الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أثر الماركسية على تطور المجتمعات الإنسانية

طلعت رضوان

2018 / 1 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أثرالماركسية على تطورالمجتمعات الإنسانية
طلعت رضوان
لا أبالغ إذا كتبتُ أنّ مصطلح (ماركسية) ومشتقاته تردّد آلاف المرات فى الكتابات الثقافية (بشكل عام) وفى الكتابات الاقتصادية والاجتماعية (بشكل خاص) بل (وهوالأمرالمُـدهش واللافت للنظر) فى الكتابات الأدبية بل فى كتب (عن النقد الأدبى) وذلك بسبب ما عـُـرف عن ماركس (فى فترة شبابه) من ميول نحوكتابة الشعروالمسرح، كما اكتشف نقاد الأدب أنه كتب دراسة تحليلية مهمة عن بعض أعمال الروائى الفرنسى الشهيرأونوريه– دى– بلزاك (1799- 1850) الذى كتب العديد من الأعمال الأدبية مثل (الأب جوريو) و(الناعقون) و(أوهام ضائعة) و(امرأة فى الثلاثين) بينما أشهرأعماله (الملهاة الإنسانية)
ويذهب ظنى إلى أنّ السبب الأول والرئيسى لشهرة كارل ماركس (1818- 1883) هو كتابه الشهير(رأس المال) الذى صدرعام 1867، وهوالكتاب الذى أحدث دويـًـا فى الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية الكبرى، مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا..إلخ. وكان لهذا الدوى (سواء الكتابات المؤيدة أوالمُـعارضة) الدورالكبير فى انتشارمصطلح (ماركسية) ومشتقاته.
كتاب رأس المال مُـكوّن من ثلاثة أجزاء، صدرالجزء الأول (فقط) فى حياة ماركس، بينما الجزءان الثانى والثالث فقد صدرا بعد وفاته، بفضل صديقه المخلص فردريك إنجلز(1830- 1895) وهذا الكتاب بأجزائه الثلاثة أثارالكثيرمن الجدل، سواء بين المُـفكرين الاقتصاديين أوبين علماء الاجتماع، وذلك من خلال كتابة نقدية تحليلية جادة، ومع الاعتراف بفضل ماركس ودوره فى تأصيل معنى (الاشتراكية العلمية) لأول مرة فى التاريخ الحديث. ويذهب ظنى– ثانيـًـا– أنّ سبب شهرة مصلح (ماركسية) جاء من كتابات خصوم (والأدق أعداء الاشتراكية) أى الذين يـُـدافعون عن الاقتصاد الرأسمالى (وهذا حقهم) ولكن ليس من حقهم التجريح والهجاء، كما شهد تاريخ العداء بين المُـعسكريْن الكبيريْن بعد الحرب العالمية الثانية (الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى)
كان أبرزمثال على هذا العداء الصراع داخل المجتمع الأمريكى، بسبب اضطهاد المُـبدعين الروائيين والسينمائيين المُـنتمين للفكراليسارى والمُـدافعين عن طبقة العمال، أو– حتى المُـنتقدين لبعض صورالاستغلال فى الاقتصاد الرأسمالى، كما حدث مع الروائى الأمريكى الشهير(جون شتاينبك) بسبب أعماله الروائية وخاصة (تورتيلا فلات) و(شتاء السخط) وذلك قبل تحوله والخضوع والإذعان لأعضاء لجنة المكارثية، التى كانت مهمتها متابعة وملاحقة كل من يـُـشتبه فى (ميوله الماركسية) كما فعلوا مع المـُـبدع الكبير(إيليا كازان) أمريكى من أصل يونانى وأخرج للمسرح كلاسيكيات غاية فى الأهمية مثل (عربة اسمها الرغبة) للمؤلف الشهير(تينسى ويليامز) وغيرها كثير. وأخرج العديد من كلاسيكيات السينما العالمية وحصد أوسكارمرتيْن، ومن أشهرأفلامه فيلم (على رصيف الميناء) عام 1954والذى دافع فيه عمال الموانىء وثورتهم ضد استغلال أصحاب السفن وأصحاب الموانىء..إلخ فكان مصيره الاضطهاد من أعضاء لجنة المكارثية، ولكنه لم يخضع ولم يستسلم مثل غيره، بدليل أنه أخرج فيلم (النهرالمتوحش) عام1960، وفيلم (أمريكا- أمريكا) عام1963، وبالرغم من ذلك–فإنه تراجع فى أواخرأيامه نتيجة ضغوط أعضاء لجنة المكارثية.
