الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في تحديات العيش - الأقوامي - المشترك

صلاح بدرالدين

2018 / 2 / 19
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير




في منطقتنا وبالبلدان المتعددة الأقوام والأثنيات التي نالت استقلالها منذ القرن العشرين تحت ظل دساتير وضعتها القوميات السائدة الغالبة حسب مقاسها متجاهلة الآخر القومي المختلف أصولا ولغة وتاريخا وثقافة كما هو الحال في بلادنا وبعد مرور الزمن واستعصاء حدوث التحولات الديموقراطية وسير الحياة القانونية والسياسية والاجتماعية على هذا المنوال وظهور النزعات الشوفينية من قوى وتيارات ومجموعات حاكمة مستبدة وتماديها في تحويل الخطأ الدستوري التاريخي القاتل الى حقائق قانونية ادارية على الأرض من خلال اللجوء الى سلطة القانون وقوة التنفيذ وذرائع ( الأمن القومي ) ووحدة الوطن وما تفتقت بها عقول العنصريين من مخططات ومشاريع في اطر تغيير التركيب الديموغرافي والتهجير والحرمان من حقوق المواطنة وتزوير التاريخ وتبديل أسماء البشر والمناطق والمدن والقرى نقول بعد كل ذلك والذي دام حوالي القرن ألحق الأذى بالقضية الوطنية والديموقراطية والتقدم والتنمية وزرع ألغاما أمام تحقيق العيش المشترك والوئام من الصعوبة جدا تخطيها الا بعد انجاز مهام انقاذية عاجلة .
قبل نحو اسبوعين وبمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة شاركت في ندوة علمية بمكناس – المغرب تحت عنوان ( حوار الثقافات وتعايش الهويات ) أقامها " مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم " وقد لمست مدى التشابه بين الأزمة المتفاقمة في بلدان المغرب والمشرق حول قضية تعايش الشعوب والقوميات وكيف أنها تحتاج الى المزيد من الحوار الهادىء والتفاعل المعرفي للوصول الى القواسم المبدئية المشتركة والاعتراف المتبادل بالوجود والحقوق وكما هو الحال في بلدان المشرق هناك لدى كل الأطراف توجهات ورؤا مختلفة وأحيانا متناقضة فلدى القومية السائدة من يسعى الى تمثلية واذابة الآخر ومن يميل الى تحقيق التفاهم والمساواة من دون آليات واضحة وأقصد هنا الالتزام بمبدأ حق تقرير المصير أما لدى شعب الأمازيغ فهناك تياران أحدهما غالب يؤمن بالتشاركية والعيش المشترك على قاعدة الحل الديموقراطي لقضيته والتعددية وانتزاع الحقوق المشروعة كما تجد تيارا متشددا فقد الأمل من القومية السائدة ولكن الآفاق مازالت رحبة من أجل الحلول الوطنية عبر الحوار السلمي .
في سوريا وبالعودة الى الوراء قليلا وفي باكورة نضال الجناح اليساري في حركتنا الكردية قبل نحو خمسة عقود اخترنا درب الحوار والتفاهم حيث لاسبيل غيره وواجهنا المواقف المتناقضة والغريبة وتعقيدات لاتحصى ليس في مجال التفاهمات السياسية العامة مع القوى السياسية السورية بل بخصوص الاعتراف بوجود شعب كردي شريك يشكل القومية الثانية وبالرغم من اعتبارنا الشيوعيين الأقرب الينا ( نظريا ) ولكن لم نحظ منهم بأي اعتراف أو تعاون خاصة الحزب الرسمي المنضوي بجبهة النظام بعكس شيوعيي ( رابطة العمل ) الذين تعاوننا سوية وأصدروا وثائق تلتزم بحق تقرير مصير الكرد السوريين حتى أجنحة من حركة القوميين العرب مثل ( حزب العمل الاشتراكي ) سار على المنوال ذاته وكذلك جناح حزب البعث اللبناني الموالي لمجموعة صلاح جديد أما الاسلامييون والناصرييون والقومييون التقليدييون فوقفوا ضد الحقوق الكردية على طول الخط .
منذ اندلاع الانتفاضة الثورية في آذار 2011 حصلت تطورات عميقة ومن ضمنها نوع من الانفتاح السوري على الكرد وقضيتهم وتوسع الحوار بين شباب التنسيقيات والحراك الوطني الثوري لدى الكرد والعرب وحتى بعد ظهور كيانات المعارضة من مجلس وائتلاف وتحفظاتها كونها انقادت من الاسلام السياسي والأحزاب التقليدية ( الاسلامية والقومية والشيوعية ) التي لم تحمل يوما تراثا تاريخيا يشي بالانفتاح على الكرد أو الالتزام بحقوقهم الا أنها لم تنجح في وقف المد الانفتاحي والتواصل الكردي العربي وتحول الحقوق المشروعة للكرد جزءا من مهام الثورة الوطنية الديموقراطية من أجل الحرية والكرامة .
للأسف الشديد وضعت جماعات – ب ك ك – ذرائع جديدة بأيدي شوفينيي – المعارضة – وخصوصا جماعات الاسلام السياسي منها حتى تتمادى في انكار الحقوق الكردية المشروعة وذلك عندما ظهرت تلك الجماعات ومن بدايات نشوب الانتفاضة بدعم واسناد نظام الاستبداد وايران كطرف معادي لارادة السوريين وثورتهم ضد نظام الأسد ونقل معركتها مع تركيا الى الأراضي السورية كما طبقت سلطتها الأمر واقعية في المناطق الكردية على أساس الدكتاتورية الحزبية ورفض مشاركة المختلفين معها وبينهم الشباب والمستقلون والأحزاب والجميع كانوا من أنصار الثورة السورية بشكل أو آخر وقد أنتجت هذه السياسات الخاطئة عدم الثقة وخلقت العداوات ودقت أسافين في جسم العلاقات الكردية العربية الى درجة غياب الحوار الهادىء حتى بين أطراف من نخب الشعبين وحل محله أسلوب الصدام والنزعة العنصرية الخطيرة وجاءت الاعتداءات التركية الأخيرة وبمشاركة فصائل – المعارضة – المسلحة لتزيد الطين بلة .
رغم كل ماقيل في الأسابيع الأخيرة في نطاق التراشق اللاحضاري بين عناصر كردية وعربية الا أننا نقول أن التعميم خاطىء ولاأساس له ولم نفقد الأمل ولم تحصل نهاية للحياة خاصة وأن متشددي الطرفين ليسوا من المقيمين في الداخل بغالبيتهم الساحقة وبالتالي لايعبرون عن حقيقة مصالح الشعبين ولا ينطلقون من المزاج الوطني العام طبعا حرية الرأي تشمل أيا كان ومن حق أي كان عرض مايراه مناسبا ولكن لاحظنا على سبيل المثال ولدى المناوشات الكلامية بين متشددي الشعبين بالخارج حصول عقد ندوات حوارية بالوقت ذاته بالقامشلي بين مثقفي وناشطي الكرد والعرب والمكونات الأخرى تدعو الى التكاتف والاعتراف المتبادل بالحقوق والتشاركية .
أكرر ما ظهرت في الأسابيع الأخيرة من مهاترات تفوق التصور وتخترق كل المبادىء التي قامت عليها الحركة الديموقراطية الكردية والعربية ولن يستفيد من حالات العداء تلك سوى نظام الاستبداد والقوى الخارجية التي لاتريد الخير للسوريين فبالأخير سنبقى نحن الكرد والعرب والتركمان والمسلمون والمسيحييون وأتباع سائر الأديان والمذاهب الوطنية في عيش مشترك بوطن واحد تعددي وتفاعل ايجابي مهما كانت الحلول المطروحة لمصير البلاد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات