الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعتذار البياتي..هل يكفي ؟؟

جمال الهنداوي

2018 / 2 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا يوجد ما يجعلنا نظن أن السيد عباس البياتي لم يكن مخلصا في اعتذاره لمحبي ال البيت عما بدر منه تجاه رمز معتقدي مهم ومقدس لدى طيف واسع من الشعب العراقي.. او نشك في ان استخدامه لـمصطلح"أهل الكساء" في حواره المتلفز بإحدى القنوات العربية ، كان بسبب "حضورهم الدائم في الوعي والقلب".. ولا يمكن الحديث باي حال من الأحوال عن نيات معينة وراء تصريحه ( الأقرب إلى الهفوة) خاصة وأنه معروف بانتمائه لحزب إسلامي لطالما وضع - أو هكذا أراد أن تبدو الأمور على الأقل - هذه الرموز واحاديثها وأدبياتها كمنهاج وخط سير لعمله السياسي.. مما يجعلنا نتفهم قوله أنه "تقصد ذكرهم من أجل التبرك"،
ومن هنا نجد أن اعتذار السيد البياتي قد يكون كافيا لابراء ذمته من اية نية للتطاول على مقامات آل بيت رسول الله ( صلوات الله وسلامه عليه وآله)، ويجعل من الطبيعي قبول رجائه من الشعب العراقي ( أو ما اصطفاه منهم) بالصفح عن تلك الزلة..
ولكن السؤال هنا هل يكفي هذا الاعتذار لاستمرار السيد البياتي في تصديه لشأن سياسي يستهدف من خلاله تمثيل (محبي آل البيت) سياسيا " وهم من خصهم دون غيرهم بالاعتذار" ويكون صوتهم وحامي مصالحهم في مجلس نواب مقنن تماما ضمن السياقات الطائفية والفئوية..
ليس هناك أدنى هامش من الشك في ان السيد البياتي قد أخطأ في تصريحاته العجول التي نثق بأنه يعض عليها النواجذ الان ويلعن تلك اللحظة القاتلة من الانبهار بالكاميرات والمذيعة اللطيفة وذلك التبسط التي جعله يفقد السيطرة على أقواله..ولكن اعتذاره الذي جاء بعد حين من الانتقادات والغمز واللمز "وبقصدية كاملة تجلت بذهابه الى إحدى الفضائيات لبثه" وخصه طيفا معينا بالاعتذار دون غيره، يشير بوضوح إلى أن السيد النائب غير مؤهل لتمثيل المواطن العراقي في هذه المرحلة بالذات التي يشهد فيها الوطن ضمورا في منسوب الطائفية على المستوى الشعبي وبروز حالة جديدة من التعشق الوطني الجامع تجلى بوضوح من خلال هبة الشعب العراقي بكافة أطيافه للدفاع عن كرامته وأمنه ومستقبل أطفاله تجاه قوى التكفير الظلامية السوداء التي استباحت ارض العراقيين وعرضهم وأمنهم ومقدراتهم بسبب ممارسات قد لا تبتعد كثيرا عن النفس الذي يوحي به السيد البياتي من خلال اعتذاره..
ولو اردنا ان نقارب بعض التفلتات التي تبدر من بعض المسؤولين وقد تقترب بعض الشيء من تصريح السيد عباس البياتي، فسنكون امام سؤال محدد بشدة الا وهو ما الذي قد يدفع المسؤول العراقي لتقديم استقالته، فالغريب هنا -بل والمستهجن- ان مثل تلك الهزات لم تدفع السيد البياتي –ولا أي مسؤول كبير في الدولة- الى تقديم استقالته من منصبه معتذرا عن عدم تمكنه من اكمال المهمة رغم ان القليل من مثل هذه الاخفاقات-بل وبعضها الاقل-في أي عملية سياسية حقيقية مبنية على اسس الديموقراطية والتداول الطوعي للسلطة والقيادة، كانت قمينة بدفع العديد من العناوين المتصدية لمسؤولية ادارة الدولة إلى الاستقالة من مراكز القيادة، فاسحين المجال امام طبقة جديدة معافاة من ادران التناقضات السياسية المكبلة والمنهكة للجهد الوطني ولتطلعات الشعب العراقي النبيل بالتنمية والنماء والحياة الحرة الكريمة.
فالمسؤولية في الدول الديمقراطية التعددية تعد تكليفا وواجبا قبل ان تكون تشريفا وامتيازا,وهي أمانة كبيرة وخطيرة تبقى في عنق حاملها ويسأل عن ادائها امام الشعب والتاريخ، والمسؤولية هي تفويض محدد من قبل الشعب وليست حقا شخصيا مكتسبا، وهذا ما يوجب-اخلاقيا على الاقل- على الشخص المتصدي لها الى المبادرة الى تقديم استقالته عند الاخفاق في اداء الحد الأدنى من المطالب الوطنية والاجتماعية الملحة، كدليل على شجاعته والتزامه الادبي العالي بالقيم الوطنية واحترامه البالغ للموقع الوظيفي.
لا أوهام لدينا بان مثل هذه الثقافة ما زالت بعيدة المنال في مجتمعنا وخارج اهتمامات طبقتنا السياسية القائدة، خصوصا مع هذا التشابك المؤسف ما بين الفرد والموقع والمسؤولية، وليس هناك من أفق قريب للغد الذي يكون فيه المسؤول في خدمة طموحات الشعب وآماله,فمادام الموقع يمثل القوة والنفوذ والمال، ومادام يشكل العز والرفعة للمسؤول ولكل من يتلصق به، وما دامت ثقة الشعب وتفويضه تتحول بيد المسؤول الى فرصة للاستئثار بفيء الدولة ومقدراتها وتسخيرها لخدمة الاهل والعشير والعصبة والحزب، فستكون الاستقالة.. حتى عند الفشل الاقرب الى الكفر البواح..مجرد عبث لا طائل من ورائه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو