الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


[الأمن القومي وحقوق الإنسان..بين كامرون وأردوغان!! (1) ماهية خطوة أردوغان في سورية؟

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2018 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


((عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي فلا يحدثني احد عن حقوق الإنسان))
مقوله لـرئيس وزراء بريطانيا الأسبق "ديفيد كامرون" ، أطلقها في منتصف أغسطس/آب 2011 في أوكسفورد شاير بُعَيدَ أعمال الشغب والنهب ألواسعة التي شهدتها بريطانيا أنذك!.

ويبدو أن أردوغان قد أخذ بهذه المقولة وبدأ بتنفيذها على أرض الواقع داخلياً وخارجياً :
داخلياً وفي تركيا نفسها، وبذريعة انقلاب 2015 قام أردوغان وحزبه بتصفيات شامله لجميع خصومهم السياسيين . فمنذ ثلاث سنوات تقريباً تنتهك في داخل تركيا بنود ميثاق "حقوق الإنسان" جميعها، وبشكل يومي تقريباً..فعمليات التصفية لا زالت جاريه على قدم وساق منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم، فالاعتقالات والمحاكمات والفصل التعسفي بالجملة، لآلاف الضباط والقضاة والعسكريين والقوى الأمنية والموظفين العموميين، وبشكل يومي تقريباً!.

أما على المستوى الخارجي، وبذريعة حماية " الأمن القومي" التركي، تم اجتياح أراضي بلد ذي سيادة وعضو مؤسس لمنظمة الأمم المتحدة وللجامعة العربية ولمنظمات دوليه وإقليميه كثيرة!.
فقد اجتاحت قوات أردوغان الحدود السورية لاحتلال (عفرين)، ثم ـ وهذا معلن ـ توسيع هذا الاجتياح والوصول إلى (منبج) في مرحلة لاحقه ثم الوصول إلى الحدود العراقية، على أن تتم القوات التركية احتلال كامل الشمال السوري، وبعمق ثلاثين كيلومتراً بدءاً من الحدود العراقية وعلى طول الحدود الدولية بين سوريه وتركيا، وانتهاءً بالبحر الأبيض المتوسط، لإقامة (جيب عميل) لتركيا على كامل هذا الشريط الحدودي، وضمن الأراضي السورية!.
وقبل اجتياح الأراضي السورية قامت قوات أردوغان باحتلال منطقه (بعشيقه) وإقامة معسكرات ثابتة داخلها، كما أن الطائرات التركية تقوم كل يوم تقريباً بقصف مناطق متعددة في شمال العراق!.
وكل هذا يتم بذريعة حماية مصالح تركيا وأمنها القومي!!
*****
وإذا كانت عمليات تركيا في داخل العراق صغيره ومحدودة نسبياً، فأن اجتياح الحدود السورية بهذه الصورة هو عمل كبير وخطير جداً، وقد تكون له تداعيات إقليميه ودوليه كثيرة لم يحسب أردوغان حسابها جيدا، لأنها خطوة كارثية ولها تداعيات كثيرة مستقبلاً، ويمكنها أن تتسبب بإشعال حروب محدودة في المنطقة، وربما تتسارع أحداثها وتفلت عن السيطرة بصورية دراماتيكية، وتتطور إلى حرب عالميه مدمره للجميع!.
فعلى مساحه سورية الصغيرة نسبياً ـ وهذا قد لم يحسب حسابه ـ تتقابل قوى عسكريه لدول عظمى وقوى إقليميه كثيرة :

فهناك قوتان نوويتان ودولتان عظيمتان: هما روسيا والولايات المتحدة!.
وهناك قوتان إقليميتان كبيرتان : هما تركيا وإيران!.
وهناك قوتان أعرابيتان : هما السعودية ودول الخليج العربي، تمثلهما نخب من مناضلي ومجاهدي البترودولار!
وهنك قوى المقاومة والممانعة: التي تحولت إلى قوة ردع إقليميه فاعله أكثر من بعض الدول تقف بمواجهة هذا الجمع الكبير!.
هناك دولتان عربيتان منهكتان : هما سوريه والعراق!.
وهناك شعبان معذبان : هما شعبي العراق وسورية، ويدفعان أثماناً باهظة لهذه الحروب العبثية ولهذه الأجندات الدولية والإقليمية.. لكن ومع هذا، فهما قوتان كبيرتان وشعبان مسلحان لم يحسب حسابهما جيداً،
من الطبيعي أن قوى عسكريه بهذا الحجم وهذا الاتساع وهذه القوه وهذا التناقض في المصالح والأهداف، تقف بمواجهة بعضها البعض على مثل هذه المساحة السورية الصغيرة، لابد من أن تحدث بينها احتكاكات عسكريه سواءٌ كانت صغيره أو كبيره، وربما يؤدي بعضها إلى قدح شراره لحرب محدودة بين هذه القوى على الساحة السورية، قد تتطور ـ تحت ظروف معينه ـ إلى حرب عالمية شامله بين القوتين النوويتين الأعظم وحلفاء كل منها على الساحة السورية أولاً، وربما تمتد من سوريه إلى جغرافيات أخرى، وربما إلى مساحه العالم بأكمله!.
وقد دلت تجارب كثيرة على أن حروباً مدمره قد قامت بين أمم كثيرة لأسباب، أقل بكثير من الأسباب التي تجمعت لأجلها هذه القوى الكبيرة والمتعددة على الساحة السورية الصغيرة!.

وإذا ما قامت هذه الحرب، فسيخسرها الجميع ويدمر فيها الجميع، لكن الخسارة الأكبر ستكون من نصيب شعبي سوريه والعراق وأمتهم العربية بكاملها، والتي قد تخسر معها ما تبقى لها من قوه محدودة، وتخسر معها مستقبلها ومصيرها تماماً، بعد أن تمزقت لحمتها وانقسمت مجتمعاتها وتجرفت مشتركاتها وضاعت بوصلتها، وهيمنت عليها قوى الرجعيات العربية والإمبريالية والصهيونية العالمية، ومعهما قوى التطرف الديني ومنظماته الدموية، وأشكال مبتكره من الدجل والشعوذة الدينية والسياسة!!
*****
إن مغامرة أردوغان في سوريه ومحاولته احتلال هذه المناطق الواسعة من الأراضي السورية، لإقامة "جيب أمني" في شمال سوريا، على غرار الجيب الأمني "الإسرائيلي" الذي أقامه الصهاينة في جنوب لبنان بقياده عميلهم "سعد حداد" وميليشياته..فتركيا تريد أن تقوم بالعملية نفسها مع ميليشيا عميلة لها، معروفة باسم "الجيش الحر" ومعه قوى إرهابية وتكفيرية أخرى..وهذه العملية التركية، هي صورة مستنسخة عن ميليشيا "جيش لبنان الجنوبي" العميل للكيان الصهيوني في جنوب لبنان، والذي سحقته قوات المقاومة اللبنانية الباسلة عام 2000 وطهرت جنوب لبنان من رجسه إلى الأبد!.
وبالتأكيد أن مصير هذا الجيب العميل إذا ما نجح أردوغان في إقامته، سوف لن يكون أفضل من مصير سلفه جيب سعد حداد العميل، ولن يكون مصير قواته في شمال سوريه أفضل من مصير القوات الصهيونية في جنوب لبنان، أو القوات الأمريكية في العراق!.
فرغم كل شيء، ورغم اختلال موازين القوى الخطير سورياً وعربياً وإقليمياً ودولياً حالياً، فإن عصر الاحتلالات العسكرية ـ رغم دوام الاحتلال الصهيوني لفلسطين ـ قد ولى دون رجعه، لأن وعي الشعوب وتضحياتها قادر دائماً على قلب موازين القوى المختل في المنطقة لصالحها، وبالضد من الإرادات الأمبرياليه والرجعية وقوى والتخلف والتطرف الديني مجتمعه!.
فهذان الشعبان العربيان ـ السوري والعراقي ـ قادران على قلب الطاولة على رؤوس جميع هذه القوى المحتشدة على مساحه سوريه الصغيرة..فهما وحدهما من أوقف إعصار داعش ودمره في النهاية!. وقبل داعش كان العراقيون وحدهم من اقتلع داعش من جذوره وشرايينه المغذية، لا الأمريكان ولا تحالفاتهم الدولية، وهم وحدهم من أخرج القوات الأمريكية من العراق صاغرة!.
[يـــــــتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبــــــــــــــــــــــــــــع]
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