الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذكرى الخمسون لهجوم تيت: علاقة الصحفي بالحرب

كمال بوناب

2018 / 2 / 1
الصحافة والاعلام


أحيت فييتنام الذكرى الـ 50 لـ " هجوم تيت" الذي قادته قوات فيتكونغ وفييتنام الشمالية على الجنوب في 30 جانفي 1968؛ ورغم أن القوات الفيتنامية تكبّدت خسائر فادحة في هذا الهجوم إلا أن تداعياته كانت في مصلحتها، ففي رد فعل غضبي تورطت القوات الأمريكية في مجزرة ماي لاي الفظيعة، الشيء الذي عجّل بانسحابها في ما بعد؛ ولم يكن يتأتّى للرأي العام الأمريكي والعالمي كشف هذه التجاوزات بحق الشعب الفييتنامي لولا يقظة الصحفيين الذين كانوا حريصين على نقل الحقيقة، وهو ما مثّل نقطة فارقة في علاقة الصحفي بالحرب، فحتّى قبل أن تتسبّب الصورة الشهيرة لـ "طفلة النابالم" كيم فوك في إنهاء الصراع ، كان راسخا في الأذهان أن الولايات المتحدة وقفت إلى الجانب الخاطيء، حيث شاهد العالم صورة إعدام فان ليم نغوين على المباشر، وهو ما أصبح يُعرف لاحقا بـ إعدام سايغون" Saigon execution.
اقترن اسم سيمور هيرش بفضح التجاوزات اللاإنسانية للقوات المسلحة الأمريكية في فييتنام ولاحقا في العراق، وعادة أصبح يشار لهذه الظاهرة بـ "صحافة كلب الحراسة" التي تنشط وفق نموذج السوق الحرة باستقلالية عن السلطة السياسية.
مثّلت صور حرب فييتنام ضربة صادمة لنموذج " الصفوة" الذي يحصر السياسة الخارجية ضمن فئات ضيقة تشمل رسميي الشؤون الخارجية ومراكز البحوث وَممثلي المصالح التجارية الكبرى، وتبدو افتراضات هذا النموذج غير متوافقة مع القناعات الفكرية لـ "النموذج التعددي" الذي يؤمن بأن القوة موزعة بما فيه الكفاية على كافة شرائح وممثلي المجتمع، بحيث لا تستطيع أي مجموعة أن تستأثر بالمصالح والنقاشات العامة دون غيرها.
يرجع السّبق لحرب فيتتنام في نشوء ظاهرة الأثر C.N .N، أين اكتسبت العمليات الإستراتيجية العسكرية، بفعل هذا الأثر ، مزيدا من الزخم اللوجستي، الاجتماعي والتكنولوجي، إلا أنها يمكن كذلك أن تتحول إلى بوابة سلبية تعكس الكثير من الأخطار، وتضع ، بالتالي، سياق تنفيذ أو نجاح الخطة العسكرية على المحك، فالمعلومات التي يكشف عنها الأثر CNN تصل إلى الجمهور الدولي بما فيه الخصوم؛ وبعض التسريب، ولو كان يبدو للصحفي معلومات عادية، كحجم المعدات والقدرات والقائد المحتمل للحرب، يمكن أن يُفهم كإفادات حساسة تُعرّض الأفراد والعمليات العسكرية للخطر، علاوة على ذلك، ونظرا لتزايد الطابع متعدد القوميات في وسائل الإعلام يُدفع الصحفي الذي ليس من موطن الحرب، وتحت ضغط شدة المنافسة، في أن يكون أول من يحوز ويروي القصة، دون إبداء أي اهتمام بالعواقب التي تنتج عن المعلومات الحساسة.
رغم هذه المخاوف، تبقى المعلومة ذات أهمية لا غنى عنها في إستراتيجيات الحرب، ولا أدلّ على ذلك من استحداث القوات الأمريكية المشتركة لـ "مذهب العمليات المعلوماتية" في أوت 1998، حيث أكد قائد قوات الدفاع الجوي الأمريكية في منتصف التسعينات رونالد فوجلمان أن العمليات المعلوماتية تُمثّل "البعد الخامس لحالات الحرب" " بعد الأبعاد الأربعة التقليدية " البر، البحر، الجو والفضاء" .

بوناب كمال، باحث، أستاذ محاضر بجامعة عنابة، الجزائر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة