الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى قاسم كافي: شيء جميل أن تزُور إسرائيل، والتّطبيع ليس جريمة لتعتذر عنه أو تتملّص منه...

مالك بارودي

2018 / 2 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إلى قاسم كافي: شيء جميل أن تزُور إسرائيل، والتّطبيع ليس جريمة لتعتذر عنه أو تتملّص منه...
.
حالة من الهيجان تسيطر على الفيسبوك في تونس منذ يوم البارحة، السبت 3 فيفري 2018، بسبب حوار مع الفنان الشعبي التونسي قاسم كافي تمّ بثّه في نفس التاريخ عبر أمواج إذاعة "موزاييك" التونسية، قال فيه أنّه زار إسرائيل وغنّى في تلّ أبيب وأنّ الإسرائيليّين أهدوه بدلة زرقاء وقميصًا أبيض اللّون كما أهدوه عَلَمَ بلادهم والذي يحتفظ به إلى اليوم. وكان واضحًا في الفيديو أنّ قاسم كافي كان فخورًا بتلك الزّيارة وبذلك الحفل، لكن مقدّم البرنامج إنهال عليه لومًا وتقريعًا متعلّلا بالعداوة التي يكنّها الفلسطينيون للإسرائيليّين قائلا: "هاذومه يقتلوا في الفلسطينيّين" (هؤلاء يقتلون الفلسطينيّين)، فردّ عليه قاسم كافي: "أنا مانيش فلسطيني، أنا تونسي" (أنا لست فلسطينيًّا، أنا تونسي)... ولكن نجح مقدّم البرنامج، في نهاية الحوار، في إنتزاع إعتذار خافتٍ وباهتٍ من ضيفه عن تلك الزيارة لإسرائيل. وكان قاسم كافي قبل ذلك قد برّر ذهابه لإسرائيل بأنّ الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي أرغمه هو والعديد من الفنانين التونسيين على القيام بتلك الأمور.
.
إذن، منذ البارحة وروّاد الفيسبوك التونسيون في حالة هيجان عارم بسبب هذه التّصريحات. ومعظم كلامهم سبّ وشتائم ولعنات يصبّونها على رأس قاسم كافي... وهذا الأمر لا يُستغربُ في تونس ولا في الدّول العربيّة الإسلاميّة. وكم وددتُ أن يتمسّك قاسم كافي حتّى النهاية برأيه الأوّل حين شدّد على أنّه ليس فلسطينيّا بل تونسي، وبالتّالي، فليس هناك أيّ سبب يمنعُه كتونسي من أن يزور إسرائيل أو أن تكون له علاقاتٌ من أيّ نوع كانت مع الإسرائيليّين (وقد يكون القارئ قد لاحظ التّفريق الذي ركّز عليه مقدّم البرنامج بين اليهود والإسرائيليين والصّهاينة، وهي حجة فارغة من أيّ معنى، الغاية منها التلاعب بعواطف ضيفه وعواطف القطيع)، ليس لكونهم يهودًا فقط بل لكونهم قبل كلّ شيء أناسًا مثله ثمّ لكونهم مواطنين إسرائيليّين.
.
فما دخلنا كتونسيّين بعداوة الفلسطينيين والإسرائيليين؟ هل يضرّنا ذلك في شيء؟ لا. هل نحنُ أوصياء على الفلسطينيين أو مسؤولون عنهم؟ لا. هل تمكنت تونس من حلّ كل مشاكلها، لتتفرغ لحل مشاكل الآخرين؟ لا. هل ربحنا شيئا من الفلسطينيين؟ لا. هل يمكن أن نربح شيئا منهم؟ لا. إذن، فما مشكلتنا مع الإسرائيليين؟ هل هي عقلية العنتريّات المترسخة في الموروث العربي البدوي المتخلف؟ أم هو منطق "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما"؟ ومن قال أن الفلسطيني أخٌ لي أصلًا؟ لا الدين ولا اللغة قادران على تغيير الحمض النّووي. ثمّ، لماذا لا يكون العكس هو الصحيح؟ أخوّة الفلسطيني لن تجلب لي سوى المتاعب والمشاكل والتّخلّف والهمّ والنكد والإرهاب، في حين أنّ أخوّة الإسرائيلي يمكن أن تجلب لي الإستثمارات وتمكن تونس من إستقطاب العقول والتقنيات الإسرائيلية وإقامة علاقات إقتصادية وسياحية وسياسية وثقافية لا تقدّر بثمن، معها ومع الولايات المتحدة الأمريكية أيضا. فلماذا نحشر أنفسنا في مشاكل لا ناقة لنا فيها ولا جمل، كما يقول المثل البدوي؟ لماذا ندخل في لعبة خاسرة ولا علاقة لنا بها أصلًا؟ لماذا تخسر تونس الدّعم المالي والإقتصادي والسياسي الأمريكي بسبب تصويت تافه رافض لقرار دونالد ترامب القاضي بنقل سفارة بلاده إلى أورشليم؟ ما علاقتنا بأورشليم أو القدس؟ فلينقل سفارة بلاده حيثما أراد، فالأمر لا يهمّنا ولا يضرّنا بشيء.
.
حالة الهيجان هذه ستتواصلُ حتمًا في الأيام القادمة، ومن المؤكد أن الحمقى الدّاعين لسن قانون يجرّم التطبيع مع إسرائيل سيتّخذون تصريحات قاسم كافي كتعلّة لتمرير تفاهاتهم... لكن الأيام كفيلة بإثبات صحّة كلامي وبطلان خرافاتهم، وتونس اليوم، رغم كلّ الخطابات المطمئنة والوعود الخارجية، أقرب لقاع الهاوية من أي وقتٍ مضى... ولتسألوا الخبراء الإقتصاديين لتتحقّقوا من صحّة الأمر... فالأولى أن يهتم التونسيون بمشاكل بلادهم وأن يعملوا على إستغلال كل الفرص السانحة لإنتشالها، فلن تنفعهم لا فلسطين ولا فلسطينيوها. كل الدول تبحث عن مصالحها، فإبحثوا أنتم أيضا عن مصالحكم، وليذهب كلّ ما لا يخدمُ مصالحكم إلى الجحيم.
.
.................................
الهوامش:
1.. فيديو الحوار مع قاسم كافي بإذاعة "موزاييك":
http://ahewar.over-blog.com/2018/02/.html
2.. مدوّنات الكاتب مالك بارودي:
http://ahewar.over-blog.com
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
3.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
https://archive.org/details/Islamic_myths
https://www.academia.edu/33820630/Malek_Baroudi_-_Islamic_Myths
4.. صفحة "مالك بارودي" على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/malekbaroudix








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مالك با مالك
مالك مالك ( 2018 / 2 / 19 - 00:57 )
مالك يا مالك تكسر قلوب مريديك بهذا التهالك على اسرائيل
انت يا مالك عندهم عربي اخر كباقي رعاء الابل والشاء ولن يحبوك ولو حاولت جهدك


2 - فلسطين
مراهق متهور ( 2018 / 2 / 19 - 07:43 )
نصفها الأول فلس
ونصفها الآخر طين
سيساق العرب للسلام مع الإسرائيليين وهم صاغرون
والأيام بيننا أيها القراء

اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا