الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرب فرس ترك دين سياسة

جعفر المظفر

2018 / 2 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هناك على الجانب الفارسي تناقض رموز: القومي في مجابهة الديني, فالحضارة الفارسية الضاربة في أعماق التاريخ فوجئت بعدو (قومي عربي بدوي) يتغلب عليها في غفلة من أغلب العوامل التي تفترض أن يكون لها تأثير في تحديد هوية الغالب, اما النصر الذي حققه (بدو القادسية) فلم يتحقق بالنتيجة بمعزل عن محاولة إستلاب الهوية الفارسية (القومية) المتحضرة.
إن ما حصل بعد ذلك, أن دينا كان قد إنتصر, لكن (قومية) بهوية حضارية عريقة قد إنكسرت, اي ان دينا هزم قومية. ويوم إنسحب (السيف) العربي تاركا في بلاد فارس (القرآن) فقد كانت هناك محاولة لترويض (=هداية) (أمة) مكسورة لصالح امة منصورة تحت رايات الدين الإسلامي, اي ان ما حصل في النهاية هو إنتصار دين على قومية لكن لصالح قومية اخرى هي (سياسيا) "صاحبة" هذا الدين.
في مساحة التكوين والتقويض القومي نمت العلاقة الفارسية العربية بشكل يتخذ على السطح نشر الدعوة السماوية لكنه يخفي تحتها مباشرة كل مقومات الصراع القومي بين أمة منصورة واخرى مقهورة, وفي المساحة الأخيرة طلب من الدين ان يروض الإنكسار القومي الفارسي ويهدئه لصالح الإنتصار القومي العربي.
وفي الحقيقة فإن النصر العسكري الذي تحقق في معركة القادسية لم يحسم الأمر نهائيا, فما أن إنتهى الصراع بالسيف حتى بدأ صراع الحضارات بين أمتين, واحدة تتكون وأخرى ترفض الزوال, ومع الأولى كان الجانب الحضاري مشبعا بقيم البداوة الصحرائية التي حاول الإسلام أن يلطف جانبا منها.
لكن هل كان بمقدور الدين الواحد أن يزيل حقيقة أن الأمة الفارسية تشعر إنها سياسيا قد تعرضت بالنتيجة إلى غزو من أقوام (بدوية متخلفة), وأن فارس التي كانت تتقاسم العالم مع الرومان قد اصبحت بكاملها تحت هيمنة الغزاة العرب !. وهل كان ممكنا للدين, مهما قيل عن عظمته الروحية أن يقنع الفارسي أن عليه ان يستسلم, تاريخا وحضارة وامة, لغزاة جاءوا من عمق الصحارى وهم مسلحين بكل فنون القتال والإستباحة. حتى كأني أسمع فارسيا يقول إذا كان الإسلام بالنسبة للعرب قد جَبَّ ما قبله, فلأنهم قبل الإسلام لم يكونوا يملكون ما يخسرون في مقابل تاريخ جديد صنعه لهم الإسلام, اما مع الفرس فإن عملية (الجَّب) هذه قد ألغت امة بتاريخ حضاري طويل وعريض, والنتيجة بحساب السياسة لا شك كانت أن الفرس خسروا كثيرا من عملية الجَّب الديني هذه وتحولوا, سياسيا, من اسياد إلى تابعين, في ساحة رتبها الدين بإتجاه, وسيدخل عليها المذهب لكي يعيد ترتيبها من جديد.
هنا يكمن جذر المشكلة الحقيقي. إيران التي اصبحت جزء من أمة إسلامية لم ترفع راية الإستسلام التاريخي للعرب بل كانت تبحث عن مخرج حقيقي يعيد لها تفوقها القومي فصارت تسعى لتحقيق أمرين اساسيين, أولها الحفاظ على الهوية القومية وثانيهما إعادة التفوق السيادي تحت راية الدين الجديد نفسه, وكان صفي الدين الأردبيلي ووريثه السياسي إسماعيل ذكيين بما فيه الكفاية لكي يدركا أن بإمكان إيران ان تجد نفسها من جديد, وحتى أن تعيد تفوقها السياسي والقومي من خلال الدين الإسلامي وليس بالخروج عليه, حتى كأنها تقول هذه بضاعتكم وقد ردت عليكم. وليس من حق احد, لا العثمانيين ولا العرب, أن يدعوا مشروعية سياسية قومية تحت غطاء الدين وبإسمه في وقت يسقطون فيه حق الفرس في ذلك, فالدين طالما كان غطاء للسياسة واساس لتأسيس الدول والإمبراطوريات فإن من حق هذه الدول أن تكيفه سياسيا بما يخدم مصالحها القومية. وقصة التشيع الصفوي واهدافه معروفة, فهنا الإسلام الفارسي مقابل الإسلام العثماني, وهنا كلاهما مقابل الإسلام العربي.
ودائما دائما علينا الوقوف أمام المشهد الذي ما زال يحرك التاريخ طالما دخل الإسلام السياسي ليضبط من جديد حركة التاريخ ويعيد مرة أخرى كتابة فصولها. الفرس من جانبهم إنكسروا قوميا بالإسلام لكنهم يعودون من جديد تحت راية المذهب. الإتراك يسعون من جانبهم لإعادة تنشيط تمثيلهم للسنة ولا مانع للطرفين من تقاسم النفوذ والثروات بشكل عادل, أما العرب الذين زحفوا على غيرهم بالإسلام فقد صار قدرهم أن يتوزعوا على غيرهم بالمذاهب, حتى كأن البادئ كان أظلم !.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - روعة كالعادة
جندي ( 2018 / 2 / 21 - 17:04 )
صراحة كالعادة روعة واعجبني فهمك لجملة الاسلام يجب ما قبله رغم عدم اتفاقي معك بمعناها


