق الحر أنَّ هناك صعوبات كبيرة تعيق عملية تنفيذ مثل هذا المشروع. ويرى المدير العام، أنَّ المشروع الجديد مثل بقية المشاريع التركية يهدف إلى إشاعة مبدأ بيع المياه في العلاقات الدولية).
3-انساق بعض الكتاب العراقيين، للأسف، وراء حملة لترويج المتاجرة بالمياه وتسويغها تحت مبررات شتى. وفي هذا السياق، كان كاتب هذه السطور قد نشر مقالة بقلمه من ثلاثة أجزاء سنة 2009 حول كارثة تجفيف الرافدين بفعل السدود التركية والمشاريع الإيرانية لتحويل وقطع الروافد التي تصب في نهري دجلة وشط العرب، وفي الجزء الأخير منها، تطرقنا لمواقف بعض هؤلاء الكتاب الذين اعتبرناهم مفرطين بحقوق العراق).
4- هذا الكاتب -صاحب الربيعي- يقترح الآتي حرفيا ( إنَّ إسقاط الجانب السياسي من الخلاف المائي بين الدول المتشاطئة، كفيل بحل المشاكل المائية العالقة، وبالعودة للخلاف المائي بين العراق وتركيا حول فكرة بيع المياه ومدخلها الاقتصادي المحدد بنحو 800 ألف دولار أمريكي سنوياً. يمكن أنْ يدفعها العراق ليس كنقد مالي، مقابل حصوله على حصة إضافية من المياه، وإنما تقديم حوافز اقتصادية بديلة كـ : زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، حصول تركيا على أسعار تفضيلية تقل عن السعر العالمي عند شرائها للنفط العراقي أو الغاز السوري...). نلاحظ هنا أن هذا الكاتب لم يدعُ – والحق يقال - صراحة كما يفعل بعض الكتاب والناشطين اليوم إلى شراء الماء أو مقايضته بالماء اليوم.
5-التي ينادي بها والتي وجدت من يصفق لها ويروج لها في داخل العراق لدرجة نشرت معها تقارير تؤكد أن الحكم العراقي الحالي بصدد عقد صفقة مع حكام تركيا لمقايضة مياه الرافدين بالنفط العراقي. أي إنهم يقايضون مياه العراق بنفط العراق! وقد خرج الأمر من السرِّ إلى العلن، مما اضطر وزارة الموارد المائية العراقية إلى إصدار بيان تكذب فيه تلك التقارير والأنباء، عادت أمانة مجلس الوزراء فأشارت لمحتواه على موقع المركز الوطني للأنباء في نص الخبر الآتي:
6-وزارة الموارد المائية تنفي مقايضة النفط بالمياه مع تركيا: نفت وزارة الموارد أنْ تكون الاجتماعات بين بغداد وأنقرة حول المياه قد تناولت موضوع مقايضة النفط العراقي بالمياه مع تركيا. وقال مدير عام إدارة الموارد المائية عون ذياب للقسم الصحفي في المركز الوطني للإعلام إنَّ هذا الموضوع لم يطرح أبداً وإنَّ الحكومة العراقية لن تقبل بمثل هذه المعادلة. وأضاف، أنَّ النفط ثروة ناضبة ويكلف الدولة أموالاً طائلة لاستخراجه بينما المياه هبة من عند الله كما وان هناك حقوقا ثابتة لمستخدمي المياه على طول مجرى الأنهر الدولية سواء كانت دولة المنبع أو المجرى أو المصب.13/10/2009...انتهى البيان الحكومي، ونسجل هنا أنه لا يطمئن قارئه البتة، فمجرد صدور البيان من جهة حكومية، حتى إذا كان بالنفي يثير الريبة، ويفهم منه أنَّ وراء الأكمة ما وراءها!).
7-يقدر الكاتب حاجة العراق بشراء 2 إلى 3 مليار متر مكعب من المياه، بسبب العجز المائي. ويسكت سكوتا مطبقاً عن سبب هذا العجز المائي ألا وهو التجاوزات العدوانية التركية وحجز المياه بقرار سياسي تركي خلف السدود العملاقة وفي بحيرات وخزانات اصطناعية ودون تشاور أو تنسيق مع دول حوض المجرى المائي الدولي كما توجب القوانين الدولية.
