الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقول أنها عبد

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2018 / 1 / 25
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


تقول أم سوريّة أنها عبد في بيت زوجها، وزوجها عبد في عشيرته، وعشيرته عبيد عند القبيلة. هي أمّ القاتل، والمقتول. لماذا حلّ عليك هذا الغضب أيتها الأم؟
وتقولين لي أنك عبد ليس له الحقّ حتى في الحزن.
هناك من يفصّل لنا العبودية، يرفع أعلامها، يطالبننا أن نعمل ثورة من أجل العودة إليها، سوف تكون من العبيد الذين يرتضون أن يكون عبيداً.
ما أغباها! عفواً أخطأت. ما أغباني أنا، لم لا؟ لم ينته نظام العبودية في العالم أما في بلاد العرب فلم يبدأ بعد. نحن في مرحلة ما قبل العبودية. لماذا؟
وأسأل ما سأله الكاتب من القرن السادس عشر ايتيان دي لابويسيه
هل الحرية مطلب أساسي للإنسانية ؟
ربما تكون مطلباً أساسياً، لكن لا تشملنا على كل حال، فكيف تشملنا وحسب تحليل لا بويسي لشخصية الطاغية الموجود لدينا بوجوه مختلفة بدءاً من طاغية النّظام وانتهاء بطواغيت الأحزاب، والعشائر والمليشيا، وكل هؤلاء يرتدون وسام شرف الدّفاع عن الوطن، أو القومية أو الدين. هم وحسب توصيفه لا يثق بأحد حتى أقرب الناس لديه ،يستعين بالمرتزقة في حروبه خشية من أن يقوى قائد قد ينافسه في الحكم أو ينقلب عليه. ويصف جوقة المطبلين فيقول:
"إن سرّ كل طغيان إنما يكمن في إشراك فئة قليلة من المستعبدين في اضطهاد أغلبهم، وهكذا يرمي الطاغية بالفتات إلى زمرة المتملقين من أتباعه فلا يكتفي هؤلاء بما يغنمون منه ولا بدوام طاعتهم له بل إنهم يستبقون رغباته ويحدسون ما يريد قبل أن يفصح هو عنها. وهؤلاء المتملقون المقربون إلى الطاغية يختارون العبودية طواعية، بينما يكون الشعب مكرها عليها".
كان كلام لابويسية قبل خمسة قرون، وما أشبه البارحة باليوم. بل إن البارحة ممثلة بلابويسيه هي أكثر تنوّراً، وأكثر وضوحاً.
أن تعمل فئة مستعبدة على اضطهاد الأغلبية شيء قريب للإدراك والعقل، أما أن تتزاحم فئات على نيل شرف العبودية سواء أن تحارب تحت شعار شخص ترفع صورته، أو رمز يعظّم من شخص، فهذا هو غير المعقول، وأن يدعو الجميع إلى تناسي الخلافات ورص الصفوف من أجل القضيّة الأم فإنّني لأقسم أن هؤلاء هم المتملقين الذي تكلّم عنهم لاباسويه، لكنهم ليسوا قلّة حقيقة. هم الآن تيارات مغناطيسية تسحب الفقراء من فراشهم كالمسامير لتأخذهم إلى أماكن إعادة التّدوير.
يقول لاباسويه إن الحيوانات أيضا تعشق الحرية هو ما يجعلها تقاوم عندما تقع في الأسر بمخالبها ومناقيرها وقرونها ويدفع بعضها للموت كمدا لفقدها حريتها"
لو افترضنا أن ثورات الربيع العربي وفي بدايتها على الأقل قامت من أجل الحرية شبهاً بالحيوانات التي تعشق الحريّة فإنّ المتملقين هم من زيفوها، وفي النهاية لم يسلموا من البطش.
يقول لابيسوية " فلنستعرض جميع القصص القديمة ولننظر في القصص الماثلة في ذاكرتنا ولسوف نرى كم كان كبيرا عدد أولئك الذين استمالوا بوسائل رديئة سمع الأمراء مستعينين بخبث طباعهم ، أو مستغلين سذاجتهم، ثم كان هلاكهم على يد هؤلاء الأمراء أنفسهم ، بقدر السهولة التي أعلوا بها مقامهم كان انقلابهم عليهم والبطش بهم سهلا. والحق أن عددا كبيرا من اللذين عاشوا في كنف الملوك الأشرار لم ينج منهم أحد من بطش الطاغية الذي كانوا قد حرضوه من قبل على البطش بالآخرين. لقد سبق لهم أن اغتنوا من سلب الغير في ظل ما نعموا به من الحظوة وانتهى بهم الأمر أن اغتنى غيرهم بما كانوا قد سلبوه هم"
ألا ينطبق هذا علينا؟
من هم جماعة المتملّقين لدينا؟
برأيي ولا أعرف إن كان هناك من يوافق رأيي أن النشطاء السياسيين، الناشرين، النجوم من الكتاب والفنانين ، زعماء الأحزاب، زعماء العشائر، زعماء المليشيا، تجار الحروب، والخائفين والموضوع هرمي، يمكنني أن أملك مؤسسة داخل سورية أو خارجها، ونشاطي الرئيسي في سورية، واسم مؤسستي الحب، والحرية على سبيل المثال، وأمنح الجائزة لكاتبة مصرية مصنوعة أمنياً وعبد للسيسي إلى أن ينتهي دورة، لا أكون مغفلاً باختيارها. بل أكون قد ضربت عصفورين بحجر. تملقت النظام السوري، وكسبت مادياً.
أما النشطاء، والثوريين الذين يهللون لشخص أو مليشيا لا يمكنك أن تحصي عددهم.
يقول "لابويسيه": "أن الطغاة كالشرارة تستفحل نارها وتعظم، كلما وجدت حطباً زادت اشتعالاً، ثم تخبو وحدها دون أن نصب عليها الماء، يكفي ألا نلقي إليها بالحطب، كأنها إذا عدمت ما تُهلِك، تُهلك نفسها وتُمسي بلا قوة وليست ناراً. كذلك الطغاة كلما نهبوا طمعوا، وكلما دمّروا وهدموا، كلما موّناهم وخدمناهم زادوا جرأة واستقووا وزادوا إقبالاً على الفناء والدمار. فإن أمسكنا عن تموينهم ورجعنا عن طاعتهم صاروا بلا حرب ولا ضرب، عرايا مكسورين لا شبيه لهم بشيء إلا أن يكون فرعاً عدمت جذوره الماء والغذاء فجف وذوى"
هل ينطبق ذلك عن الحرب بين السوريين والسوريين تحت مسمى الوطن والإرهاب، والقومية. نعم ينطبق تماماً فكل تلك الحروب تخدم الطّاغية الأكبر، والطغاة الذين تحته على التوالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ




.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب


.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام




.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