2 - مقال منطقي
Muwaffak Haddadin ( 2018 / 2 / 22 - 01:38 )
الاستاذ الدكتور جعفر المظفر المحترم
تحية لك على مقالك المنطقي الشجاع
استطيع القول ومن بين سطور مقالك أن صدام حسين كان على حق في ردع الفرس المجوس في حربه ضد ايران للفترة ١-;-٩-;-٨-;-٠-;- الى ١-;-٩-;-٨-;-٨-;- إذ أنه دافع عن الامة العربية وإن كانت بدوية في أول تاريخها ولكنها تجاوزت ذلك وحملت الثقافة العالمية أي اليونانية في ذلك الحين وزادت عليها ونقلتها الى اوروباوالى الغرب ثم اصبحنا نلهث وراءهم متأخرين عنهم بيدٌ بينها بيد
إن تشرذم الاسلام الى مذاهب ضيع عنفوانه واصبح اليوم مذهبا يصارع مذهبا
وحتى أن الاسلام السني العثماني إستغل الدين واذل أصحابه من شيعة وسنه وعلويون ووالخ
عمان في ٢-;-٢-;- شباط فبراير ٢-;-٠-;-١-;-٨-;-


3 - الإمبراطورية الفارسية
جلال البحراني ( 2018 / 2 / 22 - 11:30 )
الرومانية و اليونانية بعصرها كانت تفعل نفس الأمر، الإنجليزية و الفرنسية و الأمريكية الآن تفعل نفس الأمر
العربية يا زعم الإسلامية فعلت نفس الشيء، لقد نشروا الإسلام و الكلام بالعربية بالبنغال على جبال من دماء و جماجم ملايين البشر
سقطت الإمبراطورية الفارسية، على يد ثلة من العرب، لأنها كانت وصلت لمرحلة التفكك الناتج عن تناقضات داخلية، و إصطراعات طبقية حادة، الكثير من فرق الجيش الفارسي إرتد على كسرى و حارب مع ثله العرب للخلاص من الفقر، فليس للعرب فضل الإطاحة بكسرى وحدهم كما يزعم البعثيين، بل الفضل يعود لفقراء الفرس
فقراء الفرس، ضلوا مخلصين لمن ماثلهم في الفقر و الطبقة من العرب، كانوا من أول أيامهم شكلوا (شيعة علي) و لو أنهم لم يكونوا إثني عشرية فالصفوية كما يزعم البعثيين ليست جديدة، كانت دائما هناك
و لننظر لأي ثورة قامت بالمنطقة، الخليج العراق سنجد أن فقراء الفرس كانوا بها، على رأسها ثورة بني هاشم ضد الأمويين و التي تعرف بما شكلت الدولة العباسية،، لولا فقراء الفرس لما نجحت!


4 - الإمبراطورية الفارسية
جلال البحراني ( 2018 / 2 / 22 - 12:19 )
الإمبراطورية الفارسية، حالها حال أي إمبراطورية بالحياة الدنيا، عاشت على إستغلال إستعمار و سرقة أمم أخرى
الرومانية و اليونانية بعصرها كانت تفعل نفس الأمر، الإنجليزية و الفرنسية و الأمريكية الآن تفعل نفس الأمر
العربية يا زعم الإسلامية فعلت نفس الشيء، لقد نشروا الإسلام و الكلام بالعربية بالبنغال على جبال من دماء و جماجم ملايين البشر
سقطت الإمبراطورية الفارسية، على يد ثلة من العرب، لأنها كانت وصلت لمرحلة التفكك الناتج عن تناقضات داخلية، و إصطراعات طبقية حادة، الكثير من فرق الجيش الفارسي إرتد على كسرى و حارب مع ثله العرب للخلاص من الفقر، فليس للعرب فضل الإطاحة بكسرى وحدهم كما يزعم البعثيين، بل الفضل يعود لفقراء الفرس
فقراء الفرس، ضلوا مخلصين لمن ماثلهم في الفقر و الطبقة من العرب، كانوا من أول أيامهم شكلوا (شيعة علي) و لو أنهم لم يكونوا إثني عشرية فالصفوية كما يزعم البعثيين ليست جديدة، كانت دائما هناك
و لننظر لأي ثورة قامت بالمنطقة، الخليج العراق سنجد أن فقراء الفرس كانوا بها، على رأسها ثورة بني هاشم ضد الأمويين و التي تعرف بما شكلت الدولة العباسية،، لولا فقراء الفرس لما نجحت!

اخر الافلام

.. آلاف اليهود يؤدون صلوات تلمودية عند حائط البراق في عيد الفصح


.. الطفلة المعجزة -صابرين الروح- تلتحق بعائلتها التي قتلها القص




.. تأهب أمني لقوات الاحتلال في مدينة القدس بسبب إحياء اليهود لع


.. بعد دعوة الناطق العسكري باسم -حماس- للتصعيد في الأردن.. جماع




.. تأبين قتلى -وورلد سنترال كيتشن- في كاتدرائية واشنطن