الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غصن الزيتون أطهر و أنقى من أن يلطخ بالدم ، و اللحم المطحون .

يوسف حمك

2018 / 1 / 21
الارهاب, الحرب والسلام


أن تكون عاجزاً عن السعي الحثيث لتحقيق التعايش و المحبة و التسامح و احترام العقائد و الأديان و المذاهب و العرقيات ، و تطوير العلاقات النهضوية الحضارية بين المجتمعات ، و الاعتراف بحقوق الآخرين كحرصك على حقوقك . لا يعني بالضرورة أنك ستغذي الإرهاب و التطرف و التشدد ، و تمارس القمع و التنكيل و البطش و الإقصاء بكافة السبل ، أو تخوض حروباً و تغزو الآخرين بذرائع واهيةٍ تعارض المنطق ، و تعادي العقل ، لتسطو على الممتلكات و تنتهك الأعراض ، و تدمر الثقافات بالتضليل و الخداع و القتل الممنهج المبرمج ، و التحكيم إلى القوة بفرض الحلول ، و قهر الشعوب ، و محاولة شطبها من الوجود .

حال أردوغان كحال أي زعيمٍ ارتوى من ثقافة الافتراس ، و اعتلى العرش ، فتملكه الغرور ، و طغت نزعاته الفردية و معتقداته العنصرية على الضرورات الإنسانية . فاختار القوة و الدم بدلاً من العقل و المنطق .
و بات مكافحة الإرهاب شعاراً يجتره لتلبية حاجاته الفردية في الداخل ، و ذريعةً لتوسيع مشاريعه التوسعية في الخارج .
في حين أن تطلعات الشعوب و حقوقها تقضم تحت ستار هذا الشعار اللعين الذي غدا تهمةً جاهزةً تلصق بأي طرفٍ أو شعبٍ متى ما أرادوا انسلاخه أو تجريده من استحقاقاته المشروعة .

أردوغان المهوس بإلقاء الخطب – صباح مساءٍ – ذات المضمون الواحد المنصوص : بأن مصلحة بلاده الأمنية هي المعيار الأهم في حراكه و تفاهماته الدولية و الإقليمية .
و ناهيك عن غيظه من الجيش الجديد الذي قوامه ثلاثون ألفاً بهدف حماية مشروعٍ فيدراليٍ سيكون نموذجاً جديداً في سوريا بحسب المتحدث الأمريكي ( ديفيد ساتر فيلد ) .
بين الموقف الأمريكي المتقلب و الروسي المتذبذب ، و بين ما يحدث على غير ما تشتهيه نفسه ، بات أردوغان مضطرب الفكر من هاجس إنشاء كيانٍ كرديٍ ، أو التحكم بمجريات الأمور ، و تصريحاته غير المتوازنة ، غير أنه لم يشر إليه أحدٌ على أنه مجنونٌ يشكل خطراً كبيراً و عاجلاً على سلامة تركيا و المنطقة ، كما أشار تقريرٌ أمريكيٌ إلى ترامب ، شارك فيه نخبةٌ من المختصين النفسيين الأمريكيين .
إلا أن وضع ترامب يظل الأفضل حتى و إن كان التقرير سليم المضمون ، لأن السياسة الأمريكية ليست من بناة أفكار رؤسائها ، فدورهم يقتصر في التنفيذ أكثر من وضع الخطط و البرامج السياسية .
لذا فالمصيبة ستنهال على تركيا بعد قيام رئيسها بتحجيم كل الأدوار و اختزالها في عقله بعد تكريس النظام الرئاسي و تثبيت حكمه الفردي شبه المطلق .

جنونه دفعه لخوض مغامرةٍ على عفرين ، و مجازفةٍ خطيرةٍ قد يأكل أصابعه بعدها ندماً .
استدرجته أمريكا بغية استنزاف طاقات بلاده ، مثلما استدرجت إيران و روسيا لإنهاك الجميع ، فبعدها يغدو التحكم بمفاصل الأمور حكراً عليها وحدها .
عفرين التي غضت أمريكا الطرف عنها ، و سدت آذانها عن كل ما في غربي الفرات ، لتستلمها روسيا التي بدورها سحبت قواتها منها لتسلمها إلى تركيا مقابل إفساح المجال للنظام السوري في إدلب . أو لإنجاح مؤتمر سوتشي فحضور ممثل حزب الاتحاد الديموقراطي ، مبرراً العدوان التركي على عفرين بأنه نتاج استفزازاتٍ أمريكيةٍ لأردوغان ، مع دعواتها للأمم المتحدة بالضغط لوقف هذا العدوان .

أما المعارضات فتتعاطى مع القضية الكردية بمنظار الأنظمة الغاصبة المعادية لها . و ما مساندة الفصائل المسلحة للقوات التركية – صنيعتها – إلا سيرها في هذا المنحى .
كان الأولى بأردوغان أن يراجع ذاته ، و يحتكم المنطق ، فيفاوض الشعب الكردي داخل البلاد بدلاً من ملاحقتهم خارجاً . و يوفر على نفسه العناء ، و لقواته المزيد من السلامة ، و لدولته الكثير من الخسارة المادية ، و يكف عن استذكار أمجادٍ مضت ، و يصرف النظر عن طموحاتٍ سلطانيةٍ عثمانية المنشأ .
و إلا فتركيا و المنطقة برمتها لن تنعم بالسلام ، و لا تشعر بالأمان دون إيجاد حلٍ عادلٍ للقضية الكردية .
و لكل عنجهيةٍ نهايتها المحتومة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة أمريكية-سعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل؟| الأخبار


.. هل علقت واشنطن إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل وماذا يحدث -خلف




.. محمد عبد الواحد: نتنياهو يصر على المقاربات العسكرية.. ولكن ل


.. ما هي رمزية وصول الشعلة الأولمبية للأراضي الفرنسية عبر بوابة




.. إدارة بايدن تعلق إرسال شحنة أسلحة لتل أبيب والجيش الإسرائيلي