الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدوان التركي على عفرين: صفقة مكتملة بمقاييس دولية

إبراهيم اليوسف

2018 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية




لم تقدم تركيا على العملية التي سمتها ب"غصن الزيتون" إلا بعد أن استكملت ما يلزمها من موافقات الجهات الدولية، لاسيما: أمريكا وروسيا وإيران بالإضافة إلى النظام السوري، وكان انتظار هذه الموافقات سبباً في انتظارها مدة طويلة بعد تأسيس كانتون عفرين، كأحد الكانتونات الثلاثة في المناطق الكردية في سوريا، ناهيك عن أنها وفقت إلى حد بعيد في اختيار التوقيت الزمني المناسب لعدوانها، وكان ذلك بعيد سقوط داعش، و انتكاسة كركوك، وانحسار الاهتمام الدولي بالكرد، كما ظهر، للأسف، ناهيك عن نجاح تركيا في- بروفتها العدوانية الأولى- عندما شاركت في حصار إقليم كردستان إلى جانب إيران وحكومة بغداد، وإن بطريقة ناعمة، كما يمكن أن يقال.


ولا يخفي على أحد أن تسمية عملية ما سميت ب"بغصن الزيتون" جاءت من سببين رئيسيين، أولهما اشتهار منطقة عفرين بإنتاج الزيتون، وثانيهما رمزية غصن الزيتون كرمز للسلام والتي تعود إلى أسطورة- سفينة نوح- و سردية حمامة البشارة، وهو ما يكاد يروي غرور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تصوراته الشخصية حول مكانته، ومستقبله، وطموحه في توسيع حدود مكانه، لاسيما بعد أن بات يسمع أصواتاً سورية متهافتة نتيجة إغراءاته لأصحابها، بأن يتم ضم سوريا كاملة إلى تركيا، وهذا ما تم طرحه منذ بداية الثورة السورية من لدن بعض تلك الأوساط!
كشف العدوان التركي على عفرين اللثام عن الكثير من الأمور، في مطلعها أن الأسرة الدولية تعيش في أسوأ مراحل تضامنها الإنساني، وأن الضمير الغربي الذي عول عليه الكرد يعيش في سبات، وتظهر المفارقة أكثر عندما يقارن أحدنا بين صورتين للغربي في تعامله مع الكردي، وذلك قبل هزيمة داعش وبعدها، وفي هذا ما ينسف مصداقية صورته، فقد بدا في الأمس، مستكيناً، مراقباً، لغزو كركوك من قبل الميليشات التي انقضت عليها، بعد اكتمال" صفقة المؤامرة " وهو ما يتكرر، الآن، في عفرين، وفق سيناريو مماثل، كما أنه يوجه رسالة للكرد الذين تم تكريس فرقتهم و تمزيقهم، على نحو أكبر، منذ أن تم الاهتمام الدولي بقوات" ي ب ك" و" ي ب ج" التي باتت تسير وفق بوصلات داعميها الدوليين الذين لا يحركون ساكناً، إزاء ما يحدث من قتل للمدنيين، ودمار، وتشريد لأبناء منطقة عفرين التي كانت مأوى لحوالي نصف مليون سوري، قاسموهم سكناهم، ولقمتهم، بالرغم من الحصار القائم عليها.
وقد يكون أهم ما في هذه الرسالة الكردية أنهم مروا بأعظم خديعة في تاريخهم، على أيدي الغرب الذي كان وراء الكثير من الويلات التي لحقت بهم، لاسيما منذ انهيار دولة" الرَّجل المريض" ورسم خريطة جديدة للمنطقة، تم خلالها تجاهل حق واستحقاقات الكرد، وتركهم فريسة لمن اقتسموا جغرافيتهم، وتمت ولاتزال محاولات صهرهم في بوتقات التتريك، والتفريس، والتعريب، وكانت تركيا أكثر من تمكنت من محاربة لغتهم، وتاريخهم، ووجودهم، إذ إنه بات هناك الملايين من الشباب الكردي في العديد من المدن التركية الكبرى لايتقن لغته الأم، أحد أهم مقوماته القومية.!
ولا يحتاج الكردي إلى الكثير من التأمل في المشهد الحالي، ليتوصل إلى إجابة عن السؤال المطروح" ما العمل؟" مفادها أن لا حل لحل أزمة قضيته سوى تجاوز إرث الخلاف والاختلاف الداخليين، معروفي أسباب النشأة اللذين كانا وراء تبديد كلمته وهيبته، غير أن هذا الحل يبدو الآن أكثر صعوبة، بسبب ما نجم عن مرحلة الخلافات السابقة، لاسيما التي تمت بعيد الثورة السورية، وكان سببها-غالباً- توجيه دفة الاتحاد الديمقراطي، من خارجه، وهو ما رتب الكثير من النتائج الكارثية التي لم يبال بها كرد سوريا، وإنما وقفوا ويقفون معه، بكل ما يتاح لهم، لمواجهة العدوان التركي الضاري الذي لا مسوغ له، إلا حرص تركيا على ألا يكون للكرد، أي حضور دولتي، ولو خارج أراضيهم، لأن ذلك يشكل تهديداً لها، باعتبارها تبتلع الجزء الأكبر من خريطة كردستان الكبرى المتفق عليها.
ويبدو أنه من ترتيبات الاتفاق الدولي الذي أقدمت تركيا على عدوانها الأخير على عفرين فرض صمت إعلامي مشين على المذبحة المفتوحة ، بالرغم من استبسال المقاتل الكردي الذي أفشل تحالف الجيش التركي والفصائل العسكرية الدخيلة على" الجيش الحر" والتي باتت تحول بندقيتها من كتف إلى كتف من دون حرج، وقد لا تكون لديها أية مشكلة حتى في دعم قوات" قسد" لو أمنت لها ما تحصل عليه من جراء انخراطها في هذا العدوان، وبالرغم من التقديم البطيء لهذه القوات إلا أنها تمارس وحشية لا تقل عن وحشية تنظيم داعش أنى حلت، كما حدث في جنديرس وحمام، حيث ارتكبت جرائم فظيعة يندى لها جبين البشرية. هذا الصمت الإعلامي يمكن العدوان من الاستمراء في مواصلة وحشيته، كاتماً صوت الضحية، بعكس ما وجدناه أثناء حرب كوباني، على سبيل المثال، وفي هذا ما يؤكد تواطؤ الإعلام الغربي نفسه، إبان هذا العدوان الظالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