- يسمي الكاتب الأشياء بأسمائها، ويدعو إلى شراء المياه التي يحتاج إليها العراق، و يقدر ثمنها بـ800 ألف دولار (الأكيد هو ان هذا الرقم قد ارتفع كثيرا الآن).
- يقترح الكاتب تسديد أثمان هذه المياه المشتراة من تركيا عبر طريقتين: حوافز وتسهيلات تجارية عراقية وسورية لتركيا، وأسعار نفط تفضيلية كتلك التي يقدم العراق بموجبها النفط إلى الأردن منذ عهد صدام حسين وحتى يومنا هذا. ويبدو خطأ فكرة الحوافز والتسهيلات التجارية جليا، فقد بلغت التجارة البينية بين العراق وتركيا، بعد سنوات على طرح هذه الأفكار، رقما قياسيا يقترب من عشرين مليار دولار، ولكنَّ الحصار المائي التركي على العراق استمر بل وتصاعدت حدته. وحتى حين اشترط مجلس النواب العراقي المصادقة على العقود والاتفاقيات التجارية بين البلدين بحل المشكلة المائية وتوقيع اتفاقية عادلة ومنصفة لتقاسم مياه النهرين رفضت تركيا ذلك بتشنج وواصلت تجاوزاتها العدوانية).
وأختم بالقول إن العراق قادر على استعمال، إضافة الى اللجوء الى المؤسسات والهيئات والمحاكم الدولية، السلاح الاقتصادي الذي بحوزته للدفاع عن حقوقه في مياه نهريه ومن ذلك:
1-وقف تصدير النفط عبر الأراضي التركية الى ميناء جيهان وإعادة ترميم واستعمال خط نفط العراقي السوري الى بانياس وهو المشروع الذي نعتقد ان هناك فيتو غربي وتركي على تطبيقه منذ عهد نظام صدام وحتى اليوم.
2-خفض التبادل التجاري مع تركيا وهو تبادل من طرف واحد تضخ تركيا بضائعها الشبيه نوعيا بزبل المصانع والأسواق ولا تختلف عن البضائع الإيرانية والأردنية والتايوانية...الخ، إلى العراق مقابل مبالغ هائلة بالعملة الصعبة.
3-إلغاء العقود المبرمة أو رفض تجديدها مع الشركات التركية العاملة في العراق.
4-إطلاق حملة شعبية واسعة في العراق لمقاطعة البضائع والمؤسسات والسياحة التركية.
إن تفعيل السلاح الاقتصادي واتخاذ قرارات جريئة باللجوء الى الهيئات والمحاكم الدولية سيكون مفيدا جدا وسيكون مبررا قانونيا واخلاقيا وجيوسياسيا في حال إصرار تركيا على تدمير العراق وقطع مياه انهاره لتصعيد العمل الدفاعي العراق والتهديد بتدمير بعض السدود وحتى تلك التي لم يتم إملاء بحيراتها وخزاناتها تماما كالسد الجيد أليسو".
إن تهاون الحكومات العراقية – وسكوت إدارة إقليم كردستان العراق خصوصا وهو الأكثر تضررا من المشاريع التركية سكوتا تاما ومريبا - في الدفاع عن حقوق العراق أمر ليس جديدا ولكنه سيكون إجراميا هذه المرة. أما تهاون الفعاليات والقوى الشعبية العراقية فسيكون أقرب الى الانتحار الذاتي الجماعي، وعندها ستصدق على العراقيين تلك المقولة التي كررها الراحل هادي العلوي وقال فيها (إذا تهاون العراقيون في قضية الدفاع عن دجلة والفرات ونجحت تركيا الأطلسية في تنشيفهما، فسيكون العراقيون أهون على الله من بعوض المستنقعات)!
رباط الفصل السابع من الكتاب المشار إليه أعلاه:
http://www.albadeeliraq.com/node/904
*كاتب عراقي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا