الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا لست حرة

سندس القيسي

2018 / 2 / 10
كتابات ساخرة


ينظر إليّ كثير من الناس على أساس أني امرأة حرة، لكني بالكاد أشعر بهذا، حين أنظر من نفس الزاوية التي ينظرون إليّ منها. فأنا حرة أذهب وأجيء وأسافر. أبدو وكأني أتحدث بحرية "دون مكابح" و"أخبط بالمحرمات" عن قصدٍ وعن غير قصد. أكتب ما يجول في خاطري دون رقيب. قلما تواجدت وبجانبي رجل يسير معي إلى كل مكان. أدخل قصة حب برومانسية بالغة، وأخرج منها بمعارك طاحنة. ولهذا أنا لست من النوع الذي يغدق في الحب ولا أسعى إليه في العادة، كي لا أتألم. ولا أعطي نفسي وحياتي على استعجال، إنما على مراحل وبعد اختبارات وعلى مدار سنوات، ولهذا كنت مقلة في الزواج مع رفضي المبدئي له كونه مؤسسة فاشلة. ولا بد أن أي شخص يختارني لا بد أنه يحبني، فأنا إمرأة صعبة وعليه أن يخوض بعض اختبارات الإحتمال. ولا وجود في الحياة لرجلٍ مثالي، بل هناك وجود لشخصين في كل علاقة إنسانية ومساومات مشتركة من الطرفين. كل هذا جيد، لكني امرأة جشعة ولا أشعر بالحرية. أعرف أن نساءً تحسدني وأخريات يشفقن علي، مع أني لا أبدو مستجديةً للشفقة. فما هي الحرية؟ صدقوني أنا لا أعرفها وما زلت أبحث عنها.

قد تكون الحرية هي في عودة وجودنا المشروط إلى مطلقه الميتافيزيقي. الموت هو الحرية؟ بهذا المنطق، لعل الشعب السوري هو الأكثر تحررًا، لأنه يموت يوميًا بالآلاف. لماذا اعتدنا أن نتحدث عن الموت بشؤومٍ وسلبية طالما أنه الباب الأوسع لحرية الإنسان. أم هل الموت هو نهاية الحياة فحسب؟ وهناك صمتٌ أسود سرمدي بعدها. هل سنتلاشى من الوجود؟ هيك يعني فص ملح وذاب؟ عقلي لا يقبل هذا المنطق. ولو كان الموت هكذا فقط، نص مصيبة لأنه يعني أننا لن نتعذب، لكن في مقابل ذلك، سنتلاشى بدون أي وجود يذكر في الحياة الأخرى. وهكذا تكون كل حياتنا على الأرض كذبًا في كذب ومبنية على الكذب. لماذا لم يرد الله لنا معرفة اليقين؟ هذا الحاجز الرقيق بين الحياة والموت. اعتمد الله على بصيرتنا الداخلية، كي نستدل بها على الحياة الآخرة. وماذا يفعل هؤلاء بعينهم الثالثة (العقل)؟ أين ستتسع كل البشرية؟

عندما كنت طفلة صغيرة، كنت أفكر أن الله خلقنا ليتسلى بِنَا، فهو كمن خلق لعبة ليبدد بها الملل. عندما فسرت لنا المعلمة أن الله خلق كل شيء ليختبرنا ويرى ما سنختار. بدت لي روايتها وكأننا في لعبة المتاهات، وعلينا أن نجد المخرج. لماذا لم يجعل الله خيارنا أسهل؟ ماذا لو ضاع الإنسان في المتاهة ولم يجد المخرج؟ ماذا لو وجد الإنسان عدة مخارج وليس مخرجًا واحدًا؟ بدت اللعبة ممتعة، نحن نلعب والله يراقبنا كي نجد المخرج. ومنذ ذلك الحين وأنا أشعر أن الله يراقبنا. فهو معنا في كل مكان ولهذا لا نستطيع أن نغش. ولم تستطع المعلمة أن تجيب على أسئلتنا المخيبة للآمال. لماذا لا يدلنا الله على المخرج؟ لماذا علينا أن نجده بأنفسنا وإن لم نجده، فلماذا سندخل النار؟ لا أحد يريد دخول النار. في الحقيقة، لم تبدو المعادلة عادلة، فأنا لم أختر أن أكون في المتاهة. أما الآن، فعلي أن أقضي عمري في البحث عن المخرج، هذا إن وجدته. لقد ارتعبت ارتعابًا في تلك السن المبكرة بحيث أردت أن أطيع الله زيادة عن اللزوم وأتحجب حتى من زوجي عندما أكبر. لكن مع ذلك، لم يبدو منطقيًا أن على الإنسان أن يتفحص دينه حين يختار لأن الله سيحاسبه إن لم يفعل وإن اختار ديانة أجداده دون بحثٍ ودرسٍ، لكن هذا المبدأ لا ينطبق على المسلمين أو من ولدوا مسلمين. فكيف يحاسب الله من لم يعطيه الخيار ليختار، لأن الله اختار له في المحصلة النهائية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث