الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين: خرقة قماش أو قطعة بلاستيكية !

داود السلمان

2018 / 2 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في بداية سبعينيات القرن المنصرم، حينما كنت طالباً في المرحلة الابتدائية، وكان معلمي، الذي أكن له كل الاحترام والتقدير، من الديانة المسيحية، وقد علمت ذلك بعد حين.. طلب مني أن اقف على السبورة، واشرح الدرس الماضي. وحينما انتصبت قامتي أمام اترابي التلاميذ، غرقت في بحر الخجل، لأنني أقف لأول مرة مثل هذا الموقف، وكان الوقت صيفاً، وحينما كنت ارتدي قميصاً مقلماً نصف ردن، فلاحظ عليّ انني اضع على معصمي الايسر قطعة من القماش الاخضر، وضعتها لي أمي كنوع من التميمة يحميني من الحسد، ومن الارواح الشريرة!، كطقس ديني ورثته أمي عن اسلافها، على اعتبار أمي امرأة مسلمة جنوبية متدينة بالفطرة، ورثت ذلك الدين والمعتقد كما يرثه الكثير من الناس اليوم، وعلى حد سواء في جميع الاديان. معلمي(استاذ نبيل، والتي لاتزال ذاكرتي تحتفظ بأسمه الى اليوم) جذب تلك الخرقة من يدي بنوع من الغضب ثم وضعها تحت قدمه، احتجاجاً منه على ان ذلك هو خرافة لا يؤمن بها!. ولا اكتم القارئ سراً، انني ساعتها حنقت عليه وشتمته في داخلي، واعتبرت أنه قد اهان معتقدي! او الذي أؤمن به بحسب الارث الذي زقتنيه أمي زق اليمامة التي تزق الطعام لفرخها الصغير.
تذكرت تلك الحادثة التي مضى عليها قرابة اكثر من اربعة عقود من الزمن، حيث أن هذه الحادثة قد نقشت في ذاكرتي المثقوبة بعد أن اصبحت الوك في سنيني عمري الخمسين لوك الجمل لبغلة الربيع. اقول: تذكرت تلك الحادثة وانا أرى بعض الشباب اليوم وهم يعلقون على معاصمهم اساور من البلاستيك، كالأساور التي تحملها الفتيات اليوم ولا اعرف ماذا يعني هذا، وكلما اسأل احدهم لا يجيبني بجواب مقنع، بل قال لي بعضهم انها عادة لا يعني شيئاً!.
وقد يقول القارئ: وما هو الربط بين هذا وذاك؟. اعني بين الخرقة التي وضعتها على معصمي في السبعينيات وسوار معاصم اليوم التي تتزين به بعض الشباب والتي ليس لها معنى على ما اعتقد؟.
وجوابي: إن الرابط هو الايمان أو المقدس أو الشيء الذي تجعل له هالة تمس ما تعتقد بقدسيته، وهو تقليد اعمى له صلة بين الامس واليوم، تعددت الاسباب والجهل واحد.
اليس المعتقد – كل معتقد ومنه الديني – يُبنى على أسس خرافية، الم يكن الرومان قديماً (يعتقدون بأنه اذا قطعت شجرة، فأن روحها تنوح وتصرخ مستغيثة بالقدر لتنتقم من المعتدي... وكان للروماني ان يغامر بقطع شجرة في ارضه دون ان يضحي بخنزير لاسترضاء الاله أو الالهة في بستانه... واعتبروا إن قطع أي شجرة عتيقة جريمة!).
ذكرنا هذه القصة لندل بها على الخرافات والايمان الزائف بكل ما ليس له صلة بالواقع وبالحقيقة.
وتيقنت اليوم بأنني كنت أؤمن بالخرافة والترهات على اعتباري أنني ورثتها عن اسلافي كما ورث اسلافي خرافاتهم الخاصة بهم، ومن ثم سوقوها لنا ولأمثالنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خرافات مقدسة .... رغم انها نتنة
عبد الكريم الفتلاوي ( 2018 / 2 / 25 - 19:45 )
عندنا خرافات واعتقادات مقدسة وقد تحمس من تحمس دفاعا عنها وبعضهم قتل وهو يذب عنها . عندما تجادل المؤمنين بها ينبرون للدفاع عنها بحماس منقطع النظير بعض تلك الاعتقادات والممارسات ما ان تطلب من المدافعين عنها ان يطبقوا عمليا بعضا منها حتى ينتفض ويثور ويضل يلف ويدور ويبرر ويفند ... قل لاي شيعي اعطني اختك او ابنتك استمتع بها هذاليوم طالما تعتقد بشرعية هذا النكاح المسمى زواج المتعه وشاهد ردة فعله رغم انه شخصيا يمارسها على مدار الايام مع الاخريات .... أنها الشيزوفرينيا الجماعية بأوضح صورها وتجلياتها ... المطالبه اليوم ورفع الصوت عاليا أمر غاية في الاهميه لاجبار المرجعيات ذات الصله للتبرأ من هذة الممارسه الشاذة وأستنكارها وتحريمها واسدال الستار عليها لانها لا تتفق قطعا والتقاليد والاعراف والقيم العربيه الاصيله


2 - أخطأ معلمك نبيل
Abdulahad Paulos ( 2018 / 2 / 25 - 20:03 )
أنا أرى أن المعلم نبيل قد أخطأ التصرف أمام تجاه تلميذه الصغير عندما إنتزع قطعة القماش من رسغه وداس عليها وبذلك يكون قد أثبت إفتقاره إلى أسلوب التربية الصحيح الذي كان عليه أن يتقنه.
التنوير لا يمكن أن يأتي عن طريق العنف والتوعية الصحيحة تتم باسلوب متحضر وإلا حصل عكس المطلوب.


3 - خلاصة القول.
سمير آل طوق البحرأني ( 2018 / 2 / 26 - 03:25 )
يقول شاعر العراق الكبير عبد الغني معروف الرصافي (ر).
لقنت في عهد الشباب حقائقا ** في الدين تقصر دونها الافهام
لما مضى عهد الشباب وطيشه ** فاذا الحقائق كلها اوهام.
ان جميع الاديان ومذاهبها المشتقة منهها فيها ما فيها من خرافات لانها لا تستند على دليل عقلي او منطقي الا قال فلان عن علان وكلنا يعرف ان كل حزب بما لديهم فرحون ولكن للحق والحقيقة ان خرافات المذهب الشيعي فاقت كل الخرافات مع علم دهاقنة المذهب بانها خرافات ولكن المصلحة في تقديس الاشخاص وابتزاز الاموال باسمهم تقتضي ذالك ( الغاية تبرر الوسيلة) ولكم فيما يقوم به الشيخ المهاجر واقع ملموس. ان قطعة القماش الخضراء التي وضعت على معصمك الايسر هي اما ممسوحة على ضريح احد الاولياء او على منبر احد المآتم ولكون اللون الاخضر هو لون العمة التي يعتمرها اهل بيت النبي فانها في العرف الشيعي تعتبر كـ رقية عن الحسد وطلب الرزق وغيره. ام استبدالها ببلاستيكة هي نوع من الاغرآءآت التي تستعملها الشابات لكسب ود الشباب ولا علاقة لها باي طقس الا اذا كانت كـ تعويذة مسحت عليها يد شيخ دين معترف به.ان الشيء الذي يحير العقل هو بعض حملة الشهادات العليا يؤمنون بها


4 - غسل العقول
على سالم ( 2018 / 2 / 26 - 04:09 )
عندما نوضح حقيقه الاديان لااصحاب الاديان وانها خرافه ودجل يبدأوا فى التشنج والسباب والصراخ والعويل والغضب وربما يقوموا بالاعتداء اللفظى او الجسدى وهذه كارثه العربان