رأيتُ تذكيرالقارىء بما فعله (اليمين الأمريكى المُـتعصب والفاشيستى) ضد أصحاب الفكر اليسارى داخل الولايات المتحدة الأمريكية، من مضايقات وملاحقات، لم ينج منها الفنان المبدع الكبير(شارلى شابلن) كما ذكرفى مذكراته (كتاب الهلال– سبتمبر1965- ترجمة الراحل الجليل صلاح حافظ) لأدلـــّـل على السرالكامن وراء عداء اليمين (فى كل الأنظمة الرأسمالية) للماركسية ولكتاب (رأس المال) ذلك أنّ ماركس فى هذا الكتاب ركــّــزعلى توضيح وبلورة ما أطلق عليه (الصراع الطبقى) ورأى أنه بعد أنْ انتصرتْ البورجوازية الصناعية على النظام الاقطاعى وأسستْ نظامًـا اقتصاديـًـا أكثرتطورًا من النظام السابق (الاقطاعى) إلاّ أنّ ذلك لم يلغ ظاهرة الاستغلال، ولم يلغ انقسام المجتمع إلى طبقتيْن رئيسيتيْن (الطبقة المالكة لأدوات الانتاج) والطبقة التى (تبيع) قوة عملها، وبالتالى فإنّ العلاقة بين أدوات الانتاج وقوى الانتاج لم تتغير إلاّفى الشكل فقط ، بينما جوهرالعلاقة كما كان فى النظام الاقتصادى/ الاقطاعى، أى علاقة استغلال يُـمارسها من يملك أدوات الانتاج ضد من لايمكلك إلاّعقله وبدنه.
واستند خصوم وأعداء الاشتراكية إلى أنّ ماركس (يهودى الديانة) كما لوأنّ اليهودية (تهمة) فى حد ذاتها، ولم يلتفتوا– والأدق لم يهتموا– بنشاطه الثورى الذى تسبب فى اضطهاده من أبناء وطنه الأصلى (ألمانيا) فاضطرللانتقال إلى باريس، وهناك تقابل مع صديق عمره انجلز (وهومن كبارالرأسماليين. وهوالذى ساعد ماركس ماديـًا ليتفرّغ لأبحاثه. وانجلزله العديد من الكتب مثل (معالم الاشتراكية العلمية) و(الدولة والملكية الخاصة) و(أصل الأسرة) واشترك مع ماركس فى إصدارالوثيقة الشيوعية الأولى المعروفة باسم (البيان الشيوعى) أو(المنشور الشيوعى) عام1848. وفى تلك الفترة كان ماركس على صلة بالثورات التى اجتاحتْ ممالك أوروبا الغربية والوسطى منذ عام1848 وما بعدها . ولكن بعد فشل هذه الثورات، هاجر ماركس إلى إنجلترا، حيث أقام بها حتى وفاته.
ومن بين أسباب العداء للماركسية وكتاب (رأس المال) أنّ ماركس هوالذى أسّـس فى عام1864 المؤتمرالاشتراكى العالمى. وبسبب هذا العداء، فإنّ أصحاب الأيديولوجيا اليمينية لم يهتموا بالإشارة– ولو مرة واحدة– إلى أنّ ماركس كان على علم بالفلسفة الألمانية، خاصة فلسفة (هيجل) كما كان ماركس قد قرأ كل النظريات الاقتصادية السابقة.
وإذا كانت النظرية الاقتصادية الماركسية محل خلاف وانتقاد من غلاة اليمين الرأسمالى، فإنّ الجانب الفلسفى فى الماركسية نال من الهجوم (بل والهجاء) أكثرمن الهجوم على الجانب الاقتصادى. ذلك لأنّ ماركس ركــّـزعلى شرح (المادية الجدلية) وهى النظرية الفلسفية التى ميـّـزتْ وفرّقتْ بين مدرستيْن فلسفيتيْن: الفلسفة المادية والفلسفة المثالية. الأولى تؤمن بقوانين الطبيعة وبكل عواملها (الفيزيقية والجغرافية والاجتماعية.. إلخ) بينما الثانية تؤمن بالميتافيزيقا (أى القوى الخارقة للطبيعة) وبالتالى فإنّ الأولى مع تفسيرالظواهرالطبيعية والاجتماعية وفق التحليل العلمى والتجارب، بينما الثانية لاتعترف بالعلم وتكتفى بالنصوص الدينية، وكان المثال الأشهر هو (سقوط المطر وأسبابه) المدرسة المادية مع التحليل العلمى والتجربة التى أثبتتْ ظاهرة (تجمع السحب) ودرجة الكثافة (بدليل سقوط المطر(فقط) على بعض الدول، بينما يسقط (الثلج) على دول أخرى.. إلخ، بينما المدرسة المثالية ترى أنّ سقوط المطرسببه (قوى عليا) لا يعلمها الإنسان.. وبناءً على ذلك كانت المدرسة الأولى مع (نظرية السببية) على أساس علمى عكس الثانية التى دافعتْ عن السبب الأول أوالمُـحرّك الأول الذى يـُـحرّك ولا يتحرّك.
ومن المادية الجدلية ظهرتْ (المادية التاريخية) أى تفسيرحركة التاريخ تفسيرًا يخضع لشتى العوامل التى صاحبتْ تاريخ المجتمعات الإنسانية، سواء فى تطورها أو فى تدهورها، وأسباب الثورات، ولماذا نجحتْ أولماذا فشلتْ.. إلخ.
ويذهب ظنى أنّ النقد العلمى والموضوعى للماركسية، كان حول (تقسيم المجتمعات الإنسانية إلى طبقات) وكان سند المُـنتقدين أنّ تاريخ البشرية أثبت– بما لايدع مجالا لأى شــــك– أنه لايمكن اختفاء ظاهرة التنوع البشرى داخل المجتمع الواحد، فلا يـُــعقل مساواة الخامل بالمُـجتهد، ولامساواة النشاط العضلى بالنشاط العقلى.. إلخ. وإذا كانت الماركسية قد انطلقتْ من منظورإنسانى (بهدف توفيرالاحتياجات الأساسية للإنسان وفق قاعدة: لكل حسب طاقته على العمل والانتاج.. لكل حسب احتياجاته) فإنّ النظام الاقتصادى الرأسمالى حقق الكثير مما طالبتْ به الماركسية، وذلك بتطبيق الآليات التالية: 1- نظام الضريبة التصاعدية، فليس من المنطقى أنّ من يربح الملايين يدفع ضريبة على أرباحه مساوية لمن يربح عدة آلاف وربما عدة مئات.. وهذا النظام الضريبى يـُـطبق على التكنوقراط كما يـُـطبق على كبارالرأسماليين. وقد حكتْ لى صديقتى أستاذة علم المصريات وعلم النفس (د. مرفت عبدالناصر) التى عملتْ فى جامعات لندن لمدة ثلاثين سنة، أنها كانت تدفع ضريبة تـُـعادل 76 % من دخلها (ومع ملاحظة أنها أستاذة جامعية ولا تعمل بالتجارة) وعندما سألتها عن رأيها الشخصى قالت: إنها لم تشعر بالغبن أو أى ظلم وقع عليها، مقابل الخدمات التى تـُـوفــــّــرها الدولة للمواطنين.
2- توفيرالرعاية الصحية والتعليم المجانى (خاصة المراحل قبل الجامعية) لغيرالقادرين بل إنّ هذا النظام يشمل المُـقيمين فى بريطانيا من شتى الجنسيات.. هذا بخلاف وسائل المواصلات المريحة والإنسانية والمُـنضبطة، وكذلك الاهتمام بنظافة الطرق العامة بجانب انتشارالأشجار والأزهار.. إلخ. 3- صرف إعانة بطالة وفق شروط منضبطة.. إلخ. 4- تحقيق القدرالمعقول من العدالة الاجدتماعية فى تحديد قيمة الراتب المستحق عن كل نشاط ، وعلى سبيل المثال فإنّ راتب المُـدرسين يقترب من راتب الوزير، ويصل إلى راتب رئيس الوزراء فى دولة اليابان، وأنّ الحرص على (صناعة أجيال المستقبل) وصل لدرجة أنّ المُـشرفين والمسئولين عن دور حضانة الأطفال لابد أنْ يكونوا من الحاصلين على درجة الدكتوراه فى الطب النفسى أو فى الفلسفة أو فى علم الاجتماع أو فى أى فرع من فروع العلوم الإنسانية وإذا لم تتوفردرجة الدكتوراه مع المتقدمين لشغل الوظفية، فلا أقل من شهادة الماجستيرفى التخصصات المذكورة.
وبهذا يكون النظام الاقتصادى لم يـُـحقق العدالة الاجتماعية التى طالبتْ بها الماركسية (فقط) كما جاء فى كتاب (رأس المال) وإنما حققتْ الرأسمالية ما عجزتْ النظم التى تبنــّـتْ الماركسية عن تحقيقه. وكذلك النظم التى أطلقتْ شعارات الاشتراكية، سواء فى آسيا أوفى أفريقيا. كما أنّ النظام الاقتصادى الرأسمالى (باجراءات– ولو الحد الأدنى– من العدالة الاجتماعية سدّ الباب– إلى الأبد– أمام (صراع الطبقات) وكان البديل هونقابات واتحادات عمال تعمل فى منظومة سياسية تحترم العمل العام والنشاط الاجتماعى، ضمن الإيمان بمبادىء الليبرالية بشقيها (السياسى والفكرى) وأثبتتْ التجارب أنّ اعتصامات واضرابات العمال والموظفين، كانت تــُـتـوّج بتحقيق مطالبهم، ليس فى الأنظمة الرأسمالية العريقة (ققط) وإنما فى دولة حديثة وطفيلية مثل إسرائيل، حيث أنّ اتحاد العمال العام (الهستدروت) هوالذى يتولى تنظيم الاضرابات والاعتصامات، مما يدل على أنه غيرخاضع للسلطة السياسية، كما هوالوضع فى الأنظمة التى ادّعتْ أنها مع الاشتراكية.
يعتقد كثيرون أنّ ماركس وانجلزلهما الفضل الأول فى تأسيس ما يـُـعرف ب (كوميونة باريس عام1848) ومعنى الكلمة ((مجتمع أنشأه الثواربهدف الاستيلاء على السلطة السياسية، وبالتالى الاستقلال عن سلطة الدولة)) بينما وجه ماركس وزملاؤه النقد لمن أداروا الكوميونة. كما أنّ تاريخ الكوميونات يعود إلى القرن الثانى عشرالميلادى، من خلال مدرسة (شارتر) التى كانت تستهدف تحديث التعليم الأكاديمى. كما ((كانت ال " إيل – دى – فرانس " المركز الطبيعى للتجارة فى الصوف الفلمنكى والانجليزى قبل شحنه إلى موانىء البحرالمتوسط.. والنتيجة أنها غلــّـفتْ ثروتها الرأسمالية فى الكاتدرائيات القوطية الشامخة، وعبرإحساسها الكفاحى بالاستقلال شرعتْ فى تنظيم الكوميونات، معبرة بذلك عن بعض الاتجاهات العقلية للمجتمع الجديد)) (توماس جولدشتاين– فى كتابه " المقدمات التاريخية للعلم الحديث " ترجمة أحمد حسان عبدالواحد – سلسلة عالم المعرفة الكويتية- سبتمبر2003- 89، 91)
000
وإذا كان المؤيدون للنظام الرأسمالى والمُـستفيدون منه، طعنوا كثيرًا فى الاشتراكية العلمية وفى النظرية الماركسية. وإذا كان الأصوليون شاركوهم الهجوم ولكن من منظور دينى بحجة أنّ الماركسية دعتْ إلى الإلحاد، وردّدوا مقولة: الدين أفيون الشعوب، دون قراءة نص كلمات ماركس حيث كتب ((الدين هو زفرة المخلوق المضطهد، وهوبمثابة القلب فى عالم بلا قلب، والروح فى أوضاع خلتْ من الروح. إنه أفيون الشعب)) أى أن ماركس كتب (الشعب) بصيغة المفرد وكان يقصد الشعب الألمانى، بعد ملاحظته لتوظيف الدين لأغراض النازية. وكتب أيضـًا ((الإنسان يـُـصبح بقدرما يكون، لابقدرما يملك)) وفى كتابه (رأس المال) كتب ((العامل فى النظام الرأسمالى يأكل ويشرب ويتناسل، أى يمارس وظائفه الحيوانية (وهذا من حقوقه) ولكنه لايمارس وظائفه الإنسانية وبالتالى ((فما هوحيوانى يغدوإنسانيـًـا، وماهوإنسانى يغدوحيوانيـًـا))
وانتقد د.فؤاد زكريا الذين هاجموا الماركسية أمثال د.مصطفى محمود، دون قراءة أصولها، فكتب ((وكم فى بلاد الغرب من نقاد للماركسية يناصبونها أشد العداء، ولكنهم يناقشونها على مستوى متعمق يدعوللإحترام)) (الصحوة الإسلامية فى ميزان العقل- دارالفكرالمعاصر- يناير1987- ص218) وتأكيدًا لذلك فإنّ المؤرخ الفريد نورث وايتهد كتب ((يتفق علماء الاقتصاد على أنّ رأس المال لماركس لايُـعبـّـرعن نظرية علمية صحيحة. أما نجاح الكتاب الذى لايزال مقروءًا فيـُـمكننا أنْ نعزوه إلى كثرة الشرورالتى خلفتها الثورة الصناعية)) (مغامرات الأفكار- ترجمة أنيس زكى حسن- مكتبة النهضة- بغداد- عام1960- ص66)
أما عن محورالفلسفة المادية، فإنّ نــُـقاد ماركس أشادوا باسهاماته فى شرح وتحليل (الديالكتيك) الذى هوعبارة عن (منطق ديناميكى) ذى أطوارثلاثة:1- الموضوع 2- نقيضه 3- مركب الموضوع. ومغزى هذا المنطق أنّ العقل البشرى يبدأ بتقريرحقيقة ما، حتى لايلبث أنْ ينكرهذه الحقيقة. وأنّ الماركسية اهتمتْ بأنه: ليس المهم وضع نظرية فلسفية لتفسيرالوجود، بل العمل على فهم التاريخ ومعرفة القوانين الرئيسية التى يخضع لها تطورالبشرية. وكتب ماركس ((إنّ الفلاسفة قد صرفوا همهم إلى تفسيرالعالم، لكن بيت القصيد أنْ نعمل على تغييره)) وذلك لن يكون إلابترسيخ حقيقة أنّ المادة- وليس الفكر- هى التى تفسرالتاريخ، ولذلك اختلف ماركس مع أستاذه هيجل فى نظرته المثالية/ الرومانسية. ومن هذا المنطلق آمن الماركسيون بأنّ للحقيقة طابعـًـا نسبيـًـا مؤقتــًـا، فليس هناك حقيقة نهائية حاسمة غيرقابلة للتغيير، وأنّ كل ما يـُـراود العقل البشرى (وفق المنهج الجدلى) يتم فيه الانتقال من (الاثبات إلى النفى) ومن (النفى إلى نفى النفى) أى استحالة وجود حقيقة مطلقة نهائية، فكل الأمورالإنسانية- خاصة الأحكام القيمية- نسبية، لأنها قابلة للتغير، كما أنها تختلف من مجتمع إلى مجتمع آخر(د. زكريا إبراهيم- مشكلة الفلسفة- دارالقلم- عام1962- من ص44- 46)
ومن بين القوانين المهمة التى توصــّـل ماركس إليها قانون (التراكم الكمى يؤدى إلى التغييرالكيفى) وضرب مثالامن قوانين العلوم الطبيعية (حركة وضع الماء فوق الوقود، والانتقال من التسخين إلى الغليان، وأنّ التسخين ينتهى عند درجة99ولكن عند الانتقال إلى درجة100يحدث التغييرمن حالة (التسخين) إلى حالة (الغليان) أى أنّ التراكم الكمى لدرجات الحرارة، أحدث تغييرًا عند نقطة معينة أطلق عليها (التغييرالكيفى) ثـمّ طبــّـق هذا القانون على المجتمعات الإنسانية، حيث أنّ مظاهرالظلم الاجتماعى ليستْ قدرًا وليست أبدية، وإنما تراكم الظلم لابد وأنْ ينتهى إلى تغييركيفى بتحقيق العدالة الاجتماعية، وإنْ كان حصرها فى الاشتراكية، وبسبب هذا القيد كان النقد الموضوعى للماركسية.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عشرات المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى


.. فلسطينية: العالم نائم واليهود يرتكبون المجازر في غزة




.. #shorts - 49- Baqarah


.. #shorts - 50-Baqarah




.. تابعونا في برنامج معالم مع سلطان المرواني واكتشفوا الجوانب ا