الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة في زمن الاستفراغ

نوار قسومة

2018 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


عن سوريا للمرة الأخيرة
ما جرى في سوتشي مهزلة وهذا الكم الكبير من القاذورات التي جمعتها روسيا بالتنسيق مع المخابرات السورية والتركية ( والإيرانية كي لا يحزن معارض وطني كبير عميل لإيران يقيم في باريس) يجعلني على يقين باستحالة تحويل هذه المقبرة الجماعية المقسمة إلى "بلد" .
الحرب دمرت الإنسان وعززت الطائفية الموجودة أصلاً بالدم والخوف وأي سلم أهلي سيتحقق في المستقبل سيكون هش ومؤقت. إذاً التقسيم قائم وواضح على مستوى الفرد والطائفة والإثنية والدين.... وعلى مستوى الجغرافيا، أميركا موجودة على الأرض ولا أعتقد أنها ثبتت قواعدها وطردت داعش من الجزيرة والرقة لتقدم هذه المناطق لروسيا وإيران والنظام السوري مجاناً. أميركا تبدو غير مهتمة أيضاً بما جرى بسوتشي (أنا أيضاً غير مهتم ولا أعرف بالضبط ماذا تمخض أو تمخط عن هذا الكرنفال) مما يعني أن عند أميركا مشروع آخر في مناطق نفوذها.
عندما مر النظام السوري بأصعب مرحلة من هذه الحرب قبل التدخل الروسي العسكري وكانت دمشق مهددة والساحل السوري تحت رحمة ثوار أردوغان، لم يقدم النظام السوري أي تنازلات. الآن والنظام في موقع أفضل وأقوى لماذا يفاوض أصلاً !؟ لماذا سوتشي؟
نظام فاسد معارضة فاسدة وشعب فاسد وضائع ومسعور طائفياً ! ماذا نتوقع ! لا شيء! الحل الذي ابتكرته لنفسي بعد محاولات يائسة للسباحة ضد التيار هو التوقف عن السباحة نهائياً والخروج من التيار نهائياً. وهذا ما أنصح به كل من لم يتلوث بهذه الحرب القذرة وكل من استطاع أن يحافظ على نفسه عقلياً وإنسانياً، بأن عليه أن يخرج من هذا المجرور بأقل الخسائر ويحاول أن ينسى .. أن يرحل.. وأن يفكر بمستقبله بعيداً. الانتماء لهذه المخلوقات لا يمكن أن يكون الحل والدخول معهم في صراع أمر صعب ومتعب ومكلف جسدياً ومادياً.
السوري الآن هو إنسان ضائع لكي نتجنب استعمال كلمة "وضيع" أو "حقير". عميل إيران "السوري" يهاجم أطماع أردوغان وتركيا "العثمانية" وعميل تركيا "السوري" يهاجم الدولة "الصفوية" الفارسية نفس الأمر ينطبق على عميل روسيا وأميركا والسعودية..... (القائمة طويلة وتحتاج إلى صفحات). السوري الذي سيهاجم كل هذه الاطراف براحة ضمير إن وجد أصلاً فلا صوت له مع ذلك أوجه له التحية وأرفع له القبعة وأقول له عليك بالهروب والنجاة! و"لا تنظر وراءك أبداً".

الكتابة في زمن الاستفراغ
أصبح مملاً الكتابة عن سوريا. الجانب الكوميدي الأسود المضحك-المبكي الجميل اختفى ولم نعد نسمع أصوات التكبيرات و"مالنا غيرك يا الله" وأناشيد الموت الإسلامية. حتى الإعلام الغربي لم يعد يكترث للحرب السورية وقتلاها وتحولت مشاهد القتل من قتل لأشخاص لهم سعر منخفض "نسبياً" بالبورصة البشرية إلى أشخاص لا قيمة لهم نهائياً. أنا متأكد أن خبر نفوق حوت على أحد الشواطئ في هذه الأيام يحظى بتغطية أهم وتعاطف أكبر من خبر موت عبثي لبضعة سوريين.

اذا درت نياقك فاحتلبها!
"إبداعات" السوريين تصيبني بحالة من الغثيان والقرف. لم يبق عاهرة أوقواد أو معتوه إلا وكتب كتاباً عن الأزمة السورية أو أخرج فيلماُ أو مارس إبداعه بطريقة أخرى (أخرى للتأكيد) على حرارة سعر اللحم السوري المشوي الطازج.
هذا الإبداع الغزير هو شكل آخر من أشكال الموت... بالنحر.. بالصقيع... بالمبيدات الكيماوية.. بالبراميل.. أو بسبب قراءة رواية أو مجموعة شعرية "لمنشقة" مقيمة في أوروبا أو دبي عن تجربتها "المؤلمة" ومعاناتها مع النظام السوري القمعي، أو بسبب خبر عن نجاح مبهر "لمبدع" سوري... الموت هو الموت!

ترامب ظاهرة استفراغية
ترامب جزء مهم من الحالة الاستفراغية على المستوى العالمي. هو لص قذر، نصاب،غبي لكنه يمثل غالبية (أكثر من نصف) الشعب الأميركي ويتكلم بمنطقهم. وعلى عكس ما يعتقده البعض هناك أطراف من داخل المؤسسات الأمنية والاقتصادية تدعم وتغطي على ترامب وإلا لما وصل إلى البيت الأبيض، فتاريخ الرجل حافل بالتجاوزات المالية والأخلاقية، وعلينا أن نتذكر أن اليد الخفية التي كانت تنقذ هذا الترامب الأبله كل مرة من الإفلاس هي نفس اليد الكريمة التي تقف خلفه لتنفيذ أجندة قذرة لا يمكن تنفيذها مع سياسي تقليدي. استمرار الهجوم على ترامب وسياساته ليس سوى مسرحية هزلية لكي تستطيع النخبة الحاكمة (المالية والامنية) في المستقبل لصق كل القذارة به وقلب الصفحة في المستقبل بعد تحقيق أهداف معينة.
ما يهمنا هو ضبابية المشهد التي ترافق وجود ترامب في البيت الأبيض والفوضى التي يسببها وجوده في العالم والتي يأمل أسياد ترامب بتحويلها إلى أرقام فلكية من الأرباح.
لا يمكن فصل وصول ترامب إلى البيت الابيض عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وعن توازنات جديدة يتم خلقها ومتغيرات قادمة في العالم.
القوة الأميركية تنحسر وبرأيي وجود ترامب في هذه الفترة ليس سوى محاولة لإيقاف هذا الإنحسار ومحاولة لإضعاف القوى الصاعدة في العالم بطرق غير تقليدية وشخص غير تقليدي.
تأخير الإنهيار لا يوقفه! قدر الإمبراطوريات عبر التاريخ هو السقوط أو الانحسار. لكن أمامنا (مع قليل من التفاؤل) الانتظار لعقود من الزمن لكي نتجاوز حالة الاستفراغ اللعينة هذه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة