الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلط الاوراق في المربع الكردي والنوايا الغير معلنة للبيت الابيض

مرتضى ناصر كاظم

2018 / 2 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


القومية الكردية عرق متوزع في المربع الدولي وهو عبارة عن (أجزاء من شمال شرق العراق وشمال غرب إيران وشمال شرق سوريا وجنوب شرق تركيا)، وقد سعوا جاهدين في العقود المنصرمة الى تحقيق حلم اوليات الدولة الكردية ، الا انهم اصطدموا بجدار الارادة الدولية، وايدلوجية تفكير الحكومات المتعاقبة، فضلا عن معوقات اخرى مثل الفجوة السياسية مع باقي الاعراق الفارسية والعربية والتركية .
وقد أنبعث الإصرار الشعبي الكردي في سياق الدولة الوطنية من العالم الحديث، حيث انتشار حقوق الإنسان والديمقراطية و... وزيادة الاتصال بين الأكراد أنفسهم في المربع المذكور، بعد ان كان التخلف التكنولوجي يلعب دورا رياديا في ابعادهم عن بعض، الا ان ذلك جاء متأخر جدا، لتأخرهم في تطوير حركتهم القومية لأسباب عدة واهمها الظرف الجغرافي، فقد كانوا مبعثرين بجبالهم ولهجاتهم وعشائرهم، وبمعزل عن دولة مركزية قوية، وليس كالمجتمعات التي تطوَرت في السهول الكبرى لدجلة والفرات أو في وادي النيل و...
وباختصار وبعد وصول المشروع الاميركي الكردي في العراق الى مراحل متقدمة وحصولهم على حكم اشبه بالذاتي حتى استفتاء عام 2017، لن يتوانى البيت الابيض في بسط النفوذ و تكرار السيناريو الكردي في سوريا عبر تدريب قوات سوريا الديمقراطية الكردية (قسد)، و تمهيد الطريق لحكم ذاتي وانشاء منطقة عازلة تجمعهم ، فبعد ان وافق الرئيس السوري بشار الاسد على مضض على اقامة حكم ذاتي بعد تحرير المناطق من قبضة الارهاب ، حيث سيحقق هذا الامر اكثر من هدف للولايات المتحدة، اهمها عزل النظام السوري واضعافه والتأثير على قراراته السياسية عبر كتلة داخلية ، ومسك بعض خيوط اللعبة ، فضلا عن ايجاد عوامل ضغط على المربع الدولي مثل تركيا والعراق اذا ما ابتعدت عن هيمنة البيت الابيض يوما ، او ايران وسوريا المبتعدة اصلا والمنضوية تحت جناح موسكو، اذن فالمربع الكردي في تلك البلدان سيكون وسيلة ضغط لاخضاع بعض الحكومات لرغبات اميركية.
وعلى ما يبدو فان تكرار او استنساخ النسخة العراقية في سوريا بات يلوح في الافق اكثر من اي وقت مضى ، فبعد اضعاف الحكومة العراقية لأسباب يطول بحثها في المقام، والتي كان الطرف الاميركي شريكا بها، ومد جسور الثقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني واسرائيل من جهة وتركيا من جهة اخرى، وبعد ان كانت كردستان العراق نقطة التقاء المصالح الاسرائيلية التركية، بات الاقليم اكثر وضوحا في سياساته العدائية لحكومة المركز وحتى للجارة ايران، سيما بعد المباركة الاميركية التي حضي بها، وبات اكثر قوة في اتخاذ القرار السياسي، لدرجة انه تجرأ للقيام باستفتاء الانفصال من اجل انشاء دولة كردية واثارة حفيظة تركيا وايران، التي يعد الاقليم لقمة سائغة في فمهما على مر العقود، اذن البيت الابيض يحاول ان ينقض على مشروع كردي من اجل اضعاف المنطقة والمسك بخيوط اللعبة في العراق وسوريا ويبقى متربصا بايران وسوريا.
وقد بات الاصرار الاميركي واضحا في حراكه السياسي الدبلوماسي، خصوصا بعد فشل البارزاني بسياسة تكسير العظام مع المركز وانحنائه للصراع الاثني التقليدي وتمزق النسيج الكردي، فقد اصبح (ضياع ادوات الضغط) الهاجس الاميركي الاكبر في المرحلة القادمة، لدرجة ان الدعم اللوجستي والدبلوماسي الامريكي للمكون الكردي السوري اخذ منحى في التطرف حتى على حساب الرغبة او الهاجس التركي .
لكن دخول موسكو على خط المناورة اعاق التحرك الاميركي التركي، بل بات المرشح للتفرد بالقرار السوري ، فتبدو موسكو مصرّة على عقد مؤتمر أطلقت عليه تسمية "الحوار الوطني السوري" (مؤتمر سوتشي) على أراضيها، رغم الفتور الاقليمي معه ، الا انه حضي بترحيب حكومي سوري ورغبة كردية من توجيه الدعوة للمشاركة ، وسط تخوف دولي اقليمي من قفز موسكو فوق مساع جنيف ومن ثم تكريس وجهة نظرها للحل السوري .
وبالعودة الى السيناريو الاميركي الكردي فان اهم ما يعيقه هو رفض الحليف التركي الذي يعتبر تعملق الكيانات الكردية تهديدا لكيانه، فقد شكلل ملف الأكراد في سوريا نقطة خلاف كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، وتمثل الخلاف بعدة نقاط اهمها رفض انقرة لان تكون قوات سوريا الديمقراطية رأس الحربة في تحرير مدينة الرقة، ويبدو ان ازمة الثقة تفاقمت مع السياسة الأمريكية بعد أن رفضت القوات الكردية التراجع من منبج إلى شرقي نهر الفرات، كما وعدت ادارة البيت الابيض الرئيس التركي أردوغان.
ولم تتغير السياسة الأمريكية تجاه الأكراد في سوريا بعد تولي إدارة الرئيس ترامب الحكم في مطلع العام 2017، إذ أنه كان واضحا في حملته الانتخابية، باعتماده على القوات الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية في محاربة الارهاب وداعش، الشئ الذي لا يتوافق مع ما تراه تركيا تهديداً لأمنها القومي، وهذا ما اعاق التوفيق بين المصالح الامريكية التركية في السوريا.
وفي ضل تشعب الرؤى والتطلعات السياسية تحاول انقرة ان تنحى منحى آخر بعد ان فقدت الثقة بالبيت الابيض، فان جلوسها مع غريم واشنطن التقليدي موسكو للحصول على مكاسب سياسية، وتشكيلها مثلث مناوئ (موسكو طهران انقرة) ما هو الا نهج جديد لأنقرة لتيشكل ضغط على السياسة الامريكية، سيما بعد ان اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واشنطن بتزويد المقاتلين الأكراد في شمال سوريا بمزيد من الأسلحة، وقال إنها سلمت أسلحة مشحونة لجماعة تعتبرها أنقرة إرهابية، فأثارت حفيضة انقرة من جديد،
واذا ما اصرت الولايات المتحدة على المضي بمشروعها الكردي، فمن غير المعقول ان تكون قد ضحت بحليف استراتيجي وعمق سياسي واقتصادي في قلب المنطقة الملتهبة كتركيا، من دون مقابل، او من اجل كسب صديق يافع لا يساوي شيئا اذا ما قورن بأنقرة، فخلق حليف لاسرائيل كما في اربيل العراقية، واضعاف النفوذ الروسي في سوريا، وغيرها من الاهداف تعتبرها واشنطن اهم من تركيا، اذن هناك دوافع ستظهر مستقبلا اذا ما اكتمل المشروع الامريكي وتغيرت الخارطة السياسية.

الكاتب : مرتضى ناصر كاظم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل